صدر قبل عدة أيام كتاب جديد للصحفي الاستقصائي الأميركي “بوب ودورد”، مفجّر فضيحة “ووترغيت” التي أطاحت بالرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون، وقد أطلق على كتابه الجديد اسم “الحرب”، وكشف فيه تفاصيل مثيرة عن علاقة الرئيس الأميركي جو بايدن مع رئيس الوزراء الـصــهيوني بنيامين نتنياهو، خاصة خلال حرب غزة الأخيرة.
ولكن ما يهم المواطن العربي في هذا الكتاب، ما تم ذكره عن تفاصيل لقاءات وزير الخارجية بلينكن مع بعض الزعماء العرب في جولاته المكوكية المتواصلة للمنطقة منذ “طوفان الأقصى” المجيد، ويمثل في الآتي:
1 ـ في 13 أكتوبر 2023 زار بلينكن الملك الأردني عبد الله الثاني بعمان، فقال له الملك: “قلنا لاسرائيل ألا تفعل هذا، قلنا لهم أن لا يأمنوا حماس، حماس هي جماعة الاخوان المسلمين، يجب على اسرائيل هزيمة حماس. لن نقول ذلك في العلن لكننا ندعم هزيمة حماس…”.
2 ـ في 14 أكتوبر 2023 زار بلينكن أبوظبي والتقى بمحمد بن زايد فقال له: “يجب القضاء على حماس، لقد حذرنا اسرائيل مرارا من ان حماس هي جماعة الاخوان المسلمين، يمكننا ان نمنح الوقت لإسرائيل للقضاء على حماس، ولكن يجب عليها أولا أن تساعدنا لكي نهدئ مواطنينا من صور العنف والدمار في غزة، وذلك بإدخال المساعدات وانشاء مناطق آمنة والسيطرة على عنف المستوطنين في الضفة الغربية. فلتساعدنا اتجاه مواطنينا وسنمنحها المساحة للقضاء على حماس…”.
3 ـ في 14 أكتوبر 2023 زار بلينكن الرياض والتقى أولا بوزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، فقال له: “كان يجب على اسرائيل أن لا تأتمن لحماس، وقد حذرنا نتنياهو من ذلك مراراً، فحماس هي جماعة الاخوان المسلمين. – وهنا عقّب المؤلف “بوب ودورد” قائلاً: هذه العبارة سمعها بلينكن من جميع الزعماء العرب الذين زارهم…”.
وواصل وزير الخارجية السعودي قوله: “الجماعات الارهابية لا تحاول القضاء على اسرائيل فقط، بل تريد الإطاحة بزعماء عرب آخرين، نحن قلقون مما ستخلفه عملية اسرائيل على أمننا جميعا، وما سيأتي بعد حماس قد يكون أسوأ، فداعش جاءت بعد القاعدة وهي أسوء منها، ولن نقوم بدفع دولار واحد لاعادة اعمار غزة بعد الفوضى التي قام بها نتنياهو…”.
وفي صباح يوم 15 أكتوبر 2023 قام بلينكن بمقابلة ولي عهد السعودية محمد بن سلمان بعدما بقوا في انتظاره الى الساعة 8 صباحا – ووصف المؤلف بن سلمان بالطفل المدلل بسبب استيقاظه المتأخر ـ ..”.
فقال لهم بن سلمان: “أريد أن تختفي المشاكل التي أحدثها 7 من أكتوبر. ويجب أن تقوم دولة فلسطينية قبل التطبيع مع اسرائيل، أنا لا أريد ذلك ولكنني احتاجه لتبرير التطبيع، أريد العودة الى رؤية 2030 بالتطبيع مع اسرائيل. يجب ان تكون غزة هادئة أولا لنقوم بالتطبيع مع اسرائيل…”.
4 ـ وقبل عودة بلينكن الى اسرائيل عرج على مصر فالتقى السيسي بالقاهرة، فطلب السيسي من الوفد الأمريكي الخروج ليبقى مع بلينكن بمفردهما، فكان كل كلامه يتمحور حول نقطة واحدة وهي أنه “يريد فقط الحفاظ على السلام مع اسرائيل”.
التقى الوفد المرافق لبلينكن – بعد خروجه من اللقاء بطلب من السيسي – بوزير الخارجية المصري سامح شكري ورئيس المخابرات عباس كامل. فقدم عباس كامل معلومات هامة للوفد الأمريكي عن عمق وامتداد الأنفاق تحت غزة. ووضح لهم أن حركة حماس متحصنة بغزة وسيكون من الصعب القضاء عليها. ويجب على اسرائيل ان لا تدخل لغزة دفعة واحدة، بل يجب ان يكون ذلك على مراحل. وان تترك المجال لقادة حماس بالخروج من الأنفاق قبل أن تقوم بقطع رؤوسهم مرة واحدة…”.
كذلك كشف الكتاب الجديد “أسرار ترامب”، وتفاصيل غضب بايدن من نتنياهو، وقد حظي الكتاب باهتمام واسع خارج العالم العربي، وكان هناك ردود أفعال من ترامب وتوضيحات من روسيا. ففي حين ركّز موقع “الحرّة” الأمريكي في دبي فقط على اتصالات وعلاقة ترامب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وغضب بايدن من نتنياهو، ونشرت وسائل إعلام أمريكية بارزة مقتطفات ومضامين من الكتاب، لم تتطرق وسائل الإعلام العربية لهذا الموضوع لا من قريب أو بعيد، ولم نسمع أي تكذيب أو حتى توضيح لما ورد فيه من فضائح للقادة العرب، وهي التي تعمل في مواضيع تافهة من الحبّة قُبّة، وهل تعتقد أن سياسة “النعامة” والتجاهل ستحول دون انتشار الحقائق الواردة في هذا الكتاب الذي يبدو سيحظى بانتشار عالمي واسع كسائر كتب المؤلف الذي يعتبر من أبرز المطّلعين على خبايا السياسة الأمريكية وساكني البيت الابيض. وقد برز اسمه بعد كشفه وزميله في صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية “كارل برنستين” فضيحة “ووترغيت” المشهورة، والتي أدت لاستقالة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون عام 1974.
