لدى مصر والسلطة الفلسطينية مقترح لـ”اليوم التالي” في قطاع غزة، لكن إسرائيل تتجاهله
” مجرد تشكيل اللجنة من جانب السلطة الفلسطينية، وكجزء من الحكومة الفلسطينية، يمكن أن يفتح الباب أمام قوات دولية، في الأساس عربية. وجزء من هذه الدول، على سبيل المثال، دولة الإمارات التي أوضحت استعدادها للمشاركة في مساعي حماية القطاع، إذا طلبت السلطة الفلسطينية منها ذلك. من العراقيل التي ستواجهها اللجنة الموقف الإسرائيلي المبدئي المعارض لمشاركة السلطة الفلسطينية في إدارة القطاع، والتساؤلات الكثيرة بشأن قدرتها على العمل. لكن مجرد تشكيلها، حتى لو بقيَ الأمر على الورق، سيضع حكومة إسرائيل أمام حقيقة وجود خيار فلسطيني يحظى بتأييد ودعم أميركي وعربي. وهذا قد يسمح بوقف إطلاق النار، ويمنع (حماس) من السيطرة على المنظومة المدنية في غزة“.
تحت العنوان أعلاه نشرت “هآرتس” مقالاً تحليلياً يوم 4/11 الجاري بقلم “تسفي برئيل”، استهله بالقول: “عشية الانتخابات في الولايات المتحدة، تبذل السلطة الفلسطينية جهوداً كبيرة مع دول عربية من أجل وضع الأسس لمخطط (اليوم التالي)، قبل دخول الرئيس الأميركي الجديد إلى البيت الأبيض، ومن خلال طرح بديل عملي لإدارة القطاع. وصل في الأمس رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى القاهرة لحضور قمة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وفي ختام الزيارة التي ستستمر يومين، من المنتظر أن يُصدر عباس مرسوماً رئاسياً ينص على تشكيل لجنة فلسطينية لإدارة شؤون غزة. تشكل هذه القمة استمراراً مباشراً للاجتماع الذي عُقد يوم السبت بين ممثلين من (فتح) ورئيس الاستخبارات المصرية حسن محمد راشد، وشارك فيه نائب عباس محمد العالول ومستشاره محمود الأبرش، وممثلون من (حماس)، الذين وافقوا على تشكيل لجنة مهنية تعمل برعاية الحكومة الفلسطينية، وتأخذ على عاتقها إدخال المساعدات الإنسانية وتوزيعها، وتشغّل معبر رفح من الجانب الغزّي، وتحضّر خطة عمل لإعادة إعمار غزة، بعد وقف إطلاق النار. جرى البحث في تشكيل هذه اللجنة منذ تشرين الأول/أكتوبر، لكن حينها، لم تثمر هذه النقاشات أيّ نتائج. وخلال هذا الوقت، توقفت مصر عن الدفع قدماً بفكرة تشكيل اللجنة، وفي الوقت عينه، نشرت خطة (وقف إطلاق نار قصير)، طرحها الرئيس المصري، وتتضمن إطلاق سراح 4 مخطوفين إسرائيليين، في مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين (لم يُنشر عددهم، أو أسماؤهم)، وخلال هذه الفترة القصيرة من وقف إطلاق النار، تُستأنف المفاوضات بشأن وقف الحرب وصفقة مخطوفين شاملة”.
وأضاف: “رفضت (حماس) المقترحَين، وقال الناطقون بلسانها إن وقف إطلاق النار لمدة قصيرة وتحرير عدد محدود من المخطوفين لن يمنعا إسرائيل من استئناف الحرب، ولا يمكن التوصل إلى صفقة من دون الاتفاق على وقف الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع. أمّا فيما يتعلق بلجنة إدارة الشؤون المدنية والإنسانية في غزة، فقد أصرّت (حماس) على أن تُشكَّل في البداية حكومة تكنوقراط، تأخذ على عاتقها مسؤولية إدارة القطاع. والغرض من هذا الموقف، الذي أيّده يحيى السنوار، ضمان مكانة لـ(حماس) بصورة رسمية، ومعترف بها في الحكومة الفلسطينية. الآن، يبدو أن (حماس) أكثر مرونةً في موقفها، وهي مستعدة للموافقة على تشكيل (لجنة إدارة) ضمن إطار الحكومة الفلسطينية الموجودة برئاسة محمد مصطفى، الذي عيّنه محمود عباس في منصبه في نيسان/أبريل. هذا التعيين الذي قُدم كجزء من الإصلاحات التي ستقوم بها السلطة، وفق المخطط الذي طالبت به الإدارة الأميركية، لم يكن مقبولاً من (حماس) في ذلك الحين. والآن، تطالب الحركة بتشكيل اللجنة بمرسوم رئاسي يُصدره محمود عباس كرئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية. كما تطالب (حماس)، لاحقاً، بتشكيل إطار موحد لممثلي الشعب الفلسطيني، منظمة تحرير فلسطينية مجددة، تضم كل الفصائل الفلسطينية، وبينها (حماس). هذه المطالب هي استمرار للاتفاق الذي جرى التوصل إليه في الاجتماع الذي شارك فيه 14 فصيلاً فلسطينياً في تموز/يوليو في بيجين، حيث جرى إعلان المصالحة بين الفصائل والاستعداد للعمل المشترك. لكن منذ ذلك الوقت، لم تتوقف الخلافات بين (حماس) و(فتح)… قال مصدر رفيع المستوى في (فتح) لـ(هآرتس) أمس، إن تشكيل لجنة إدارية، إذا شُكلت فعلاً، هي (مرحلة أولى فقط، والاختبار الفعلي هو عندما سيُطلب من إسرائيل الموافقة على عمل هذه الإدارة في غزة والسماح لأعضائها بالوصول إلى القطاع، والبدء بمعالجة الموضوعات الإنسانية الملحة). واستناداً إلى كلامه، أعطت الولايات المتحدة موافقتها المبدئية على الخطوة، وكذلك دول عربية مؤثرة، مثل السعودية والإمارات اللتين تؤيدان الفكرة. وأضاف: (لكننا ندرك جيداً تطلعات حكومة نتنياهو اليمينية للسيطرة على غزة وقتاً طويلاً، وتجديد المستوطنات اليهودية في القطاع). أمّا بالنسبة إلى تغيُّر موقف (حماس) حيال اللجنة، فقال العضو في (فتح): (إن قيادة (حماس) في الخارج هي التي تتخذ القرارات السياسية منذ مقتل السنوار، والآن، هي مشغولة بالحفاظ على مكانتها كحركة وتنظيم سياسي)، وبحسب المصدر، تدرك قيادة (حماس) أنه من أجل استعادة شرعية الحركة (ليس أمامها سوى خيار الانضمام إلى منظمة التحرير الفلسطينية، والشراكة مع فتح، وهذه المرة، في ظل ظروف أصعب من الظروف التي فرضتها في الماضي). وأضاف مصدر إسرائيلي مطّلع على الاتصالات مع مصر، أن الخطوة الفلسطينية بُحثت في الاجتماع الذي عُقد في الشهر الماضي بين رئيس الشاباك رونين بار ورئيس الاستخبارات المصري. كما بُحث الموضوع بالتفصيل في الاجتماع الذي عُقد في الأسبوع الماضي بين الرئيس المصري ورئيس السي آي إي وليام بيرنز. وبحسب المصدر، تدلّ وتيرة التطورات، منذ يوم الخميس، على أن السيسي وعباس حصلا على الضوء الأخضر من واشنطن من أجل الإسراع في تشكيل اللجنة كحلّ مباشر للحاجة الملحة إلى استمرار وصول المساعدات الإنسانية التي تقلّص حجمها بصورة دراماتيكية في الأسابيع الأخيرة، ومن أجل كبح تنفيذ (خطة الجنرالات) في شمال القطاع. وضمن هذا الإطار، فإن تشكيل اللجنة ضروري للسماح بإعادة فتح معبر رفح الذي أغلقته مصر في أيار/مايو الماضي، عندما سيطرت إسرائيل عليه وعلى محور فيلادلفيا، وكانت مصر اشترطت إعادة عمل المعبر بأن يكون تحت سيطرة قوة فلسطينية”.
وختمت بالقول: “إذا جرى الاتفاق على تشكيل اللجنة، فسيكون من الضروري حلّ مسائل تقنية كثيرة يمكن أن تعرقل عملها، أهمها: هل وقف إطلاق النار هو شرط لتشكيل اللجنة؟ وما زال من غير الواضح مَن الذي يضمن عمل أعضاء اللجنة، ومَن هي القوة التي سترافق شاحنات المساعدات، ومَن سيكون مسؤولاً عن التوزيع؛ بافتراض أن اللجنة لن تقبل العمل تحت إشراف الجيش الإسرائيلي، كيف سيتم فحص البضائع التي ستدخل إلى القطاع؟ من جهة أُخرى، إن مجرد تشكيل اللجنة من جانب السلطة الفلسطينية، وكجزء من الحكومة الفلسطينية، يمكن أن يفتح الباب أمام قوات دولية، في الأساس عربية. وجزء من هذه الدول، على سبيل المثال، دولة الإمارات التي أوضحت استعدادها للمشاركة في مساعي حماية القطاع، إذا طلبت السلطة الفلسطينية منها ذلك. من العراقيل التي ستواجهها اللجنة الموقف الإسرائيلي المبدئي المعارض لمشاركة السلطة الفلسطينية في إدارة القطاع، والتساؤلات الكثيرة بشأن قدرتها على العمل. لكن مجرد تشكيلها، حتى لو بقيَ الأمر على الورق، سيضع حكومة إسرائيل أمام حقيقة وجود خيار فلسطيني يحظى بتأييد ودعم أميركي وعربي. وهذا قد يسمح بوقف إطلاق النار، ويمنع (حماس) من السيطرة على المنظومة المدنية في غزة“.