
منظمة الصحة العالمية تمد مستشفيات في قطاع غزة بالوقود لإنقاذ المرضى هناك
“ الظروف في غزة لا تزال صعبة والعمليات معقدة. شارع صلاح الدين أصبح شاهدًا على لحظات الفرح التي عاشها هؤلاء الذين عادوا إلى ديارهم بعد أكثر من 15 شهراً من المعاناة. كان هذا المشهد مشحونًا بمشاعر الفرح الغامرة. الحرب أخذت منهم كل شيء؛ فقدوا منازلهم وأقاربهم وأصدقائهم، ولكن الأمل بالله كان رفيقهم طوال الوقت. العودة إلى منازلهم لم تكن مجرد العودة إلى مكان سكنهم، بل كانت استعادة جزء من هويتهم وحياتهم. الحرب قد أخذت منهم الكثير، لكنها لم تتمكن من كسر إرادتهم. غزة، رغم الدمار، ما زالت صامدة، وهم يعودون إليها ليبنوا حياتهم من جديد. أمامهم مشوار طويل، لكنهم مقتنعون أن الله سيرزقهم حياة أفضل، مثلما رزقهم بفرصة العودة. في النهاية، لا يسعهم إلا الدعاء: “الله يرحم الشهداء، ويصبرنا على المصاب”، وهم يواصلون السير نحو ديارهم، حاملين في قلوبهم أملًا جديدًا في المستقبل”.
بعد معاناة طويلة بدأ سكان قطاع غزة يحصلون على المساعدات التي ربما تعيد لهم الحياة بعد أشهر من الجوع والحرب والدمار. منظمة الصحة العالمية أعلنت تكثيف مساعداتها للقطاع عبر توزيع وقود ومعدات طبية وأدوية لعلاج عشرات آلاف الأشخاص الذين يعيشون في ظروف صحية بائسة منذ أشهر. وكشف المدير العام للمنظمة عن تقديم موارد كافية لتزويد 50 مريض بالرعاية الخاصة بالأمومة وعلاج الصدمات وسوء التغذية والأمراض غير المعدية، ولتحسين الوقاية من العدوى في المرافق الصحية. ورغم ذلك أكد المسؤول الأممي أن الظروف في غزة لا تزال صعبة والعمليات معقدة. وبعد 15 شهرا من القصف الإسرائيلي المكثف والمتواصل على القطاع أتاحت الهدنة توفير 70 ألف لتر من الوقود وهو ما يكفي لتزويد 20 مركزا صحيا ومستشفى تعمل بشكل جزئي، وسيارات الإسعاف في مدينة غزة وذلك بحسب بيانات أممية. وبالإضافة إلى سيارات الإسعاف فإن الوقود مخصص لمولدات الكهرباء في المراكز الصحية المحرومة من التيار الكهربائي، كما أوصلت منظمة الصحة العالمية إمدادات طبية من مخزوناتها في غزة إلى ست مستشفيات ومرافق طبية وإلى واحد وعشرين فريقا مخصصا للطوارئ في شمال وجنوب القطاع. في الأثناء قالت الأمم المتحدة أن أكثر من 4000 و200 شاحنة مساعدات دخلت إلى قطاع غزه منذ بدء وقف اطلاق النار و ذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن630 شاحنة دخلت يوم الأحد 915 يوم الاثنين و897 يوم الثلاثاء و 808 يوم الأربعاء و653 الخميس، بينما دخلت339 شاحنة مساعدات يوم الجمعة. وينص اتفاق وقف اطلاق النار على دخول 600 شاحنة مساعدات يومياً إلى قطاع غزة خلال المرحلة الأولى من وقف اطلاق النار التي تستمر ستة أسابيع، منها 50 شاحنة محملة بالوقود ومن المفترض توجه نصف هذه الشاحنات إلى شمال غزة حيث حذر خبراء من حدوث مجاعة وشيكة.
فرحة العودة إلى شمال قطاع غزة عبر شارع صلاح الدين
في شارع صلاح الدين، الذي شهد تدفق العديد من المركبات، وصل النازحون إلى مناطقهم بعد غياب طويل. هذا الشارع، الذي كان مخصصًا لدخول النازحين من جنوب قطاع غزة إلى شماله، أصبح شاهدًا على لحظات الفرح التي عاشها هؤلاء الذين عادوا إلى ديارهم بعد أكثر من 15 شهراً من المعاناة. محور نيتساريم، الذي كان محرمًا على الفلسطينيين في السابق، أصبح اليوم بوابة العودة. كان هذا المشهد مشحونًا بمشاعر الفرح الغامرة، حتى أن أحد النازحين قال إن الـ 15 شهرًا التي قضاها في النزوح كانت أشبه بـ 15 سنة من المعاناة والصبر. لكنه، ومع لحظة العودة، كان في قمة السعادة: “لا أستطيع أن أصف مشاعري من شدة الفرح”.
الحرب أخذت منهم كل شيء؛ فقدوا منازلهم وأقاربهم وأصدقائهم، ولكن الأمل بالله كان رفيقهم طوال الوقت. العودة إلى منازلهم لم تكن مجرد العودة إلى مكان سكنهم، بل كانت استعادة جزء من هويتهم وحياتهم. رحلوا عن أهلهم وأصدقائهم وعيشتهم، وفي كل خطوة كانوا يحملون أملًا خفيًا في قلبهم بأن العودة قريبة رغم صعوبة الواقع، ورغم الظروف المعقدة. العديد منهم كانوا فاقدين الأمل، لكن وقف إطلاق النار الذي تم بعد مفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي فتح أمامهم أبواب العودة.
لحظات العودة كانت بمثابة معجزة بالنسبة للكثيرين، خاصة أن هذا الطريق كان تحت سيطرة الآليات العسكرية الإسرائيلية في السابق، وكان الوصول إليه مستحيلاً. لكن مع انكسار هذه الحواجز، شعر النازحون بأن الله قد استجاب لدعواتهم. وعلى الرغم من التحديات والصعوبات، من ازدحام المركبات وتأخرها بسبب الوضع الأمني، كانت مشاعر العودة تفوق كل شيء. “كنت في كل صلاة أدعو أن أعود، وعندما وصلنا لم أصدق”، قال أحدهم مؤكدًا إيمانه بقدرة الله على تغيير الواقع.
الشوارع التي كانت محظورة أصبحت الآن مليئة بالحياة، والنازحون يمرون عبرها ببطء، وكأنهم يحققون حلمًا كان يبدو بعيدًا جدًا. هذا المشهد كان لا يمكن تصوره قبل سنوات، ولكن مع تضافر الجهود ووقف إطلاق النار، تحول الحلم إلى حقيقة. الحرب قد أخذت منهم الكثير، لكنها لم تتمكن من كسر إرادتهم. غزة، رغم الدمار، ما زالت صامدة، وهم يعودون إليها ليبنوا حياتهم من جديد.
أمامهم مشوار طويل، لكنهم مقتنعون أن الله سيرزقهم حياة أفضل، مثلما رزقهم بفرصة العودة. في النهاية، لا يسعهم إلا الدعاء: “الله يرحم الشهداء، ويصبرنا على المصاب”، وهم يواصلون السير نحو ديارهم، حاملين في قلوبهم أملًا جديدًا في المستقبل.