صحافة وآراء

موسم الحج إلى بيت الكاظمي!

هادي جلو مرعي

عجيب أمر النخب السياسية العراقية فهي من استوعب صدمة تشرين بترشيح مصطفى الكاظمي ليتولى منصب رئيس مجلس الوزراء، وهي التي سمحت لمن يعمل في ظلها بمهاجمته لمئات المرات، وهي التي سمحت لجيش المحللين السياسيين الممولين منها لشتمه، وتقزيمه، ووصفه بالعميل، بل وهي من روج لفكرة أنه جزء مهم من داعمي جرائم دونالد ترامب، وصار الكاظمي وحكومته هدفاً معلناً لمحاولات التسقيط والتسفيط والتنطيط والتثبيط والتعبيط والتلبيط، حتى إذا غادر منصبه، وغادر العراق، وظهر بالكرافتة على الطريقة المصرية في بعض المناسبات، ومنها حفل زواج ملكي في العاصمة الأردنية عمان لوحق بإتهامات الفساد هو وفريقه السياسي والإعلامي.. أحدهم قال لي: إن بعض الإعلاميين من فريقه أخذوا ما لذّ وطاب من الدولارات، وهو كلام لا دليل عليه، ولا يصمد أمام غياب البرهان، وتجشم البعض عناء الدعوة إلى اعتقاله، وإصدار أوامر القبض عليه، علماً أن بارزين كانوا يقفون قريبا منه يوم تكليفه مباركين ومهنئين وداعمين!

فجأة عاد مصطفى الكاظمي تحت شعار (يا هلا بالغالي) وذهب إلى بيته، وحظي باستقبال شبه أمني إحتفالي، ثم اشتعلت المساحات الإعلامية والتحليلية في الحديث عنه، وعن سبب عودته، ورأى بعض العباقرة أنه جاء ليستخدم من قبل قادة الإطار الغيرانين من السوداني ليكون بعبع المرحلة المقبلة، وربما تم تكليفه سراً بردم الأنفاق التي اشتغل عليها السوداني، وهدم المجسرات التي كثرت في بغداد، وخربت أحمر الشفاه على شفتيها، وتحطيم بعض الجسور الجديدة على نهر دجلة، وهدم الأبراج التي أخذت تتناسل في عهده، وكذلك بعض المشاريع كالمستشفيات والشوارع، وما يقوم به الجهد الخدمي من تعبيد لشوارع الأحياء الفقيرة، وبناء لمجمعات ومدن جديدة.

عباقرة آخرون يرون أنه جاء ليقود الإنقلاب، ويسقط النظام السياسي، ويضع قادته في السجون، ويقوم بإصلاح الوضع العام في البلاد، ومحاربة الفساد مع أن الرجل كغيره من قادة العراق لم ينجح في تلك الحرب التي أكلت الأخضر واليابس، وجعلت العراق في مقدمة قائمة الدول الأكثر فساداً، بل المتفردة به.

ما يثير الإنتباه إن الكاظمي يبدو للسذج أمثالي قد نجح في نثر بذور الخوف في نفوس القائمين على النظام السياسي، وجرت زيارات مكثفة إلى منزله تقوم بها زعامات حزبية ونواب ووزراء ورجال دين وشخصيات نافذة في الدولة، ولم يبق أحد لم يزره بإستثنائي لعلي أحظى بسر من أسرار عودته الظافرة، وربما سمعنا أنه عاد لحضور محاكمة دفاعاً عن نفسه ليخرج بريئاً من التهم الموجهة إليه..

إنه موسم الحج إلى بيت الكاظمي!
إن شاء الله يصير عندي بيت مثل سياسيي العراق، وأغادر السكن في الحواسم…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى