
لقد تمّ اختطافهم: الكيان الصهيوني يعتدي على سفينة “مادلين” في المياه الدولية
ريم حسن خليل
في وجه الحصار، أبحرت “مادلين”. لم تكن مجرد سفينة عادية، بل صوتاً حراً يصرخ في وجه الإبادة، ووجهاً إنسانياً يتحدى سطوة الاحتلال وأنياب الصمت الدولي. انطلقت من ميناء كاتانيا الإيطالي تحمل رسائل حياة إلى غزة المحاصرة منذ أكثر من 17 عاماً، ومضت كواحدة من شرايين “أسطول الحرية”، الذي لطالما شكل رمزاً للمقاومة المدنية العالمية.
اثنا عشر مناضلاً من جنسيات متعددة، كانوا على متن السفينة. لم يحملوا سلاحاً سوى كلمة الحق في وجه عدوان جائر، وأدوية وغذاء ومعدات طبية، حاملين في قلوبهم إيماناً بعدالة القضية، وفي أعينهم وضوح الطريق: إلى غزة، رغم أنف الاحتلال.
لكن “مادلين” لم تصل! يد الإرهاب الإسرائيلي امتدت إلى عرض البحر واختطفت السفينة في قرصنة علنية، خارقة كل الأعراف والمواثيق الدولية. ما جرى لم يكن اعتراضاً بحرياً عادياً، بل جريمة موصوفة، جرت في المياه الدولية، حيث لا ولاية قانونية للاحتلال، ولا شرعية لأي تدخل عسكري. إن اقتحام سفينة مدنية في عرض البحر، واحتجاز طاقمها ومحتوياتها، يعد انتهاكاً صارخاً لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وخرقاً مباشراً لحق الملاحة الحرة الذي يكفله القانون الدولي لكل السفن المدنية.
إنها ليست حادثة عابرة، بل جريمة مكتملة الأركان، تفضح من جديد الوجه العاري للاحتلال، وتكشف هشاشة المنظومة الدولية التي تبارك بقاء الظالم وتجرّم من يحاول كسر القيود.
من بيروت إلى القدس، ومن نابلس إلى كاتانيا، يعرف أحرار العالم أن اختطاف “مادلين” لن يُسكت صوت الحرية. فكل سفينة تُحتجز، تُطلق آلاف الأصوات. وكل ناشط يُختطف، يُولد خلفه جيل جديد من المؤمنين بعدالة فلسطين.
“مادلين” ليست النهاية، بل فصل جديد في معركة لا تهدأ، فيها البحر جبهة، والميناء مقاومة، وكل من حمل رغيفاً لغزة… مقاوم.