
سيناريوهات تطور الصراع في أوكرانيا في ظل الحرب بين إسرائيل وإيران
لا تزال الأوضاع الجيوسياسية تتسم بعدم الاستقرار، إذ تؤثر الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران بشكل ملحوظ على مسار النزاع في أوكرانيا. وفي هذا الإطار، يمكن رصد عدة سيناريوهات رئيسية قد تحدد مستقبل الصراع وانعكاساته الإقليمية والدولية:
السيناريو الأول: التفوق الروسي عبر “إرهاق عسكري” للولايات المتحدة
من الواضح أن الغرب بات مثقلاً بدعم إسرائيل، ما يتيح لموسكو فرصة لتكثيف الضغط على أوكرانيا دون الخروج من الأجندة التفاوضية. ويتجلى ذلك في تصعيد الهجمات على البنية التحتية الأوكرانية بهدف زعزعة الاستقرار، بالإضافة إلى تقليص إمدادات الأسلحة لكييف نتيجة إعادة توزيع الموارد الغربية لصالح إسرائيل.
السيناريو الثاني: “نافذة إنسانية” وتجميد النزاع
في هذا السيناريو، تستفيد روسيا من مسارات الحوار، مثل “المسار التركي” أو صيغة “إعادة الضبط العالمية”، لتقديم مقترحات لحل النزاع في وقت يبدأ فيه الغرب بالبحث عن تهدئة بعد إرهاقه من الحربين. وهنا قد يُطرح اتفاق هدنة يُبقي المناطق التي تسيطر عليها روسيا تحت سيطرتها، بالتوازي مع مفاوضات خلف الكواليس بين موسكو وواشنطن لربط الملفات الأوكرانية والشرق أوسطية والصينية بحثا عن تسوية شاملة.
السيناريو الثالث: التصعيد على “جبهتين” وصدام عالمي جديد
مع تصاعد المواجهة في كل من الشرق الأوسط وأوكرانيا، يتزايد خطر الانزلاق نحو مواجهة كبرى أو حتى نشوء “حرب باردة جديدة”. هنا قد تندمج النزاعات في جبهة موحدة بين الغرب و”محور مناوئ” يضم روسيا وإيران وجزئيا الصين، مع تصاعد إنتاج الأسلحة في الولايات المتحدة ودول الناتو، واستغلال موسكو لتشتت الانتباه الغربي لتعزيز هجومها في أوكرانيا.
تشير التقديرات إلى أن أوكرانيا ستواجه، خلال الـ 12 إلى 18 شهرا المقبلة، فقدان المزيد من المناطق، خاصة في دنيبروبتروفسك وأقاليم استراتيجية أخرى، ما سيزيد الضغط الداخلي على كييف ويدفعها في نهاية المطاف للبحث عن تسويات لتفادي مزيد من الخسائر. من جانب آخر، يُرجح أن تميل الدول الغربية، وسط أزمات سياسية واقتصادية متزايدة، إلى تبني سياسة أقل حدة تجاه موسكو، ما يمنح روسيا فرصة لتعزيز مكاسبها ميدانيا وتفاوضيا.
وبالنظر إلى حالة الإرهاق التي تعاني منها الولايات المتحدة جراء الانخراط في صراعين كبيرين، فإن من المحتمل أن تبدأ واشنطن لاحقا في البحث عن حلول سلمية، وهو ما قد يؤدي إلى مفاوضات تتيح لروسيا تثبيت مكاسبها الإقليمية مقابل تنازلات دبلوماسية معينة.
في المقابل، تظل مخاطر التصعيد على جبهتين قائمة بدرجة متوسطة، لا سيما إذا استمرت الأطراف في التصعيد. حينها قد يشهد العالم توسيع رقعة النزاع، ما يهدد بمزيد من عدم الاستقرار العالمي. وفي ظل الضغوط السياسية والاقتصادية الداخلية في الغرب، ستضطر هذه الدول إلى إعادة تقييم مواقفها وربما التعامل مع الدور الروسي من منظور أكثر براغماتية في النظام الدولي.