• إسرائيل بدأت بقلب ظهر المِجَنّ بعد أن وافقت حماس على المقترح المصري القطري بوقف إطلاق النار
يبدو أن إسرائيل بدأت تدفع الأمور نحو مزيد من القتل والعنف الدموي حيث أعلنت أن المقترح الذي وافقت عليه حماس لا يلبي مطالبها، وبالتالي بدأت عمليا بالاقتحام الذي هددت به، وأشارت آخر المعطيات إلى أن الدبابات الإسرائيلية باتت على مقربة من معبر رفح مع مصر، ويرجح أنها بوادر عملية اقتحام قد تتوسع تدريجيا وتسفر عن ضحايا بأعداد هائلة، فقد ازدادت الغارات الجوية على رفح، فيما استهدف القصف المدفعي محيط معبري رفح وكرم أبو سالم وحي السلام والجنينة، وطال القصف الجوي حي التنور داخل رفح كتمهيد أولي للهجوم الذي لاحت بوادره العملية عبر عمليات محددة في البداية كما يبدو.
وتشير بعض المعطيات إلى تزايد القصف الإسرائيلي المركز وحدوث بعض الاشتباكات مع عناصر حماس ما قد يدفع إلى موجات هجرة ونزوح كبيرة مع استمرار القصف ولا يستثنى الدخول إلى رفح التي فيها أكثر من مليون ساكن ونازح.
فقد أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن الورقة المصرية المعدلة التي وافقت حماس عليها تختلف عن تلك التي صادقت عليها إسرائيل، والأكثر من ذلك أن وسائل الإعلام الإسرائيلية نقلت عن مصدر في مجلس الحرب الإسرائيلي قوله: أن بيان حماس مجرد محاولة تضليلية لتصوير تل أبيب بأنها متشددة متعنتة.
أما رويترز فقالت نقلا أيضا عن مسؤول إسرائيلي أن المقترح الذي وافقت عليه حماس يتضمن استنتاجات بعيدة المدى لا توافق عليها إسرائيل، وكذلك يشمل تنازلات لا ترضى بها إسرائيل، ومع ذلك تقوم تل أبيب بدراسة الرد الرسمي الذي تسلمته من حماس.
في حين أكدت صحيفة هآرتس الإسرائيلية نقلا عن مصادر دبلوماسية إسرائيلية أن المقترح الذي وافقت عليه حركة حماس يشابه إلى حد كبير المقترح الذي وافقت عليه إسرائيل، بل هو مطابق في الجوهر للمقترح المصري، فهل يعني هذا التناقض أن الحكومة الإسرائيلية متخبطة بين أمرين إما الاستفادة من هذه الفرصة، أو التوجه نحو الحل العسكري في رفح؟
والواقع أن أهالي الأسرى الإسرائيليين استبشروا خيرا، واعتبروا أن الوقت المناسب قد آن لإجراء تبادل الأسرى محذرين من أن إفشال ذلك قد يستدعي احتجاجات واسعة يمكن أن تحرق البلد حسب تصوراتهم، وعبَّر النازحون في مدينة رفح عن فرحتهم ببيان حماس لعله يخفف من معاناتهم الكارثية.
وقد وافقت حماس على المقترح المصري القطري بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وأعلنت أنها أبلغت الوسطاء بقرارها هذا، وأصدرت الحركة بيانا أعلنت فيه أن إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اتصل هاتفيا برئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وكذلك مع وزير الاستخبارات المصرية السيد عباس كامل، وأبلغهما موافقة الحركة على مقترح وقف إطلاق النار، ونوه طاهر النونو المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس بأن الموافقة كانت على وقف إطلاق النار وإعادة الإعمار وعودة النازحين وتحرير الأسرى.
ومع ذلك وجه الجيش الإسرائيلي أوامره إلى السكان والنازحين الموجودين في المناطق الشرقية من رفح، وكذلك في أقصى جنوب غزة إلى مغادرتها، وقد بدأ الآلاف من النازحين والأهالي بالمغادرة بالفعل باتجاه الغرب، وجرى توزيع مناشير تحتوي على هذه التعليمات، وتم بثها عبر أجهزة الإعلام العبرية مع الإعلان بأن الجيش الإسرائيلي سيتابع مهمته بالقضاء على حماس، وأن المسؤولين الإسرائيليين أبلغوا مصر ببدء عملية إجلاء السكان واللاجئين من مدينة رفح، ما دفع بالخارجية المصرية إلى التحذير من مخاطر العملية العسكرية المحتملة في رفح كونها تهدد عمليا أكثر من مليون إنسان، وكذلك دعت دول أخرى المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري لمنع الإبادة الجماعية في رفح.
كما أثارت الإجراءات الإسرائيلية التي توحي بالاستعداد لاجتياح مدينة رفح بين ساعة وأخرى حفيظة معظم بلدان وشخصيات العالم بمن فيهم أولئك الذين يناصرون إسرائيل تقليديا، حيث حذر وزير الخارجية الأمريكي بلينكن من الهجوم الكبير المحتمل على رفح، مشددا على أن إسرائيل لم تقدم بعد خطة لحماية المدنيين، بمعنى أن واشنطن ليست ضد الهجوم في حال تم ترحيل المنيين، وأشارت تقارير أمريكية في وقت سابق إلى أن واشنطن طلبت من دولة قطر طرد قيادة حركة حماس من أراضيها في حال رفضت الموافقة على مشروع وقف إطلاق النار، ما دفع إلى ظهور اقتراحات محددة لنقل مقر قيادة حماس إلى الأردن أو تركيا وحتى اليمن.
وحذر جوزيب بوريل مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي من اقتحام إسرائيل لرفح، وتهجير سكانها ما يعني المزيد من القتل ومزيد من الحرب والمجاعة، وأن على إسرائيل أن تتراجع عن نواياها هذه مطالبا المجتمع الدولي التحرك لمنع مثل هذا السيناريو.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي غالانت قد طالب رئيس الحكومة الإسرائيلية قبل ذلك بالموافقة على المقترح المصري باعتباره صفقة جيدة ولكونه فرصة لاستعادة الرهائن، وحسب بعض التسريبات تشمل المرحلة الأولى إطلاق سراح ما بين 20 و 33 رهينة، ولكن ليس دفعة واحدة بل على مدى عدة أسابيع، وبالمقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، وتشمل المرحلة الثانية استعادة الهدوء المستدام.
في غضون ذلك يشير بعض المدققين للمواقف العربية إلى أن أنصار الله في اليمن يقصفون السفن التي تتوجه لدعم إسرائيل بالمواد المختلفة، وتمكنوا من إعاقتها إلى حد كبير، وبوقت متزامن كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن افتتاح مجال واسع جديد للشحن البحري بين مصر وإسرائيل عبر شركة “ميدكون لاينر”، حيث افتتحت خطين جديدين: الأول سيعمل بين ميناء “رافينا” الإيطالي إلى ميناء الإسكندرية في مصر وأشدود وحيفا في إسرائيل، أما الخط الآخر فهو خط مباشر بين موانئ مصر وإسرائيل، وأن سفن الحاويات ستعمل على كلا الخطين من مصر وإسرائيل على حد سواء.