مقابلة السيد ميخائيل بوغدانوف
نقلا عن موقع التيار العربي المستقل
قال مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، في لقاء أجرته معه قناة RT Arabic على برنامج” قصارى القول” للإعلامي سلام مسافر، أن ما يجري في غزة هو نتيجة الاخفاق في التسوية التي اشتغلت عليها الدبلوماسية الروسية منذ عقود.
وشرح بوغدانوف المحطات التاريخية للدور الروسي في محادثات ومفاوضات السلام بين الفلسطينيين والعرب من جهة، والإسرائيليين من جهة أخرى، مستعرضاً من خلال تواجده بشكل شخصي الجهود الروسية منذ الاعتراف بدولة فلسطين وافتتاح سفارة لها في موسكو مروراً بمؤتمر مدريد وأنابولس اللذين تضمنتا إمكانية عقد مؤتمر دولي للسلام في موسكو متى تهيأت الفرصة لذلك.
وأكد بوغدانوف، أن روسيا تدعم المفاوضات إذا كانت بهدف واضح وهو إنشاء دولة فلسطينية كموقف مبدئي لسياسة الاتحاد الروسي، وهو موقف ثابت منذ الاتحاد السوفياتي.
وحول طبيعة المبادرة البحرينية ومؤتمر المنامة الأخير، قال بوغدانوف، إن القمة كانت مهمة لقادة الدول وهو الاجتماع الثالث والثلاثين، وأظن حقاً أنه كان بناء للغاية، فكل الاعضاء في الجامعة العربية كانت ممثلة، وتبادلنا مع السيد أحمد أبو الغيط الذي تبادلنا معه الحديث.
وحول قمة المنامة قال بوغدانوف، اتقدم بالشكر الجزيل اولاً وقبل كل شيء لقيادة مملكة البحرين على دعوتهم كضيف ومهمتي كانت تسليم رسالة شخصية وتحية وتمنيات بالنجاح من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقد قمت بذلك بكل سرور في لقاءات منفصلة مع ملك البحرين حمد بن خليفة آل خليفة وزير الخارجية عبد اللطيف الزياني، وبطبيعة الحال قدمنا نسخة منها للأمين العام لجامعة الدول العربية، وتم ذكر هذا في القمة حيث تمت الإشارة إلى ذكر الرسالة الترحيبية في القمة من الزعيم الروسي والتي قوبلت بارتياح كبير.
وأضاف بوغدانوف، إن الرسالة تشير إلى الصداقة التقليدية بين روسيا والدول العربية والشعوب العربية، كما تسلط الضوء على النقاط الأساسية التي يمر بها العالم العربي والعلاقات الدولية في الوقت الحالي، وأولاً وقبل كل شيء احتدام الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وتفاقم الوضع في غزة وهو ماكان محور النقاش الأساسي ومداخلات المشاركين في قمة الجامعة العربية في المنامة.
وقال بوغدانوف، كما تعلمون تم التوصل إلى بيان ختامي بالإجماع يُعرف ببيان المنامة والذي نراه متوازناً للغاية من حيث الشكل والمضمون، ويعكس البيان أهم القضايا التي تهم العالم العربي وعلى رأسها القضية الفلسطينية والقضايا الأخرى والوضع في بؤر الصراع في المنطقة مثل السودان واليمن وبعض النقاط الأخرى التي تقلق أصدقائنا العرب ونشعر بمعاناتهم.
وأضاف بوغدانوف، أشير هنا إلى أن جميع الدول العربية تقريباً كانت ممثلة في هذه القمة بأعلى المستويات، وهنا لابد لأن اذكر بشكل خاص مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد بالإضافة إلى رؤساء الدول الاخرى.
وتابع بوغدانوف، كانت هذه فرصة أولاً للاستماع إلى قادة دول العالم العربي، وبالطبع لإجراء اتصالات ثنائية على هامش القمة، وهو ما كان شرف لي شخصياً ومفيداً ومثيراً للاهتمام للغاية، كما اتيحت الفرصة لمناقشة العلاقات الثنائية مع عددٍ من الدول خلال هذه الاجتماعات، وذلك من خلال التواصل مع قادة تلك الدول.
وأكد بوغدانوف، نعتقد بشكل عام كانت ناجحة وبهذه المناسبة نهنئ أصدقائنا العرب وخاصة أصدقائنا في البحرين وكان لدي لقاء خاص مع ملك البحرين، حيث قدمت له التهنئة أيضاً بمناسبة النجاح الباهر لهذه القمة.
وقال بوغدانوف، في أعقاب هذا اللقاء العام على مستوى القادة قام جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بزيارة رسمية إلى موسكو واستقبلناه، وأعني هنا القيادة الروسية والرئيس بوتين، ليس فقط بصفته زعيم مملكة البحرين وملكها بل كذلك كرئيس لجامعة الدول العربية، وقد انتقلت رئاسة الجامعة إليه من المملكة العربية السعودية، لذلك أن ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء السعودي محمد بن سلمان قد سلمه مهام رئاسة جامعة الدول العربية، لذا ستكون مملكة البحرين ممثلاً للعالم العربي بأسره في الاتصالات الدولية خلال العام المقبل، ولكن الزيارة نفسها كانت ذات أهمية كبيرة أيضاً، وكما ذكر الرئيس بوتين فلم يجتمعوا شخصياً منذ عام 2016 رغم أنهم تحدثوا هاتفياً عدة مرات بما في ذلك هذا العام، وبالطبع قد هنأ الملك رئيسنا بإعادة انتخابه لرئاسة دولتنا.
وأضاف بوغدانوف، لقد اتاحت هذه الزيارة فرصة أخرى لإجراء بحث شامل لعلاقاتنا مع البحرين وتعزيز الأساس القانوني لتعاوننا، وتم توقيع حزمة كاملة من الوثائق الثنائية الهامة حول التعاون والشراكة في مختلف المجالات بما في ذلك الصحة والنقل والعلاقات التجارية والاقتصادية، أعتقد أن هذه النتائج الملموسة لهذه المفاوضات التي جرت في نطاق ضيق وأوسع بحضور وزرائنا.
وحول المقترح في القمة بإرسال قوات عربية دولية إلى غزة، ومدى واقعيته، قال بوغدانوف، أشك في هذا الأمر لأنني أعتقد أن الكثير يعتمد بالطبع على موقف الفلسطينيين أنفسهم، ولقد عقدت اجتماعاً منفصلاً مع رئيس دولة فلسطين السيد محمود عباس، وكان حواراً ودياً وبناءً جداً على هامش القمة في المنامة، وكما تعلمون نحن ننتظر زيارة الرئيس محمود عباس إلى موسكو، وأعتقد أن هذه الزيارة ستتم قريباً، في الحقيقة كان من المفترض أن تتم هذه الزيارة في خريف العام الماضي ولكن لأسباب متعددة وبناء على طلب الجانب الفلسطيني، نظراً للوضع في قطاع غزة قمنا بتأجيلها عدة مرات، ولا أعتقد أن هذا الخيار سيرضي العرب والفلسطينيين، لكن سنرى ماذا سيحدث.
وتابع، أود العودة إلى أفكار المبادرة التي طرحها أصدقائنا في البحرين لعقد مؤتمر دولي، لقد أكدنا على ذلك وفي المرة الأخيرة عندما كان هنا جلالة الملك تحدثنا حول هذا الموضوع، ونحن ندعم جميع المبادرات التي تهدف إلى حل القضية الفلسطينية على أساس عادل، مع مراعاة القرارات الدولية التي تم اتخاذها في السابق من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، ونحن دائماً ندعم هذه الجهود، ونشدد أن مبادرة السلام العربية التي تم اعتمادها في قمة بيروت عام 2002 وأيدتها قمم منظمة التعاون الإسلامي ومجلس الأمن الدولي هي في نظرنا هي الأساس الذي الذي لابديل له لتسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني على أساس عادل لأن الحلول العادلة فقط هي التي تضمن سلاماً دائماً ومستقراً في هذه المنطقة.
وأضاف بوغدانوف، بالطبع نحن نؤكد أن الحل القائم على حل الدولتين هو الخيار الوحيد الممكن، لقد اعترفنا بدولة فلسطين منذ أواخر الثمانينات من القرن الماضي بعد انعقاد دورة المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر وإعلان وثيقة الاستقلال تحت قيادة ياسر عرفات، وفي هذا السياق لم يتغير موقفنا.
وأشار بوغدانوف، أن العديد من الدول الأوروبية بدأت الآن بالسير نحو الاعتراف بدولة فلسطين متأخرة عن موقفنا بحوالي 30 عاماً، ولكن هذا كان هذا بالفعل موقف الاتحاد السوفياتي سابقاً واستمر كموقف لروسيا كوريثة لهذا الاتحاد، أما الأفكار التي تم طرحها بشأن عقد مؤتمر دولي فإننا ندعمها تماماً، وبالطبع نؤيد أن يدعم المجتمع الدولي هذا القرار، وعندما يقال لنا أن المفاوضات ضرورية فإن أحداً لن يعارض هذه المفاوضات، ونحن بالطبع ندعم المفاوضات ولكن يجب أن يكون لهذه المفاوضات هدف واضح وهو إنشاء دولة فلسطينية، وهذا موقف مبدئي، أما التفاصيل الأخرى فهي بالطبع قابلة للنقاش والتفاوض، وتؤكد ذلك بطبيعة الحال القيادة الفلسطينية وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية والرئيس محمود عباس، لذلك فإن الأفكار التي طرحت في القمة والتي يشتغل عليها أصدقائنا في البحرين فإنها تحظى بدعمنا الكامل، ونحن على استعداد للمشاركة في الأعمال التحضيرية.
وأكد بوغدانوف، أن روسيا الاتحادية هي الوريث الشرعي للاتحاد السوفياتي السابق وأن موقفها بالاعتراف بدولة فلسطين هو موقف قائم ولا تحتاج للاعتراف مجدداً بذلك. مضيفاً، أن ذلك ليس مجرد اعتراف بالدولة بل كانت هناك خطوات عملية ملموسة، لأنني اتذكر أنني كنت أتعامل في ذلك الوقت مع القضايا الفلسطينية والإسرائيلية وآنذاك تم اتخاذ قرار بشأن إنشاء مكتب تمثلي لمنظمة التحرير الفلسطينية في موسكو أو سفارة دولة فلسطين وكان هناك ممثل منظمة التحرير نبيل عمرو الذي أصبح في ذلك اليوم سفيراً، لقد اعترفنا به كسفير هنا، وتم افتتاح مكتبنا التمثيلي لاحقاً في رام الله الذي لايزال يعمل حتى الآن، ولكن بسبب ما يُعرف بالاتفاقيات الفلسطينية الإسرائيلية واتفاقية أوسلو فإنه يحمل صفة مكتب تمثيل وليس سفارة في رام الله، ولكن هذا الأمر شكلي لأن لدينا علاقات دبلوماسية مع دولة فلسطين، ونحن نسمي الرئيس عباس رئيساً لدولة فلسطين.
وأضاف بوغدانوف مؤكداً على عمق التزام روسيا بالقضية الفلسطينية والاعتراف بالدولة الفلسطينية، لذلك لم يكن هذا مجرد تصريح، ولكن تم اتخاذ خطوات سياسية ودبلوماسية محددة، بالمناسبة لدينا حتى لجنة حكومية مشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي بين فلسطين والاتحاد الروسي، وكل هذه الآليات تعمل، ونأمل في مواصلة وتعزيز تعاوننا مع أصدقائنا الفلسطينيين.
وقال بوغدانوف ، بالعودة إلى مسألة الاستمرارية للسياسات السوفياتية في الشرق الأوسط، أود هنا أن اتناول موضوع المؤتمرات الدولية، لأنه كما تعلمون كان هناك مؤتمر مدريد عام 1991 وكان ذلك قبل انهيار الاتحاد السوفياتي، وقد ترأس وفدنا في هذا المؤتمر رئيس الاتحاد السوفياتي ميخائيل غورباتشوف، وكان هناك وفد سوفياتي رفيع المستوى شارك في العمل بصفة راعٍ إلى جانب زملائنا الأمريكيين، وكانت هذه الفترة تتميز بالتعاون المشترك حيث كنا نعمل كقوتين عالميتين رائدتين، بما في ذلك على جبهة الشرق الأوسط كوننا أعضاء دائمين في مجلس الأمن الدولي، وكان هناك اتفاق مع الأمريكيين حيث شارك الرئيس بوش الأب وترأس الوفد الأمريكي، لذلك عملنا آنذاك كراعيين مشتركين، وقمنا بالإعداد لذلك المؤتمر وتنظيمه.
وأوضح بوغدانوف، في هذا السياق كان المؤتمر لم يختتم رسمياً حتى الآن فقد كنت عضواً في الوفد السوفياتي المكلف بمسؤولية المفاوضات السورية الإسرائيلية، لأن هذا المؤتمر كان منظم بشكل جيد و مدروس بدقة وتم الاتفاق عليه مع العرب والإسرائيليين، وبالطبع كان الراعيان المشاركان الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة يعملان بفعالية كبيرة.
وأوضح بوغدانوف، في ذلك الوقت كانت بنية المؤتمر تتضمن عقد الجلسات العامة في مدريد وبعدها بدأت المفاوضات الثنائية، وبدأت في مدريد ثم نُقلت إلى واشنطن، ومن ثم عُقد أول مؤتمر لإنشاء مجموعات عمل متعددة الأطراف، وكان ذلك في موسكو، حدث ذلك في بداية عام 1992 بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، لكن العمل استمر وتواصل أيضاً في موسكو، وتم إنشاء مجموعات متعددة الأطراف لمناقشة مختلف القضايا الإقليمية العامة ومن بين هذه القضايا الموارد المائية ومراقبة التسلح ومسألة اللاجئين، كما كان يتم تأسيس بنك الشرق الأوسط، وكنا نشارك بشكل مكثف في هذا العمل.
ويجب أن نقول أنه في مدريد عندما انعقدت الجلسة العامة تحت رئاسة وزيري الخارجية بالتناوب كان بوريس بانكين من الاتحاد السوفياتي وجيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكي، وتولى بوريس بانكين رئاسة الجلسة الأخيرة في مدريد، رفع المطرقة وضرب الجرس معلناً انتهاء مؤتمر مدريد، وفي تلك اللحظة تعالت أصوات تقول ” سيدي الوزير، ربما لم تعبر بدقة”.
وتابع بوغدانوف، وأتذكر جيداً بأنني كنت حاضراً في هذا الاجتماع فقد كان وزير خارجية سورية آنذاك فاروق الشرع هو من قال ” أن المؤتمر الدولي في مدريد لم ينتهي بل بدأ للتو”، وذلك لوجود هياكل تنظيمية واتفاق على إجراء مفاوضات ثنائية بين إسرائيل وسورية ولبنان والأردن والفلسطينيين، ثم سيتم عرض النتائج المرحلية لهذه المفاوضات في جلسة عامة، وفي نهاية المطاف وبعد فترة من الزمن كنا نأمل أن تكون قصيرة قدر الإمكان ستختتم هذه المفاوضات وحينها سيعلن عن انتهاء المؤتمر الدولي بالإعلان عن تحقيق السلام والتوصل إلى اتفاقيات وتوقيعها لذلك لايزال العمل مستمراً ولم يختتم بعد.
وقال بوغدانوف، أعتقد أن فاروق الشرع كان محقاً عندما قال أن المؤتمر لم يغلق لأنه لم تحقق نتائجه بعد، وبالطبع أنه من المؤسف جداً أن الأحداث والسياسة بعد ذلك أخذت مساراً مختلفاً، ولكن إذا تحدثنا بشكل رسمي فقد بدأ مؤتمر مدريد في عام 1991، وبعد ذلك كانت هناك مقترحات مختلفة لعقد مدريد2.
وأضاف بوغدانوف، لقد أعلن رئيس الوزراء الإسباني عندما بدأت الأحداث في غزة في قمة السلام في القاهرة بناء على اقتراح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن إسبانيا مستعدة لعقد مؤتمر جديد في مدريد.
وحول سؤال إن المؤتمر الدولي بشأن فلسطين والشرق الأوسط بأنه مازال قائماً ومنعقداً بشكل مستمر، وهل تعتبر مبادرة او دعوة ملك البحرين هي استئناف لذلك، قال بوغدانوف، الأكثر من ذلك أن الرئيس بوتين – إذا لم تخني الذاكرة – اقترح في عام 2005 عقد مؤتمر دولي في موسكو ، وتم تثبيت هذا الاقتراح في عدد من القرارات الدولية ، بالإضافة لذلك كان هناك اجتماعاً حتى في أنابولس برئاسة الرئيس بوش الابن وقد تم تسجيل ذلك أيضاً، وبشكل عام تضمن عدد من القرارات، أن المؤتمر الدولي سيعقد في موسكو حينما تكون الظروف مهيأة لذلك، وبالطبع هذا يتطلب موافقة الأطراف المعنية مباشرة وبطبيعة الحال الفلسطينيين والاسرائيليين، وكذلك العرب بشكل عام، ونحن استندنا إلى فكرة مفادها أنه طالما لم يتم التوصل إلى مثل هذه الموافقة ولم تكن هناك جاهزية جدية لعقد مثل هذا المؤتمر فإن الدعوة له تأجلت ومازالت مؤجلة حتى الآن، ومع ذلك فقد تم توثيق هذا القرار في عدد من الوثائق.
وتابع بوغدانوف، أذكر جيداً قبل حوالي عشر سنوات وبمبادرة من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولند عُقد في باريس مؤتمر سلام حول الشرق الأوسط وقد شاركنا في هذا المؤتمر وكان وزير الخارجية الأمريكي في ذلك الوقت جون كيري، وتم إرسالي لحضور المؤتمر والمشاركة فيه لكن للأسف لم يكن هناك حضور للفلسطينيين أو الإسرائيليين، لذلك اتسم المؤتمر بطابع شكلي بحت، وكان هناك العديد من ممثلي الدول الأوربية المختلفة الذين يتبنون رؤية مؤيدة لإسرائيل وغير متوازنة، ولم يتم التطرق كثيراً إلى القضية الفلسطينية أو لم يذكر أي شيء عن الدولة كقاعدة لتسوية النزاع في الشرق الأوسط، ولم يحقق المؤتمر النجاح المنشود، بل أعتقد أنه ترك انطباعاً غير سار للعديد من المشاركين وخاصة الفلسطينيين الذين دعموا المبادرة بشكل عام، ولكن النتائج لم تكن مرضية، وخصوصاً أننا تساءلنا في ذلك الوقت وخاصة زملائنا الفرنسين الذين كانوا يتحدثون عن حل الدولتين، لكنهم لم يعترفوا بالدولة الفلسطينية، وكانوا يقولون أنهم سيعترفون بها عندما تبدأ المفاوضات، بل حتى ليس عند بدايتها وإنما عند انتهائها، وإذا لم تنته هذه المفاوضات وبعد خمس سنوات سنعترف بالدولة.
وأضاف بوغدانوف، كنا حينها نسأل الفرنسيين، لماذا يجب الانتظار خمس سنوات، لماذا لايتم الاعتراف الآن، لأن هذا قرار سياسي مبدئي بالغ الأهمية ومن الضروري أن تناقش القرارات وتناقش القرارات وتتخذ في إطار المفاوضات الثنائية بين الفلسطينيين والإسرائيليين والتي يتعين على المجتمع الدولي بما ذلك روسيا أن يدعمها بنشاط ونحن مستعدون لذلك.
وحول سؤال أن الدول الأوروبية بدأت تفهم ضرورة إقامة دولة فلسطينية بعد المذابح وحرب الإبادة التي تجري في غزة، وفي فترة تبدو فيها علاقات روسيا مع الغرب في أسوأ حالاتها، وهل هذا سيعرقل أي حل، اعتبر بوغدانوف أن ماجرى ليس تقدماً بل تراجعاً، نحن نتراجع إلى الوراء وهذا محزن للعاية بالنسبة لمصير الشرق الأوسط، ومايحدث الآن وفي غزة على وجه الخصوص هو نتيجة لعدم التسوية التي تحدثنا عنها منذ عقود، علاوة على ذلك عندما نتحدث عن تفاعلنا مع الشركاء الغربيين كان هناك بالفعل تجربة جيدة، وهذه التجربة لم تأت من فراغ بل نشأت عندما أدرك الجميع أن المفاوضات في كامب ديفيد التي كانت تحت هيمنة الإدارة الأمريكية آنذاك بقيادة إدارة كلنتون لم تحقق النتائج المرجوه، وفي ذلك الوقت وافق الأمريكيون على اقتراحنا واقترح زملائنا الأوربيون إنشاء رباعية دولية تضم روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وعملت هذه الرباعية بشكل مثمر، حيث عقدت اجتماعات عدة، ليس فقط في إطار الرباعية ولكن بمشاركة الأطراف المعنية مباشره.
وتابع بغدانوف، أذكر بشكل خاص مشاركة الفلسطينيين والإسرائيلين في اجتماعات الرباعية، كما أتذكر الاجتماعات التي حضرها خمس وزراء ناشطين بما فيهم بطبيعة الحال الأردن ومصر وسورية والذين كانوا جزءاً أساسياً من هذه الجهود، والسعودية والفلسطينيون، خمس جهات عربية شاركت في اجتماعات الرباعية، وكانت هناك جلسات حضرها الإسرائيليون والفلسطينيون كتسيفي ليفني وصائب عريقات، لذا كانت هذه اللجنة تتفاعل وشارك فيها الأمين العام عمرو موسى.
وأضاف، إذاً هذا النمط والإطار للعمل الجماعي التعاوني في هذه الساحة ساحة العملية السلمية كان بنظرنا مطلوباً للغاية وكان تنسيقاً جيداً لأنه أتاح إمكانية تطوير نهج متوازن.
وحول مقتل الرئيس الإيراني وهل لدى موسكو شكوك أن الحادث لم يكن طبيعياً قال بوغدانوف، خبرائنا ومتخصصونا مستعدون للمشاركة في التحقيق، لذلك من المبكر إصدار أي أحكام أو الانخراط في تكهنات قبل انتهاء هذا التحقيق، أما بخصوص حادث تحطم الطائرة المروحية ومصرع الرئيس الإيراني ووزير الخارجية الذي كانت تربطني به هلاقة صداقة شخصية على مدار سنوات عديدة منذ أن كان نائباً للوزير ومسؤولاً عن شؤون الشرق الأوسط، وكنا نجري مشاورات بانتظام سواء في طهران أو موسكو، لاحقاً انتقل للعمل في البرلمان قبل أن يتولى منصب وزير الخارجية واستقبلني في طهران، وكان متخصصاً ودبلوماسياً بارعاً ولذا شعرت بحزن شديد وأعربت عن خالص تعازيّ للسفير الإيراني هنا في موسكو، أما مايتعلق بالتحقيقات فهي تتناول أيضاً أسباب التحطم، ربما تكون تقصدون أن الحديث كان يتعلق أن الطائرة المروحية قد تكون قديمة من الناحية التقنية وافتقرت إلى قطع الغيار اللازمة، وكل ذلك بسبب العقوبات المفروضة والتي لاتزال سارية من جانب الولايات المتحدة والدول الغربية، لذلك هذه كلها عوامل قد تكون أدت إلى هذه المأساة.
وحول الأوضاع المتردية في سورية والمبادرات والمنصات التي عقدت على مدار هذه السنوات وماهي نتائجها، قال بوغدانوف، للأسف يستمر المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة في سياسة خنق السلطات الشرعية في دمشق، ولهذا السبب هناك وضع اجتماعي واقتصادي وعسكري وسياسي صعب، كما يوجد حضور أمريكي مباشر على الأراضي السورية سواء شرق الفرات أو الجنوب وفي منطقة التنف، وبالطبع هذا الوجود غير قانوني، وتظل القيود الصارمة المفروضة على دمشق وسورية عامة قائمة بقوانين مختلفة مثل قانون قيصر وتتم الآن دراسة قوانين أخرى، والقوانين التشريعية التي تهدف في جوهرها إلى منع هذا البلد من التطور، هذه هي الأسباب الرئيسية، لكن هناك بالطبع جوانب إيجابية – كما ذكرت سابقاً- عودة سورية إلى الجامعة العربية، وتطور الاتصالات بين سورية وعدد من العواصم العربية، وأتمنى أن يساهم ذلك في تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي للشعب السوري.