حامض حلو

سوريا الجديدة.. إلى أين؟!

فضل المهلوس

أبى العدو المركزي للعرب والمسلمين وللبشرية جمعاء إلّا ان ينغّص على الشعب السوري وقادة نظامه الوليد فرحتهم، ويسلبهم نشوة الانتصار.. فأقدم خلال أقل من عشرة ساعات على شن 100 غارة جوية، استهدفت الدفاعات الجوية والمطارات الحربية ومستودعات الأسلحة وخصوصاً الصاروخية منها، بحسب ما صرّحت به مصادره الرسمية.. كما ألغى من طرفه الاتفاق الأممي بفض الاشتباك المُرسّم من الأمم المتحدة ومجلس الأمن منذ عام 1974، وقام باحتلال جبل الحرمون أعلى قمم جبل الشيخ حيث مرصد مراقبة القوات الدولية المكلّفة دولياً بمراقبة فض الاشتباك، وتمادى باحتلال المنطقة العازلة في الجولان، بل وذهب إلى احتلال ما يعادل 10% من مساحة الوطن السوري المعترف بها دولياً، وهو ما يفوق مساحة الدولة اللبنانية. وها هو يواصل لليوم الثاني على التوالي استهداف ما بقي من أهداف معدّة ومبرمجة مسبقاً، ومعسكرات فرق الحرس الجمهوري، في محيط العاصمة دمشق وعلى امتداد الوطن السوري بمختلف مناطقه، وقضم المزيد من أراضي الوطن السوري. مبرراً كل هذه الاعتداءات بحق “الدفاع عن النفس” من أية تهديدات مستقبلية محتملة، بحسب تصريحات قادة “الكيان” المجرم، وإقرار الرئيس الأمريكي الآفل بايدن لتلك التبريرات، وإعترافه بمشاركة بلاده كذلك بغارات جوية متوازية ومتزامنة على أهداف سورية إضافية، مستخدماً ذات المعزوفة المفضوحة “محاربة إرهاب داعش”. فيما يبدو تنفيذاً مشتركاً لخطة مُبيّتة لضرب كافة مقوّمات القوة للدولة السورية، وتجريدها حتى من أمكانية ممارسة حقها المشروع في “الدفاع عن النفس”، وتحويلها إلى دولة فاشلة بعد تفويت الفرصة على مخططاتهم للفتنة والاقتتال الداخلي والحرب الأهلية، وإراقة الدماء الأبرياءحيث يتساوى لديه القاتل والقتيل.. وهو ما يضع النظام الجديد منذ أول يوم له أمام خيارات صعبة، وكثير من الأسئلة المحرجة التي تستوجب منه تقديم إجابات شافية وافية لا بدّ منها بكونه الآن من يتحمّل وحده مسؤولية الوطن والمواطن السوري؟!

لعل غطرسة وعدوانية “الكيان” بمشاركة الولايات المتحدة لم يترك ترف الاختيار لتحديد العدو الحقيقي الذي يتهدد الوطن السوري وكافة مكوّناته، بعد سقوط النظام التي كان العدو الأول لمعارضيه، وكان إسقاطه يمثّل الجامع والقاسم المشترك لكافة قوى النظام الجديد. أما وقد سقط نظام الأسد الذي احتفى المجرم نتنياهو وعصابته بسقوطه واعتبره “يوماً تاريخياً في الشرق الأوسط، وانفراط الحلقة المركزية” لما أسماه “محور الشر” الذي حسب مزاعمه المتكررة “تقوده إيران”، فلماذا هذه الأفعال العدوانية الشنيعة بحق الوطن والمواطن السوري ومقدّرات الدولة السورية؟ ثم أين الأمم المتحدة ومجلس الأمن من انتهاكات “الكيان” المارق؟!

من الغبن مطالبة النظام الجديد برد عسكري على هذه الانتهاكات، وهو المنهمك حالياً بمهام داخلية أمنية ومعيشية جسيمة.. لكنه مطالب بتحديد موقف من عدوّه الحقيقي الواضح للعيان، والذي يستبيح الوطن السوري ويُدمّر مقدّراته، والطامع في الوطن السوري برمّته، والذي لا يُخفي نواياه بل يعلنها بمنتهى الصلف والوقاحة، وعلى مَن ساعد المعارضة في أسقاط النظام، وتركيا على وجه الخصوص، أن تتخذ بالأفعال لا بالأقوال مواقف عملية للجم العدوان ومؤارة النظام السياسي الوليد، وإلّا ستكون موافقة بل ومشاركة بتحقيق أطماع “الكيان” وداعميه الواضحة والمعلنة لتفكيك الدولة السورية والتوسّع على حساب الوطن السوري، وهو ما لا يرتضيه المواطن السوري بغض النظر عن ولاءاته ومعتقداته. فقد سقط النظام القديم وهو لا يزال محتفظاً بحق الرد على الاعتداءات اليومية إزاء “كيان” لا يفهم سوى لغة القوة…

إن الشعب السوري يمتلك من الطاقات والإمكانات والعقول الواعية الكثير، وقادر على تجاوز هذه المرحلة الانتقالية بمنتهى السلاسة، وله باع طويل، وتاريخ مجيد في تحديد خيارته التي تنطلق من صون وحدة وطنه والحفاظ على استقلاله وسيادته الوطنية، وما على قيادة النظام الجديد سوى التوافق مع خيارات هذا الشعب العريق الذي كان على الدوام مدرسة بحق ينهل من دروسها الآخرين، ومراعاة خياراته وتطلعاته الوطنية في الحرية والديمقراطية والمشاركة الشعبية الكفيلة بتجاوز مثالب وعثرات مَن سبق، واستعادة ما يليق بتاريخ سوريا التليد…

كاتب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى