حامض حلو

اليمن: إرادة.. شجاعة.. إقدام!

ريما أحمد

قالوا منذ غابر الأزمان أن “الحكمة يمانية”، وهو ما لم يدرك كُنهه الكثيرون.. وقالوا “اليمن السعيد” وتاه الكثيرون في إدراك معنى السعادة الحقيقية.. وذهب البعض إلى اعتبار عزّه في ذُلّ اليمن، والعكس بالعكس، فالتبست عليه معاني “العزّ” و”الذلّ” أيّما التباس، فأضاع نفسه، وبدّد ثرواته، وأزهق نفوساً بريئة في حروب عبثية بالوكالة، ليس له فيها ناقو ولا جمل، ولا حتى عقال بعير…

قالوا وقالوا، وفعلوا وفعلوا، لكن القول الفصل الثابت رسوخ جبال اليمن كان للشعب اليمني “الحكيم” في زمن ضاعت فيه الحكمة، و”السعيد” رغم فقره المدقع، و”العزيز” في واقع ساد فيه “الذل” والهوان، وأضاع فيه الكثيرون ما كانوا يفاخرون به من مقولات تاريخية حول “الشجاعة” و”المروءة” و”الشهامة” و”الإقدام” و”إغاثة الملهوف”.. فها هو يُصرّ على مواصلة لإسناد الشعب الفلسطيني، رافضاً كافة المُغريات، ويُمطر تل أبيب بصواريخه ومُسيّراته التي أعجزت أحدث تقنيات أسلحة أمريكا والغرب البحرية والجوية والدفاعية، وأفقدت “الكيان” المتغطرس قوة “الردع” وشلّت يده “الطولى” أيّما شلل، وذهب كعادته إلى رفع عقيرته بتهديد إيران، لدفع راعيه الأمريكي والغربي للضغط على طهران علّها تجد للتهديد اليمني المُعجزحلّاً، كما اجترحت حلّاً في لبنان، بعد أن ثبت عجزهم جميعاً عن تحقيق “النصر المطلق” وفرض شروط الاستسلام المُذلّ على لبنان المقاوم.

كما كلّ المتفرعنين في التاريخ الإنساني منذ الأزل، اعتقدوا أن ما لم يتحقق بالقوة يمكن له أن يتحقق بالمزيد من القوة، فعمدوا إلى الاستقواء على الأهداف اليمنية المدنية، فأقدمت واشنطن وبريطانيا وفرنسا وألمانيا عبر أساطيلها وطائراتها الأكثر تطوّراً في ترسانتها العسكرية، على استهداف المرافق اليمنية المدنية، فرد اليمن الصاع صاعين.. ثم أقدم “الكيان” بمؤازرتهم ليُجرّب حظُه، لكن دون جدوى.. أنه اليمن الذي لا تعرفون تاريخه، وأنتم الجهلة بالتاريخ والجغرافيا، وأنتم الأغبياء الذين يساهمون في صناعة الأعداء، بل وتزيدونهم بظلمكم وهمجّيتكم تزايداً وقوة وإصراراً يوماً بعد يوم. وما خرق “الكيان” صنيعتكم لاتفاق أنتم طلبتموه ورعيتموه في لبنان لأنقاذه من هزيمة حتمية، واستباحته للوطن السوري وسط صمتكم، وتهديد العراق واليمن وإيران ومصر والأردن وغيرهم بواسطة ذراعكم المنفلت والمارق.. إلّا مؤشّرات على سقوطكم المريع والشامل، فأنتم من يصنع المقاومة ويؤججها، وأنتم مَن لا يُدرك أن الظالم هو مُن يحفر قبره بنفسه، ويبدو أنّكم تستعجلون نهايتكم بأنفسكم.

ورحم الله الشاعر الفلسطيني سميح القاسم، حين وصف حالكم بقصيدته الخالدة:

تقدّموا
تقدّموا
كل سماء فوقكم جهنم
وكل أرض تحتكم جهنم
تقدّموا
يموت منا الطفل والشيخ
ولا يستسلم
وتسقط الأم على أبنائها القتلى
ولا تستسلم
تقدّموا
تقدّموا
بناقلات جندكم
وراجمات حقدكم
وهدّدوا
وشرّدوا
ويتّموا
وهدموا
لن تكسروا أعماقنا
لن تهزموا اشواقنا
نحن القضاء المبرم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى