صحافة وآراء

ماذا وراء استئساد “البطة العرجاء”؟ إدارة بايدن ورقصة الموت!

فضل المهلوس

ما أن تصاعد الدخان الأبيض من صناديق الانتخابات الأمريكية، واعترف “الفاجر” بايدن بفوز “التاجر” ترامب الكاسح بها، حتى تحوّل هذا “الفاجر” الذي يوصف “البطة العرجاء” إلى أسد هصور جريح، يرمي بكل أوراقه السوداء دفعة واحدة، واضعاً العالم أجمع أمام مخاطر جديّة باندلاع حرب عالمية مدمّرة، تجبر ساكن البيت الأبيض الجديد على مواصلة التعامل معها رغماً عنه، وربما بعكس ما كان يُريد. وهو ما يعني عملياً الانقلاب الفعلي على نتائج الديمقراطية رغم إقراره مرغماً بها، ورفض ما إدّعاه بالنقل السلس للسلطة، مجسّداً بذلك مقولتيْ “أنا ومن بعدي الطوفان” و”عليّ وعلى أعدائي”. الأمر الذي أدركه المجرم نتنياهو أيّما إدراك، واستغلّه أيّما استغلال…

فبدلاً من إطفاء أو تسكين ما أشعله من حرائق في أوكرانيا وتايوان والشرق الأوسط، عمد إلى تأجيجها، ورفع بصورة قياسية مستويات الصراع مع روسيا والصين واللاعبين الإقليميين في الشرق الأوسط. حيث أغدق بشكل غير مسبوق مليارات دافعي الضرائب على النظام الأوكراني الفاسد حسب توصيفه، ودعمه كمّاً ونوعاً بالسلاح، ومنحه صلاحيات استخدامه في العمق الروسي كما لم يمنحه من قبل. وكذلك فعل مع تايوان بالدعم التسليحي، والتحريضي في مواجهة الصين. وذهب في مصر، إلى رفع قيود الدعم التي كان يدّعى ربطها بانتهاكات حقوق الإنسان، وأغدق عليها ما يقارب ثلاثة مليارات دفعة واحدة، مقابل خدمات مطلوبة لصالح “الكيان” في غزة والغزيين من جهة، ومواجهة النفوذ الروسي المتنامي غرب ليبيا وشرق السودان.

أما في الشرق الأوسط، الساحة الرئيسية للصراع العالمي، فقد واصل “الفاجر” وإدارته بصورة لا إخلاقية مبتذلة لعبة “حامي.. بارد” في موضوع وقف الإبادة والجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي والتجويع الموصوفة دولياً، مستغلاً الوسيطيْن المصري والقطري، ومُطلقاً اليد الإجرامية لنتنياهو على الغارب، وبالسلاح والمال الأمريكي المتدفّق كماً ونوعاً، وبلا ضوابط في الاستخدام كما كان يدّعي سابقاً، غير آبه بوصمة كشريك أصيل ومُثبت في هذه الحرب القذرة وغير المسبوقة في التاريخ الإنساني. وفي لبنان، ورغم أنه هبّ مستجيباً لنداء استغاثة “الكيان” وقاد وقفاً للحرب، بل وتعهد لضبط الالتزام بما أُتفق عليه، إلّا أنه سمح باستباحة الجنوب اللبناني، وحدوث أكثر من ألف خرق، ودخول جيش “الكيان” بأريحية إلى مناطق لم يتمكّن من الوصول إليها بالقتال، ونسف مربّعات سكنية، وقتل المدنيين ومنعهم من العودة لقراهم ومنازلهم، وقصف واغتيال ما يحلو له من شخصيات ومرافق مدنية. وهو ما يؤكّد دوره ولجنته الخماسية التي يتزعّمها كشريك لا كوسيط محايد وموثوق في كلّ ما جرى سابقاً، ويجري حاليّاً من انتهاكات وخروقات تستدعي الرد وبمنتهى القوة التي لا يعرف “الكيان” المتغطرس سوى لغتها.

وأما في سوريا واليمن، فقد أسقط هذا “الفاجر” وإدارته الصيونية القانون الدولي والإنساني، وأطلق رصاصة الرحمة على منظومة الأمم المتحدة وقراراتها واتفاقياتها – والتي لا يزال البعض يحرص على التمسّك بها – وبصورة سافرة ومتعمدة، حيث برّر احتلال الأراضي السورية المتواصل، وشرعن تدمير مقوّمات الدولة السورية على كامل مساحتها، وهرع لتعزيز احتلاله لشرق سوريا، حيث النفط والغاز وسلة الغذاء، مستحضراً سيمفونيته الممجوجة التي صنعها “داعش” ومثيلاتها. بل وذهب هذه المرة لاستنهاض أحلام كلّاً من فرنسا وبريطانيا الاستعمارية البائدة، لمشاركته في طرد روسيا من المنطقة برمّتها من جهة، ودقّ إسفين أو بالأحرى خنجراّ مسموماً بين روسيا وتركيا من جهة أخرى. وهو ما انسحب على اليمن بعد أن ثبت عقم لجم جبهة الإسناد اليمنية لغزة وفلسطين للثلاثي الأمريكي البريطاني الإسرائيلي، واضطرار واشنطن لتنحية حاملة طائراتها ترومان وأسطولها لمسافات تعتقد أنها أكثر أمناً، وتوريط حاملة شارل ديغول الفرنسية لمشاركة “الكيان” في استهداف مطار صنعاء الدولي أثناء تواجد مدير منظمة الصحة العالمية برفقة موظفين أمميين آخرين، فضلاً عن أهداف مدنية أخرى، ذات حصانة قانونية بحسب ما يدّعون. وهو ما يُذكّر بالدور الفرنسي التسليحي والنووي لهذا “الكيان” المارق، وبالمشاركة الفرنسية بالعدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وبالشراكة الحالية في لبنان وسوريا، وحتى في التفجير الإرهابي للسفينة الروسية “أورسا ميجور” قبل عدة أيام.

رغم كلّ هذا الفجور الأمريكي البريطاني الفرنسي الإسرائيلي المتصاعد، وكل الدعم المطلق لإدارة “البطة العرجاء” التي استأسدت مؤخراً، يقابل نتنياهو المتعجرف كلّ ذلك بالمراوغة في منح بايدن ورقة حتى وقف النار وليس الحرب في غزة، والإفراج عن ما يُسمّونه “الرهائن”، ليساوم ويبتز بها إدارة ترامب القادمة، كعادته في التعامل مع واشنطن وعواصم الغرب الاستعماري صانعي وداعمي كيانه الوظيفي المؤقت، باعتبار ما يقدّمونه واجباً لا يستحق حتى الشكر والثناء. وفي المقلب الآخر نجد روسيا والصين، بل وإيران وحلفائها يراوحون في حالة الانتظار والترقّب، فهل هو الهدوء الذي يسبق العاصفة، أم هو تعويل على “التاجر” القادم للبيت الأبيض الذي ربّما لن يتمكّن من “شيل الزير من البئر”؟!

كاتب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى