
• تنديد شديد اللهجة من العديد من دول العالم “عدا أمريكا” وتحذير من تصدع الاستقرار والأمن الدوليين
لم تكن الطبيعة العدوانية لإسرائيل خافية على أحد طوال فترة وجودها غير الشرعي أساسا، وخاصة خلال عمليات التنكيل والإبادة الجماعية المستمرة حتى الآن في غزة، وقد عبَّرت موسكو عن إدانتها الشديدة للعمل العسكري الإسرائيلي الأخير ضد إيران خاصة أنه طال المنشآت الذرية ما يمكن أن يعرض المنطقة إلى مخاطر شعاعية يصعب تقدير مداها.
الكرملين يندد
وقد أعلن الكرملين على لسان دمتري بيسكوف المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية أن موسكو تشعر بالقلق الشديد تجاه هذه التصرفات وتدين التصعيد الحاد للتوترات في منطقة الشرق الأوسط، واقتضب بيسكوف تعليقه هذا منوها بأن الرئيس بوتن أعطى تعليماته للخارجية الروسية لكي تصدر بيانا مفصلا حول العدوان الإسرائيلي على إيران، وأنه سيتم توزيعه في الأمم المتحدة.
الخارجية الروسية تصدر بيانا مفصلا
وسرعان ما ظهر بيان الخارجية الروسية الذي جاء بالفعل مفصلا وشاملا و موسعا حيث أوضح مدى المخاطر التي يشكلها هذا العدوان، واعتبر أن العمل العسكري الإسرائيلي ضد المدن والمنشآت النووية الإيرانية انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة، وحمّل البيان إسرائيل المسؤولة عن كل العواقب التي سيسفر عنها هذا الاستفزاز العسكري…
ويلفت النظر بالفعل أن الهجوم الإسرائيلي تزامن مع اجتماع مجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهذا يعني بوضوح أن إسرائيل تستخف تماما بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، خاصة أن بعض الدول الغربية تسعى دائما إلى التشكيك بكل خطوة تقوم بها إيران في برنامجها النووي السلمي، كما أوضح البيان أن الهجوم جاء قبل الجولة الجديدة المنتظرة قريبا بين إيران والولايات المتحدة حول المسائل النووية، من هنا اعتبرت الخارجية الروسية أن هذه الهجمات ستقوض الجهود المبذولة لحل الإشكالات بشأن الطاقة النووية السلمية في إيران، وأوضح بيان الخارجية الروسية أن إسرائيل عمليا قصدت هذا التصعيد الذي يشكل تهديدا للاستقرار والأمن في منطقة الشرق الأوسط ، وأن هذه الهجمات العسكرية غير مبررة على دولة ذات سيادة كعضو في الأمم المتحدة، وأن هذه الهجمات سواء على المدنيين أو منشآت البنية التحتية للطاقة النووية أمر غير مقبول على الإطلاق، ونوهت بأن موسكو تنتظر من المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي أن يقدم تقييمات متوازنة موضوعية لما حدث، وتنتظر أيضا تحليلا معمقا للمخاطر الإشعاعية التي يمكن أن تنشأ عن الهجوم على المنشآت النووية ، كما اتهمت الخارجية الروسية بعض الدول الغربية بإثارة حملات هيستيرية مفتعلة ضد إيران، وشددت على ضرورة حل ملف البرنامج النووي الإيراني بالوسائل السلمية الدبلوماسية السياسية، وفي الوقت نفسه دعا بيان الخارجية الروسية إلى ضبط النفس وعدم السماح بجر المنطقة إلى حرب شاملة واسعة النطاق.
المندوب الروسي في الجلسة الطارئة
انعقدت على عجل جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لمناقشة العدوان الإسرائيلي على إيران التي اتهم مندوبها الولايات المتحدة بمشاركة إسرائيل في هذا العدوان، ويلفت النظر أن الولايات المتحدة كانت الدولة الوحيدة التي أيدت العدوان معتبرة أنه دفاع عن النفس، واعترفت بأنها كانت على علم مسبق بهذا العدوان، وهددت بعواقب وخيمة على كل من يتعرض لمصالحها أو رعاياها في الإقليم.
من جانبه أعلن نيبينزا مندوب روسيا الدائم في الأمم المتحدة خلال هذه الجلسة الطارئة لمجلس الأمن أن موسكو تدين بشدة العدوان الإسرائيلي على إيران، ووصف هذا الهجوم بالمغامرة العسكرية التي تقرّب المنطقة من حافة حرب واسعة النطاق، وشدد على أن إسرائيل ومن يدعمها يتحملون تبعات هذا العدوان الخطير، وعبّر عن القلق بشأن احتمال انتشار الأشعة النووية، مضيفا بأن مجلس الأمن وجد نفسه مضطرا لمناقشة المغامرة العسكرية الجديدة والخطيرة، بل والأكثر تهورا من جانب إسرائيل مما قد يدفع المنطقة إلى شفا كارثة نووية واسعة النطاق، مشيرا إلى أن عدوان إسرائيل هو نتيجة مباشرة لموافقة الدول الغربية، وأن إسرائيل تهدف إلى إحباط الجهود الرامية لتخفيف التوترات المتعلقة بالبرنامج النووي السلمي لإيران.
بعض ردود الفعل الدولية
لم تقتصر ردود الفعل على الدول التي رفضت العدوان في الجلسة الطارئة بل عبرت العديد من دول العالم عن تعاطفها مع إيران منددة بهذا العدوان الإسرائيلي غير المبرر بتفاوت نسبي في صياغة هذه المواقف:
– فقد اعتبر غروسي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن للمنشآت النووية حصانة ولا يجوز أن تهاجم أبدا، ودعا جميع الأطراف إلى أقصى درجات ضبط النفس
– كذلك كان موقف غوتريش الأمين العام للأمم المتحدة الذي دعا إلى ضبط النفس وأبدى قلقه البالغ إزاء القصف الإسرائيلي وفق بيان صدر باسمه
– في حين دعا روته أمين عام حلف الناتو إلى ضرورة خفض التصعيد مشيرا إلى أن القصف الإسرائيلي هو تصرف أحادي الجانب، بمعنى التنصل من أية مسؤولية للناتو
-واكتفى الاتحاد الأوروبي على لسان كايا كالاس مسؤولة الشؤون الخارجية بإشارة إلى أن الوضع خطير في الشرق الأوسط وأن الدبلوماسية هي أفضل السبل لحل الإشكالات
– وأدانت العراق القصف الإسرائيلي على إيران معترفة في غضون ذلك بأن الطائرات الإسرائيلية استخدمت الأجواء العراقية لتنفيذ عمليات القصف الجوي.
-وسارعت الأردن لإغلاق مجالها الجوي بشكل مؤقت مؤكدا أنه لن يسمح باستخدام أجوائه ولن يكون ساحة لأي صراع
-وشجبت السعودية القصف الإسرائيلي على إيران واعتبرته انتهاكا للقانون والأعراف الدولية، مطالبة المجتمع الدولي بالعمل على وقف العدوان بشكل فوري
– وفي حين نددت دول مثل تركيا وباكستان وفنزويلا وأفغانستان وحتى اليابان بما اعتبرته عدوانا صريحا على إيران، اكتفت دول أخرى كفرنسا وألمانيا وبريطانيا والهند بالمطالبة بضبط النفس، واللجوء إلى الأساليب الدبلوماسية، حتى أن ألمانيا اتخذت موقفا قريبا من موقف الولايات المتحدة حيث أشارت إلى أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، وكأن إسرائيل هي التي تتعرض للعدوان وليست المعتدية.