• 90 ثانية تبقى لفناء العالم حسب ساعة يوم القيامة، وهي أقصر فترة تحددها هذه الساعة نتيجة ازدياد المخاطر منذ 75 عاما
عندما يجري الحديث عن اقتراب عقارب ساعة يوم القيامة من منتصف الليل، توقيت نهاية العالم، يتبادر إلى مسامعنا بداية السمفونية الخامسة لبيتهوفن القدر يقرع الأبواب بضرباتها المرعبة، ويتراءى لنا ضابطان بثيابهما العسكرية يقودان معا الفرقة الموسيقية بديلا عن المايسترو.
ولفت الأنظار مؤخرا أن التحذير من اقتراب ساعة يوم القيامة هذه المرة جاء من موسكو، حيث أعلن سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسية أن ساعة يوم القيامة ستدق ضرباتها الأخيرة بعد دقيقتين (افتراضيتين وفق مقاييس ساعة يوم القيامة)، طبعا المقياس الزمني هنا يختلف عن المقياس الاعتيادي الزمني، إذ له مؤشرات أخرى تماما، ويعتمد على حجم المخاطر التي تتراكم أحيانا في فترات محددة فتقلص ما تبقى من الزمن لوقوع الواقعة، وقد نوه ريابكوف بمدى حالة الخطر التي وصلت إليها البشرية معلنا أن على العسكريين الروس أن يحتفظوا ببارودهم جافا ويمنعوا بلله، وذلك ليكونوا على أهبة الاستعداد لمواجهة أي من السيناريوهات المحتملة.
ما الذي يعنيه تصريح كهذا؟
هذا يعني أن الغرب حتى الآن ما زال يغامر مضحيا لا بالشعب الأوكراني وحده، بل وحتى بمصير البشرية لكي يتمسك بهيمنته على العالم، فقد سبق أن حذرت موسكو مرارا بأن تمادي الغرب في العداء لروسيا عبر توسيع شحن أوكرانيا بالسلاح سيؤدي إلى صدام مباشر بين العملاقين النوويين، ومع ذلك تتابع واشنطن سياستها الاستفزازية في مختلف المجالات بما في ذلك أخيرا إمداد أوكرانيا بطائرات اف 16 القادرة على حمل رؤوس نووية، طبعا أوضحت القيادة الروسية أن مصير هذه الطائرات سيكون كمصير الدبابات والمدرعات الغربية التي احترقت في أرض المعركة، لكن ذلك لا يعني أن المخاطر لا تزداد، فهي تقرب الصدام المباشر الذي سيدفع عقارب ساعة يوم القيامة باتجاه ساعة الصفر الحاسمة.
مبدأ ساعة القيامة
كيف نشأت فكرة وتنفيذ ساعة القيامة؟ إنها عمل حقيقي عملي موجود واقعيا رغم أنها ليست ساعة عادية.
نشأت ساعة يوم القيامة أو يوم فناء الكوكب الأرضي عام 1947 بهدف تحذير البشرية من مدى مخاطر الأسلحة النووية، أي مدى اقتراب البشر من تدمير كوكبهم بأيديهم، وبكل ما يسببونه من مخاطر أو ينشأ في الطبيعة في معظم الأحيان نتيجة النشاط البشري كتغير المناخي عبر الترفع الحروري وظهور بعض الأوبئة ككوفيد، واحتمال حدوث الحرب النووية، وبالتالي تسعى معطيات الساعة لدعوة سكان الأرض إلى العقلانية. وتعمل الساعة انطلاقا في البداية من ضبط عقاربها على سبع دقائق قبل ساعة الصفر، ذاك أن الساعة ابتكرت بعد ظهور السلاح النووي، ومرت البشرية بمراحل سلام ووئام ما دفع عقارب الساعة للسير نحو الخلف، وكان القيّم على هذه الساعة العالِم يوجين رابينوفيتش، وبعد وفاته عام 1973 أخذ مجلس العلوم والأمن على عاتقه هذه المهمة، وهو مؤلف من علماء خبراء في التكنولوجيا النووية فيهم 13 عالما من الحائزين على جائزة نوبل للسلام. وتجتمع هذه اللجنة المخولة بتحديد مدى الاقتراب من ساعة الصفر مرتين في العام لضبط توقيت الساعة.
يذكر في هذا المجال أن تزايد المخاطر قلص زمن الاقتراب من ساعة الفناء أي ساعة منتصف الليل بواقع خمس دقائق من أصل سبع دقائق، حيث تم ضبط عقارب تلك الساعة عام 2020 بأنها باتت قبل 100 ثانية فقط من ساعة الصفر وذاك لظهور خطرين حقيقيين الحرب النووية وتغيير المناخ ناهيك عن النزاعات الحادة، أما حاليا فإن الوقت المتبقي على دمار البشرية هو 90 ثانية فقط وهذا يعني أن التهديدات ازدادت بشكل كبير جدا عما كانت عليه قبل 75 عاما، وأُخذ بعين الاعتبار إلى جانب استمرار التهديدات باستخدام الأسلحة النووية تلك المخاطر التي استفحلت في السنوات الأخيرة، بما في ذلك الأوبئة والفيضانات والحرائق، بل وحتى احتمال أن تشكل مبتكرات الذكاء الصناعي حالات خطر حقيقية على الجنس البشري، ولات ساعة مندم! حيث لن يكون هناك من سيندم أو يأسى أو يحاسب، لذا يمكن القول منذ الان “على نفسها جنت براقش” أو على أهلها كما في تنوع صياغة هذا المثل سواء أكانت براقش امرأة أم كلبة حسب بعض الروايات.