تقارير - ماتريوشكا

انتصار مطلق؟ الحرب مع لبنان ستقودنا إلى هزيمة مطلقة

ماتريوشكا نيوز

تحت هذا العنوان، أعدّت “رفيف دروكر” تقريراً نشرته “هآرتس” ذكرت في مستهله “لبنان هو حزب الله، حزب الله هو لبنان”.متسائلة “هل تستطيع إسرائيل، في وضعنا الحالي، قصف البنى التحتية في هذه الدولة التي تعاني من الإفلاس؟”

وأشارت إلى أنه “خلال الأشهر الثمانية الأولى من الحرب، لم تكن لدى صُنّاع القرار أية نوايا حقيقية للدخول في حرب برية في لبنان. لقد هدّدوا بتصريحات متغطرسة من قبيل “نصر الله سيرتكب خطأ حياته”، إلا أنه كان من الواضح لبنيامين نتنياهو، يوآف غالانت والقيادة العسكرية أنه لا جدوى من مثل هذه المواجهة، أنها لن تحقق أية نتيجة لا يمكن تحقيقها بالطرق الدبلوماسية وأن الثمن سيكون باهظًا ويفوق القدرة على تحمّله”. وأضافت أنه ” خلال الأسابيع الأخيرة، تغير الوضع قليلًا. الإهانة التي يتسبب بها حزب الله أصبحت ثقيلة جدًا. تشويش روتين الحياة في الشمال، دخول الطائرات المُسيَّرة، انكشاف الخاصرة الرخوة الإسرائيلية وبات من الصعب جدًا على نتنياهو احتواء ذلك كله. وهكذا، وُلدت فجأة حربٌ “رخيصة”، فلم يعد الحديث يجري عن إعادة لبنان على العصر الحجري ولا عن احتلال أراضٍ حتى نهر الليطاني. أصبح الحديث يجري عن مناورة برية محدودة، على امتداد بضعة كيلومترات، هدفها الأساسي هو القول لسكان شمال البلاد: لقد أزيل تهديد الاختراق البري على غرار ما حدث في 7 أكتوبر، وبإمكانكم العودة إلى بيوتكم. حتى اتفاق الترتيبات، الذي أصبح ناجزا عمليا، لم يعد من الممكن وضعه موضع التنفيذ. فقد كان مشروطا منذ البداية بتسوية في الجنوب، لكن هذه لا تلوح في الأفق. صفقة التبادل لإعادة المخطوفين أصبحت غير ممكنة ويبدو أننا ذاهبون إلى حرب استنزاف في قطاع غزة، مع تطلع غير واقعي بأن يتم القبض على يحيى سنوار في يوم من الأيام، ربما، فيكون بإمكاننا عندئذ أن نعلن أننا انتصرنا.
من شأن هذه العوامل أن تجعل العملية البرية في الشمال ممكنة، وذلك للمرة الأولى. سيكون هذا قرارا سيئا. الوضع قاسٍ ومُهين، غير أن عملية بهذا الأسلوب قد تعقّده وتفاقمه أكثر. من الصعب رؤية كيفية تحقيق أية فائدة منها. سيعلن المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي عن بطولة المقاتلين (الحقيقية)، عن اغتيال مخربين وعن تفجير ملاجئ مُحصَّنة تحت الأرض، لكن الجيش لن يبقى متمركزًا في المنطقة بعد انتهاء العملية. لن يكرر أي شخص كان خطأ الحزام الأمني. وعندما يخرج الجيش، لن يكون بالإمكان الادعاء حقًا بأنّ تهديد الاختراق البري قد أزيل تمامًا ونهائيًا. سيضطر الطرفان، في كل الأحوال، إلى العودة إلى اتفاق التسوية الذي كان قد وُضع على الطاولة.
وثمة مسألة أكثر إشكالية: الضربات التي ستلحق بالجبهة الداخلية الإسرائيلية قد تلّف أضرارا مؤلمة، لكن من شأنها أيضا تحويل المناورة البرية “الصغيرة” إلى حرب شاملة. لن يكون بمقدور إسرائيل الرد بقوة أكبر على انقطاع التيار الكهربائي وعلى الإصابات التي ستلحق بمنشآت استراتيجية. وحتى هذا الردّ أصبح الآن مُحاصرًا بتحدٍّ يكاد يكون مستحيلا. ذلك أن قادة الجيش الإسرائيلي على مرّ السنوات كانوا يهددون، على الدوام، بأنه في إطار حرب مع حزب الله سيتم تدمير الدولة اللبنانية، منشآتها الكهربائية، المائية ومرافق البنى التحتية. لبنان هو حزب الله، حزب الله هو لبنان. هل في وضعنا الحالي اليوم، في ظل طلبات لاستصدار مذكرات توقيف في لاهاي، تسونامي سياسي وعزلة دولية غير مسبوقة، ستكون إسرائيل قادرة على تفجير منشآت البنى التحتية في هذه الدولة المفلسة، التي يتشبث العالم الغربي بأظافره لكي يُبقيها على قيد الحياة؟ وإذا ما فعلنا ذلك، رغم كل شيء، فما الذي سندّعيه ضد ضربات حزب الله لمرافقنا الاستراتيجية والتي ستحوّلنا، من بين أمور أخرى، إلى دولة تشكل خطرًا على الاستثمارات الأجنبية خلال السنوات المقبلة؟
من المحزن جدًا أن يئير لبيد وبيني غانتس لا يجرُؤان على معارضة هذه المناورة بصورة علنية. هذا نمط متكرر ومُحبط في أدائهما، وخاصة لدى غانتس. عملية في رفح؟ نحن كنا نريد ذلك من قبل. من المسؤول عن إفشال صفقة المخطوفين؟ حَماس. هذا يعود حتى إلى انسحاب دونالد ترامب من الاتفاق النووي مع إيران، بدفعٍ من نتنياهو وبالموقف العام من الاتفاق. يخشى غانتس أن يخسر أصوات الوسط ـ اليمين لكنه يخسر، على الطريق، رصيدًا أكثر أهمية بكثير: القيادة.
ما الذي يمكن القيام به في الشمال، حقا؟ ليست ثمة خيارات جيدة، لكن هذا هو الخيار الأقل سوءاً من بينها: انسحاب إسرائيل، من جانب واحد، من قطاع غزة، والإعلان في غضون ذلك أن الحرب ضد حماس مستمرة وأننا نحتفظ لأنفسنا بحرية العمل والتحرك والعودة إلى هناك متى رأينا ضرورة لذلك؛ التوصل إلى اتفاق حول الترتيبات في الشمال وتكثيف جدّي للوسائل الدفاعية حول البلدات وعلى طول الخطّين الحدوديَّيْن، في الشمال وفي الجنوب.”

وختم التقرير إن “هذا بعيد عن “الانتصار المطلق”، لكنه على الأقل ليس “الهزيمة المطلقة”، وهي الاتجاه الذي تسير فيه الان”..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى