تقارير - ماتريوشكا

سيكون لروسيا اليد الطولى في الردع النووي نتيجة تصرفات الغرب

ماتريوشكا نيوز - موسكو

• سيكون لموسكو الحق في استخدام السلاح النووي ضد الأعداء في حال شكلوا خطرا وجوديا على روسيا لكنها لن تقصف أوكرانيا نوويا

لعلها الصدفة قد لعبت دورا في تزامن احتفال الجمعية العامة للأمم المتحدة باليوم الدولي لإزالة الأسلحة النووية في 26 سبتمبر، وذلك عبر نشاطات مختلفة لتثقيف الناس بمدى خطورة السلاح النووي، وضرورة تخلص البشرية منه، والذي تزامن مع اجتماع مجلس الأمن القومي الروسي لبحث تطوير سياسة الردع النووي الروسية، والموضوع ليس شكليا وليس عابر أو دعائيا كما يحلو لبعض الأوساط الغربية وصف التحذيرات الروسية بما في ذلك تزايد احتمال استخدام السلاح النووي.
فقد انطلق الرئيس الروسي من واقع التغييرات المتسارعة في العالم على الصعيدين العسكري والسياسية، والتي لا تستطيع روسيا تجاهلها، حيث دعا بشكل رئيسي إلى تكييف سياسة الردع النووي الروسية مع المتغيرات الجديدة موضحا: “أن على روسيا أن تأخذ بعين الاعتبار التغييرات في الوضع العسكري والسياسي”، إذ تشير الوثيقة المتعلقة بسياسة الدولة في مجال الردع النووي إلى حق روسيا في استخدام السلاح النووي في حال تعرضت لعدوان من دولة أخرى حتى إن كانت غير نووية، ولكن بدعم من دولة نووية حيث سيعتبر ذلك هجوما مشتركا من دولتين إحداهما نووية، ويضاف إلى ذلك أن لروسيا الحق في استخدام السلاح النووي إن كان استخدام العدو للأسلحة التقليدية كان من الاتساع والقوة بحيث يشكل تهديدا خطيرا لروسيا، كما ركز الرئيس الروسي على أن استخدام السلاح النووي سيكون مشروعا إن تعرض حلفاء روسيا إلى خطر كبير، لكنه في الوقت نفسه أكد أن روسيا كانت وما زالت تسعى إلى منع انتشار الأسلحة النووية ومكوناتها إدراكا من موسكو بحجم القوة الهائلة التي تمتلكها هذه الأسلحة.

تقديرات وتعليقات تؤكد المخاطر
معظم الخبراء يعتبرون هذه الخطوة شبه إنذار أخير للدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، فقد أعلن سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسية قبل أسابيع بوضوح أن روسيا ستغير عقيدتها النووية بناء على تحليل الصراعات الأخيرة والإجراءات الغربية تجاه العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا. ويشير الخبير العسكري فيكتور ليتوفكين أن العقيدة النووية الروسية تنص على أن لروسيا الحق في استخدام السلاح النووي إذا تعرضت هي أو حلفاؤها لهجوم من دولة أو مجموعة دول باستخدام أسلحة نووية أو أسلحة دمار شامل ضدها، أو إن تعرضت لهجوم شامل بالأسلحة التقليدية بحيث يهدد وجود الدولة، إذن المقصود إعطاء مجال أرحب انطلاقا من التغييرات على الساحة الدولية بسبب التصرفات الغربية حسب وزارة الخارجية الروسية، على أن موسكو تنوه في أكثر من مرة أنها لن تقصف أوكرانيا نفسها نوويا مؤكدة أن الشعب الأوكراني شعب شقيق، وعلى الروس والأوكرانيين أن يعيشوا معا فوق أرض واحدة، وبهذا المعنى يكون الحديث حول تطوير سياسة الردع النووي الروسية موجها في المقام الأول إلى الخصوم الذين تزداد خصومتهم ويتحولون إلى أعداء متشددين يوما بعد يوم وخاصة دول الناتو والنووية منها على وجه الخصوص، وقد اعتبر مدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي تعديل سياسة الردع النووية الروسية قرارا من شأنه أن “يبرد الرؤوس الحامية في الغرب” طالما أنهم لم يفقدوا بعد غريزة الحفاظ على النفس، الجدير بالذكر أن خبراء وزارتي الدفاع والخارجية ووزارات أخرى قاموا طوال الأشهر الفائتة بتقييمات نوعية لجميع المتغيرات على الساحة الدولية سواء في مجال تصاعد العقوبات على روسيا التي باتت تعد بالآلاف او في مجال تقديم السلاح لأوكرانيا، والذي وصل حد تزويدها بأسلحة هجومية خطيرة بما في ذلك الصواريخ بعيدة المدى، وتوصل الخبراء الروس إلى ضرورة تجديد سياسة الردع النووية الروسية، حيث بات واضحا أن الغرب لا يريد إنهاء الأزمة سلميا، ويعتبر حالة الصراع في أوكرانيا فرصة لمحاربة روسيا بأيد أوكرانية.

من يعيق التفاوض؟
هذا السؤال بات ملحا جدا مع تزايد احتمال اللجوء إلى السلاح النووي الذي سيعني نهاية العالم، هل حقا لا يمكن التفاوض؟ في الواقع كادت الأمور أن تنتهي بسلام حين جرت مفاوضات في تركيا بين الجانبين الروسي والأوكراني، وبات الوفد الأوكراني قريبا جدا من توقيع الوثيقة وإنهاء الصراع، ولكن التعليمات الغربية منعت استمرار التفاوض فانسحب الوفد الأوكراني من المفاوضات، واستخدم وجود القوات الروسية آنذاك على مشارف العاصمة كييف حجة للتلكؤ بمعنى كيف يمكن أن تتم المفاوضات بنجاح وسلاسة واقعية والمسدس الروسي عند جبين أوكرانيا، لكن الأمر انقلب تماما بعد انسحاب القوات الروسية من محيط العاصمة الأوكرانية، وتبينت سياسة لخديعة والمراوغة الغربية من جديد، كما كان الأمر بالنسبة لاتفاقات مينسك التي كانت خدعة من الغرب لكسب الوقت وتزويد أوكرانيا بترسانة الأسلحة لمواجهة روسيا، وذلك باعتراف القادة الغربيين أنفسهم.
عموما أعلنت زاخاروفا الناطقة باسم الخارجية الروسية إن موسكو لم ترفض أبدا في أي وقت عملية التفاوض باعتباره مبدأ معتمد في السياسة الخارجية الروسية، وهو امر مثبت بالوثائق وعبر الممارسات الروسية العملية لتكريس السلام والاحترام المتبادل، وأضافت ولكن لا يجوز أن نسمي ما يقترحه الغرب مفاوضات، بل هو في حقيقة الأمر مجرد حكايات خيالية ومجرد خدعة أو فخ جديد ويخفي خلفه الأكاذيب، وطالما ما زالت توريدات الأسلحة مستمرة ومازال الغرب يدفع بمواطني أوكرانيا نحو الموت فليست هناك فرصة حقيقية للسلام.
الجدير بالذكر أن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي أوضح أن خطته التي أسماها خطة النصر لا تعني المفاوضات مع روسيا بل إجبارها على السلام، وهي صيغة تعني إجبار الطرف الآخر على ما يشبه الاستسلام، ما دفع بدمتري بيسكوف الناطق باسم الكرملين إلى اعتبار هذا الطرح وهماً غير مقبول ستدفع أوكرانيا ثمنا كبيرا له. نذكر هنا بأن الرئيس الروسي اقترح خطة أخرى تماما للسلام تتمثل في انسحاب القوات الأوكرانية من أراضي الجمهوريات التي انضمت طوعا إلى الاتحاد الروسي، وإعلان حيادها وعدم الدخول في حلف الناتو ناهيك عن نزع سلاحها بشكل طوعي، لكن أوكرانيا رفضت مقترح بوتن الذي أكد أنه سيعطي أوامره بوقف إطلاق النار فورا إن أعلنت كييف موافقتها على خطته، لكن الغرب لايزال يراهن على المستحيل بتحقيق هزيمة روسيا، وهذا بالذات ما يجعل احتمال استخدام السلاح النووي واقعيا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى