صحافة وآراء

الصهيونية هي الصهيونية مهما تلوّنت ليس بعد الخيانة ذنب!

بقلم د. علي عزيزأمين

عندما قال الشهيد المغدور الرئيس العراقي صدام حسين: “لا تستفزّ الأفعى قبل أن تُبيّت النيّة لقطع رأسها” فكان يعبّر عن بعد نظر وبصيرة ثاقبة لا بدّ لكل مقاوم للمشروع الاستعماري الغربي وتجسيده العملي في المنطقة من أخذه بعين الاعتبار في رسم استراتيجياته وتكتيكاته الدفاعية منها والهجومية، وصدق من قال: “إذا قتلت فأجهز، وإذا ضربت فأوجع”، فكيف إذا كان عدوّك وكر أفاعي سامّة، بأنياب حادّة وطائلة، ولا ضوابط لأفعالها، ولا تعرف معنى الرحمة والإنسانية، ولا قِيم ولا أخلاق لها. وأفعالها العدوانية لا تستثني أحداً، وعابرة للطوائف والمذاهب والأوطان، وشعارها المعلن والذي يُدركه الاعمى، ويُسمع مَن به صمم: “الموت للعرب” و “محمد مات” و”نحن قتلنا المسيح”، ويترجمها النازي نتنياهو بشعار “سنغيّر وجه الشرق الأوسط” من خلال “اليد الطولى”.

ومع بهجة الشرفاء والأحرار العرب والمسلمين بإقدام الجمهورية الإسلامية الإيرانية على ردع “الكيان” المتغطرس منفردة، يحق لهؤلاء أن يتمنّوا أن يأتي الرد الإيراني وهو يرسم بالنار تلك اللوحة الفنية في سماء فلسطين المحتلة التوّاقة لنصرة و”نخوة” العرب والمسلمين منذ أكثر من قرن من السنين العجاف، ويحلم بأكثر من مئتي صاروخ، بحيث لا يسمحون له بالتجرؤ بعدوان جديد كما يعدّ العدة الآن ويتوعّد بقطع الرؤوس، دون وجه حق.

لكن مَن الذي يشجع هذا “الكيان” المجرم على التمادي في طغيانه، حتى على من طبّع معه ووقّع معاهدات باركها العالم وأقرّتها الأمم المتحدة، وها هو يرسم خرائط طموحاته التوسعية من النيل إلى الفرات وعلى رؤوس الأشهاد، مستهدفاً الأردن ولبنان وسوريا والعراق والسعودية وحتى تركيا. وإذا كان مبرّراً للغرب الاستعماري بزعامة واشنطن الدفاع عن مشروعه للهيمنة على المنطقة ونهب خيراتها، فإنه من غير المبرر تساوق حتى المستهدفين من العرب والمسلمين مع دعم ذبّاحهم وانتظار وصول سكينته إلى رقابهم تباعاً. وإذا هانت عليهم فلسطين والأقصى، فكيف تهون عليهم أنفسهم ومستقبل أجيالهم وأوطانهم.

إن الضربة القاصمة التي ستنهي الكيان الصهيوني، باستطاعة إيران تنفيذها بما لا يقل عن ستة آلاف صاروخ دفعة واحدة أو مستمرة على عدة أيام، وخصوصاً بعد أن تم احتضار القبة الحديدية بمختلف صنوفها وطبقاتها، وفشل حتى الدروع العربية التي جندتها الولايات المتحدة، والتي وضعت نفسها في دائرة الاستهداف بعد اعتبار إيران كل صاروخ تطلقه هو بمثابة أرض إيرانية لا يحق لاحد المساس به. وبهذا فإن أول ما سينتج بعد الضربة القاضية المرجوّة هو عملية مصالحة تاريخية بين شعوب يجمعها أكثر بكثير مما يفرّقها في التاريخ والجغرافية والتطلّعات والآمال، حيث سترتاح الأمتين العربية والإسلامية من هذا الكابوس “الشر المطلق” الجاثم على صدورهم، ومعهم سيرتاح العالم والبشرية جمعاء. ولكن هل هي معركة إيران وهل هذا “الكيان” النازي يستهدفها وحدها أم يستهدف “الآخر” من شتى الشعوب والقوميات والأعراق؟

سؤال برسم الدول العربية والإسلامية عامة، والمستهدفين المذكورين منهم خاصة، وإلّا فإننا سنكون أمام معسكرين: الأول هم الذين ضد الكيان الصهيوني المجرم ويقاتلوه. والثاني هم الذين حتى يشمتون بكل مَن يستشهد على يد الصهاينة، بل ويفرحون بكل عدوان صهيوني، وهم ضد حياة كريمة ليس لأنفسهم وإنّما للعرب والمسلمين كافّة.

كاتب

  • د. علي عزيزأمين

    مسؤول المكتب السياسي لتنظيم البديل الثوري للتغيير في العراق. ورئيس مؤسسة بابل للدراسات والأبحاث والإعلام والأخبار.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى