تقارير منوعة

اليهود في ألمانيا.. مخاوف قديمة جديدة من معاداة السامية

الضغط غالبًا ما يأتي من طلاب ألمان وغربيين، وليس من الطلاب الفلسطينيين. يوجد نقص في التمييز الواعي بين الحياة اليهودية في ألمانيا ودولة إسرائيل”.

أعد موقع “دوتشيه فيليه” الألماني تقريراً تحت العنوان أعلاه بقلم “كريستوف شتراك” وأعده باللغة العربية “رائد الباش” ونشر اليوم 8/10 الجاري، ورد فيه: “منذ هجوم حماس الإرهابي ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، زادت وتيرة الحوادث المعادية للسامية في ألمانيا. يهود في ألمانيا يروون لـ(دوتشيه فيليه) معاناتهم مع معاداة السامية ومخاوفهم القديمة الجديدة. زادت وتيرة الحوادث المعادية للسامية في ألمانيا منذ هجوم حماس الإرهابي ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول. استُهدف كنيس الحاخام دوفيد روبرتس في شارع برونِنشتراسه بوسط برلين بمحاولة حرق متعمد في تشرين الأول/أكتوبر 2023، وذلك بعد أيام قليلة من  هجوم حماس الإرهابيفي السابع من الشهر ذاته. ومنذ ذلك الحين تم تشديد حماية المبنى وبات يقف أمامه على مدار الساعة أفراد من الشرطة. ويذكر أن حركة حماس، وهي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية. وبعد سؤاله من قبل الموقع  إن كان قد تعرَّض هو شخصيًا لمعاداة السامية، أشار الحاخام دوفيد روبرتس في البداية إلى حماية الشرطة. ثم ذكر أنَّه أصبح الآن ينتبه أكثرخلال طريقه ما بين سكن أسرته والكنيس وبات يميل إلى تجنُّب شوارع معينة. وقد أصيب ذات مرة بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بحجر صغير في رقبته من الخلف، كما يقول: (ارتعدت من هول الصدمة، ولكن عندما درت إلى الخلف ونظرت لم أرى أحدًا). ودوفيد روبرتس مُمتن لحماية الكنيس من قِبَل الشرطة، ويؤكد على دعم السلطات المختصة. وبحسب تعبيره، فإنَّ المنطقة المحيطة بمبنى الجمعية (رائعة) وحيوية جدًا. ولكنها مخيفة بالنسبة لبعض اليهود أيضًا. وأنَّ (كثيرين في جمعيته لديهم خوف كبير)”.

وأضاف التقرير: “أصبحت الحياة اليهودية في ألمانيا بعد الهجوم الإرهابي لحركة حماس ضد إسرائيل حياة مليئة بالمخاوف والقلق. ويقول إن بعض اليهود القليلين يفضلون في الشارع ارتداء قبعة بيسبول بدلًا من الكيباه اليهودية  يتجنَّبون الرموز الأخرى التي تبرز أنَّهم يهود. وكذلك يصف أعضاء الكنيس الذي ينتمي له روبرتس (كاهال أداس يسرول) في شارع برونِنشتراسه البرليني تجارب مشابهة. فعندما تجولوا ذات يوم أحد بآخر الصيف في وسط برلين وهم حاملين لفافة جديدة من التوراة، كان يبدو ذلك كله مثل فعالية أُقيمت في منطقة تخضع لحراسة مشددة. الكثير من الحوادث المعادية للسامية، ارتفع بسرعة عدد الحوادث في ألمانيا بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بحسب معلومات مركز أبحاث ومعلومات معاداة السامية كان عدد هذه الحوادث بمعدل سبعة في اليوم عام 2022. بينما وصل  منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى 32 حادثًا في اليوم. ومن هذه الحوادث كتابات على جدران المباني أو البيوت، وشعارات معادية لليهود  في المظاهرات، واعتداءات صريحة في الشوارع، وكذلك أيضًا هجمات ، حرق متعمد وأضرار جسدية. وبحسب أحدث بيانات مركز أبحاث ومعلومات معاداة السامية فإنَّ العدد ما يزال مرتفعًا. وفي مؤتمر لمؤسسة كونراد أديناور في برلين، وصف الآن طلاب يهود من عدة مدن جامعية ألمانية انطباعاتهم من داخل الجامعات: تحريض صريح ضد اليهود وإسرائيل، وكثيرًا ما لا يجدون الدعم من إدارة الجامعة للطلاب اليهود. وكان من المهم بالنسبة لهم التأكيد على أنَّ الضغط غالبًا ما يأتي من طلاب ألمان وغربيين، وليس من الطلاب الفلسطينيين. وفي نهاية حديثهم مع مؤسسة كونراد أديناور، طلب المشاركون عدم ذكر أسمائهم وعدم تصويرهم. وهذا أيضًا من نتائج هذا العام. ومع ذلك فإنَّ المزاج العام السائد داخل المجتمع اليهودي ليس موحدًا على الإطلاق. حيث ينتقد عدد غير قليل من اليهود حكومة بنيامين نتنياهو الإسرائيلية، التي يضم مجلسها الوزاري أيضًا وزراء يمينيين متطرِّفين. كما يشارك ممثِّلون لليهود في نقاشات ناقدة ويأملون في إجراء انتخابات جديدة في إسرائيل. وأحيانًا يستخدم المبدعون الثقافيون مسرحهم من أجل انتقاد السياسة الإسرائيلية. ولكن سواء الحاخام أو الطلاب يعرفون ويصفون كيف يمكن أن يجتمع انتقاد إسرائيل مع معاداة السامية. إذ يشير الحاخام روبرتس إلى تغيرات في المزاج الأساسي. ويقول إنَّ هناك كراهية لليهود في الأوساط الإسلامية وكذلك في حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي المصنف متطرفا في بعض كما في أوساط أقصى اليسار”.

ظاهرة خاصة ببرلين فقط

“فهل هذه الظاهرة خاصة ببرلين؟ أم تنتشر في المدن؟. ولننظر إلى ماغدبورغ؛ فقد افتتح كنيس يهودي جديد في هذه المدينة في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2023، بعد نحو 85 عامًا من تدمير مبنى الكنيس السابق من قبل النازيين، وهو واحد من ثلاثة كنس يهودية جديدة افتتحت في ألمانيا منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وكان المجتمع اليهودي قد قرَّر هذا المشروع في عام 1999 وعمل من أجله فترة طويلة. وعلى العكس مما يحدث في برلين أو كولونيا، لا يلاحظ في شوارع ماغدبورغ وجود المثلثات الحمراء المعروفة كرمز لحماس، أو كتابات على الجدران معادية لإسرائيل. تقول ماريا شوبيرت: نعم حتى الآن لا توجد هجمات ضد الكنيس أو كتابات على الجدران. ولكن منذ افتتاح الكنيس، يقف على الجانب الآخر من الشارع (مركز شرطة متنقل). وغالبًا ما تقف بجانبه سيارة أو سيارتا شرطة. وماريا شوبرت يهودية عمرها 46 عامًا، تعمل كمساعدة في مجلس المجتمع اليهودي وترشد الزوَّار عبر المبنى الجديد. وهي تلاحظ (بشكل متزايد أنَّ الأحاديث بين الناس الذين كانوا دائمًا مؤيدين لإسرائيل يتحولون بشكل مستمر إلى منتقدين لها). وتضيف ماريا شوبرت (يوجد نقص في التمييز الواعي بين الحياة اليهودية في ألمانيا ودولة إسرائيل، مؤكدة أنَّ صور المظاهرات المعادية لليهود أو المعادية لإسرائيل تثير خوفها). وتستطرد شوبيرت (من الغريب أن يتطرَّف الناس، سواء كانوا مهاجرين مسلمين أو ألمانًا، لم يسبق لهم زيارة إسرائيل ولا يعرفون التحديات هناك)”.

مخاوف كبار السن

“تصل إلى وسائل الإعلام حالات مذهلة من كراهية اليهود وتثير انتباه الرأي العام. ولكن توجد جوانب لا تظهر في أي من تقارير الشرطة. إذ أن رئيس القسم الاجتماعي في جمعية الرعاية المركزية لليهود في ألمانيا إيليا دبوش يصف في أحدث المعلومات الصادرة عن جمعيته العواقب الملموسة بالنسبة لليهود الأكبر سنّاً الذين قدموا إلى ألمانيا من الاتحاد السوفييتي السابق والفترة التي تلته، (فتجاربهم الخاصة كيهود في الاتحاد السوفييتي قد اتَّسمت بالمذابح والتمييز المنهجي والدعاية السوفييتية المعادية للصهيونية). ويضيف أنَّ لديهم منذ فترة كورونا وثم منذ إرهاب حماس (سلسلة متتالية من القلق والتوتر والعزلة والعجز). ورئيس جمعية الرعاية المركزية لليهود في ألمانيا وهو عضو في المجلس المركزي لليهود في ألمانيا ابراهام ليزر، قال: (إن الجمعية باتت تواجه تحديات متنوعة جديدة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول. ولذلك تم بسرعة بعدها إنشاء خط هاتف ساخن باللغة العبرية للحديث مع الإسرائيليين في ألمانيا، الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى أقاربهم أو سمعوا عن الرهائن المختطفين أو أنهم ببساطة يائسون. وبالتوازي مع ذلك قامت الجمعية ـ كما يقول ـ بتوسيع مجال استشاراتها المتخصصة من أجل التعامل مع الحوادث المعادية للسامية في المؤسسات التعليمية.وهو يهتم منذ نهاية عام 2023 بتوفير (مساحات آمنة) مساحات يمكن الانسحاب إليها. ويقوق ليزر البالغ من العمر 70 عاماً والذي ينتمي إلى المجتمع اليهودي في مدينة كولونيا الألمانية إنه يشارك شخصياً منذ فترة طويلة في محاربة معاداة السامية (لكن انفجار كراهية اليهود بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول صدمنا)، ويضيف: (كنت أعتقد أننا نجحنا في الحد من معاداة السامية) لكنه يؤكد أنه يشعر (حقاً بالغثيان) من بعض الأوصاف التي تصله في صور الهجمات على الكنس اليهودية في ألمانيا. محاولة الهجوم الأخيرة على كنيس يهودي في هاله بشرق البلاد ليست الأولى من نوعها في ألمانيا. إذ حتى بعد أهوال الحقبة النازية، مايزال الأفراد والنصب التذكارية وأماكن العبادة اليهودية هدفاً لهجمات معادية للسامية”.

كولونيا، 1959: الصليب المعقوف وخطاب الكراهية

“في أيلول/سبتمبر 1959، قام رجلان من الحزب النازي الألماني، برسم الصليب المعقوف وكتابة شعار (الألمان يطالبون بخروج اليهود)، على جدران الكنيس في كولونيا. انتشر بعد ذلك عبر ألمانيا رسومات وشعارات جدارية ضد السامية، تمكنت الشرطة من اعتقال الجناة، وقام البرلمان بتمرير قانون ضد (تحريض الناس)، والذي لازال حبراً على ورق”.

لوبيك 1994: أول حريق متعمد على معبد منذ عقود

“أصيب العالم بالصدمة بعد إحراق كنيس يهودي شمال لوبيك في آذار/مارس 1994، في هجوم يعتبر الأول من نوعه منذ عقود. تم في النهاية إدانة أربعة أشخاص من اليمين المتطرف. في اليوم التالي للحريق، تجمع 4000 شخص في الشارع، حاملين شعارات (لوبيك تحبس أنفاسها)، ولكن في العام 1995 تعرض ذات الكنيس إلى هجوم آخر”.

إيسن 2000: إلقاء حجارة داخل كنيس قديم

“قام أكثر من 100 فلسطيني من لبنان، بإلقاء الحجارة على كنيس قديم في إيسن بغرب ألمانيا في تشرين الأول/أكتوبر 2000. جاء الحادث بعد مظاهرة ضد (العنف في الشرق الأوسط). أصيب خلال الهجوم شرطي ألماني، فيما نفى نائب رئيس الوفد العام لفلسطين في ألمانيا(الممثلية الفلسطينية) محمود علاء الدين تورطه”.

دوسلدورف 2000: حريق متعمد وحجارة

“قام شاب فلسطيني، 19 عاماً، وآخر مغربي، 20 عاماً، بتخريب كنيس يهودي جديد في دوسلدورف باستخدام الحجارة ومواد حارقة في تشرين الأول/أكتوبر 2000، (انتقاماً) من اليهود وإسرائيل. وصرح المستشار الألماني، آنذاك، جيرهارد شرودير (يجب أن يثور الناس ضد معاداة السامية). وعلى إثر الحادث قامت السلطات الفيدرالية وعدة مؤسسات غير ربحية بإطلاق حملات ضد التطرف”.

ماينز 2010: هجوم بقنبلة مولوتوف بعد وقت قصير من افتتاح كنيس

“بعد وقت قصير من افتتاح كنيس في ماينز، قام متطرفون بإحراق الكنيس الجديد في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2010. المبنى المدهش، من تصميم المعماري مانويل هيرز، أنشئ فوق كنيس قديم تم إحراقه على يد النازيين عام 1938)”.

فوبرتال 2014: مواد حارقة

“في يوليو 2014، ألقى ثلاثة شبان فلسطينيين مواد حارقة بالقرب من الباب الأمامي لكنيس في فوبرتال. إلا أن المحكمة أقرت بعدم وجود (دليل قاطع) على معاداة السامية. أثار القرار الجدل بشكل واسع، وتسبب بموجة غضب وسط الجالية اليهودية في ألمانيا ووسائل الإعلام الأجنبية. وعليه أعلن رئيس الجالية اليهودية فوبرتال أن الحكم (دعوة لمزيد من الجرائم)”.

برلين 2019: مهاجم وسكين

“تسلق رجل وفي حوزته سكينًا حاجزًا يقع في المعبد اليهودي الجديد في برلين مساء يوم السبت 4 تشرين الأول/أكتوبر 2019، وذلك خلال الفترة المقدسة بين عطلتي (رأس السنة) ويوم كيبور. استطاع رجال الأمن السيطرة على المهاجم، الذي ظلت دوافعه غير واضحة. وقامت الشرطة لاحقاً بإطلاق سراحه، وهو قرار وصفه زعماء يهود بأنه (فشل) في تحقيق العدالة”.

هاله 2019: إطلاق نار في يوم الغفران

“تجمع حوالي 80 شخصًا في الكنيس بعد ظهر الأربعاء للمشاركة في مراسم يوم الغفران، والذي يعتبر أقدس يوم في التقويم اليهودي. وبحسب ما ورد، حاول المهاجم المزعوم إطلاق النار على المعبد، ولكن لم يتمكن من المرور عبر باب الأمان. قتل اثنين من المارة وأصيب آخرين بإطلاق النار. وقد تمكنت الشرطة من إلقاء القبض على الفاعل، ليثبت لاحقاً أن لديه سجلا من الخطاب اليميني المتطرف ومعاداة السامية وكراهية النساء”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى