قمة الدول السبع الكبرى ستبحث منتصف يونيو الحالي سبل استخدام الأصول الروسية
ماتريوشكا نيوز – موسكو
• جميع التقديرات تؤكد أن القمة لن تتجرأ على مصادرة الأصول الروسية، والتصريحات النارية مجدر طلقات خلبية
ارتفعت حماسة الدول الغربية من جديد للسطو على الأصول الروسية المجمدة، والتصرف بها لصالح أوكرانيا وإعادة إعمارها، مع اقتراب موعد قمة السبع الكبرى منتصف يونيو الحالي، والتي ستكرس بالدرجة الرئيسية لبحث السبل الممكن استخدامها في هذا المجال.
جعجعة بلا طحن
المقولة الشكسبيرية “جعجعة بلا طحن” تنطبق إلى حد كبير على التصريحات الغربية الطنانة التي توحي باحتمال اتخاذ قرارات انعطافية في هذه القمة، وقد تكاثرت هذه التصريحات ربما بعد أن انعشها قرار السماح لأوكرانيا بقصف الأراضي الروسية بأسلحة غربية، وتكاثرت كذلك اللقاءات التي تحمل طابعا تمهيديا لهذه القمة، حيث أعلن “جون كيربي” المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي أن الرئيس جو بايدن يرى أن فكرة استخدام الأصول الروسية المجمدة جديرة بالدراسة فعلا، ونوه بأنها ستبحث حتى قبل لقاء القمة من خلال اللقاءات الوزارية في أوربا بمشاركة وزير الخارجية الأمريكية “بلينكن”، والحديث يدور حول الأصول الروسية المجمدة والتي تقدر ب 300 مليار دولار، والتي اعتبرت روسيا حتى عملية تجميدها والتصرف بفوائدها سرقة واضحة، وأكدت أنها ستتخذ جميع الإجراءات كرد على هذه العملية. وبما أن الإدارة الأمريكية اتخذت خطوات عملية في هذا المجال رغم أن حجم الأصول الروسية في الولايات المتحدة لا يتعدى 5 مليارات دولار، فقد أصدر الرئيس الروسي مرسوما يسمح بمصادر الأصول الأمريكية الموجودة في روسيا كإجراء مضاد، واستعداد روسيا للمشاركة في إجراءات قانونية واقتصادية لمواجهة هذه الضغوطات مما يعني رفع حدة التوتر المباشر بين روسيا والغرب، ناهيك عن تحذيرها من ان هذه الإجراءات ستؤثر سلبا على العلاقات المالية الدولية، حتى أن رئيسة البنك المركزي الروسي “نابولينا” اعتبرتها خطرا على مجمل النظام المالي العالمي .
تمهيد نحو التصعيد
ويبدو أن الخطوات التمهيدية تتجه تحديدا نحو التصعيد، فقد ناقش “والي أدييمو” نائب وزير الخزانة الأمريكية مع مسؤولين ورجال أعمال ألمان في برلين مسألة استخدام الأصول الروسية المجمدة، وكذلك المسائل المتعلقة بما يعتبرونه التفافا من روسيا على العقوبات الغربية، نشير هنا إلى أن مجلس الاتحاد الأوربي اتخذ قرارا يلزم المؤسسات المالية في أوربا التي لديها أكثر من مليون يورو من الأصول الروسية بتحويل مرابح إعادة استثمارها إلى المفوضية الأوربية لشراء السلاح لأوكرانيا ومساعدتها اقتصاديا، وأوضح “أدييمو” أن زعماء مجموعة السبع سيدرسون احتمالات متعددة كخيارات لاستخدام الأصول الروسية في قمتهم القادمة، وقد تبين من خلال التفاهمات المباشرة بين وزراء مالية مجموعة السبع أن هناك اتفاقا متزايدا لاستخدام الأصول الروسية لدعم أوكرانيا مع تشديد العقوبات ضد روسيا حتى أن “جانيت يلين” وزيرة الخزانة الأمريكي عبرت عن تفاؤلها نتيجة هذه المحادثات التي تشير إلى توافق كبير بين دول المجموعة لاستخدام هذه الأصول حسب يلين.
لن تجرؤ القمة على المصادرة
ولكن هذه المسألة ما زالت تراوح منذ سنتين رغم التصريحات النارية، ويرجح الخبراء أن الأمر سيبقى في نهاية المطاف في إطار استخدام عوائد هذه الأصول المجمدة، ولن يتعدى قرار قمة السبع القادمة هذا الحد نحو المصادرة، لأن المبلغ المجمد موجود أساسا في أوروبا، وهم يستخدمون فوائده عمليا، وبالتالي فإن التوجه نحو مصادرته شبيه بإطلاق النار على أنفسهم، حيث ستنهار أساسا الثقة بالمؤسسات المالية الغربية، كون هذه القرارات ليست من الأمم المتحدة ولا حتى من المحكمة الدولية، وعموما هناك مفهوم واضح حساس جدا لحصانة أمولا الدول ذات السيادة سيتم نسفه.
وحسب بلومبيرغ فإن استراتيجية الغرب في هذا المجال لا تخلو من تعقيد، فهناك تحديات قانونية جدية لأنها تتناقض مع الاتفاقات الدولية الواضحة بهذا الخصوص، ويمكن في نهاية المطاف أن يسيء إلى المنظمات المالية والاقتصادية الدولية، وبالتالي فإن أٌقصى ما يمكن أن تتوصل إليه مجموعة السبع أواسط حزيران الحالي هو أن الأصول الروسية ستبقى مجمدة إلى أن تدفع موسكو التعويضات اللازمة عن الأضرار التي سببتها عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وتعمل على إعادة إعمار ما خربته الحرب.
كما أن اتخاذ روسيا لإجراءات جوابية حاسمة سيشكل هزة جديدة لا لبعض الكيانات الروسية الداخلية وحسب، بل وبشكل أكبر لعدد من الدول التي لا تزال شركاتها تعمل في روسيا، وهي كثيرة على الرغم من المقاطعات والعقوبات العديدة، ومن هنا يتزايد القلق الدولي مع اقتراب موعد قمة السبع، ويشكل هذا القلق بحد ذاته ضغطا حقيقيا لا على روسيا بل على رؤساء الدول السبع الذين يدركون أن قراراتهم ستؤثر على روسيا نسبيا، وعلى الدول الأخرى جديا وبشكل أكبر، بل قد تؤدي إلى تفكك رابطة الدول الأوربية المالية، وكونها خلال عشرات السنين ظلت عنصر جذب لتوظيف الأموال في مؤسساتها.