عقد مجلس الأمن الدولي الجمعة 26 تموز/يوليو الجاري جلسة خاصة حول “الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية”، بطلب من الجزائر والصين وروسيا لمناقشة الوضع الإنساني في غزة، ذكرت خلالها نائبة المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” أنتونيا ماري دي ميو:“إن المعاناة في قطاع غزة آخذة في التصاعد، رغم تبني مجلس الأمن الدولي عدة قرارات تهدف إلى إنهاء الحرب. أن إيصال المساعدات الإنسانية لا يزال مهمة مستحيلة في ظل استمرار العمليات العسكرية وانعدام الأمن والخروج على القانون، ووسط بنية تحتية مدمرة أو متضررة، ونقص الوقود، والقيود المفروضة على التنقل والاتصالات“. وأضافت “في غزة، أصبح التجاهل الصارخ للقانون الإنساني الدولي أمراً شائعاً“.
وتطرقت في كلمتها إلى استمرار جهود الاحتلال لتفكيك “الأونروا” مما يعرض عامليها لخطر جسيم، منوّهة إلى أن الكنيست الإسرائيلية صادقت بالقراءة التمهيدية على ثلاثة مشاريع قوانين تشريعية تتعلق بـالأونروا، أحدها يهدف إلى حظر عمليات الوكالة في القدس الشرقية المحتلة، والثاني يسعى إلى إلغاء امتيازات الأمم المتحدة وحصاناتها الممنوحة للأونروا منذ عام 1949، والثالث يصنف الأونروا على أنها منظمة إرهابية. إذا تم إقرار مشاريع القوانين هذه، فإن العواقب ستكون وخيمة وفورية، فهي تعرض جميع موظفي الأونروا وتفويض الجمعية العامة للوكالة لخطر مباشر. لا يمكن أن نتحمل أن يصبح هذا معيارًا جديدًا للعمليات الإنسانية المستقبلية في مناطق الصراع حول العالم“. مؤكدة على أنه “يتوجب التصدي للدعوات المطالبة بتفكيك وكالة الأونروا، بسبب دورها في حماية حقوق لاجئي فلسطين، ولأنها تجسد التزام المجتمع الدولي بحل سياسي عادل ودائم“.
أمّا مندوب روسيا في مجلس الأمن فاسيلي نيبينزيا، رئيس مجلس الأمن لهذا الشهر، فطالب إسرائيل بالالتزام بالقانون الإنساني الدولي، وتحمل المسؤولية،والتوقف عن عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مشيراً إلى أن قرارات مجلس الأمن بشأن الصراع في الشرق الأوسط لا يجب أن تبقى حبراًعلى ورق. وتطرق كذلك إلى الحملة المضلّلة التي تشن ضد “الأونروا” استناداً إلى مزاعم مشينة قدمتها إسرائيل حول موظفي الوكالة لم تثبت صحتها، بما يحتم على أعضاء مجلس الأمن الوقوف في وجه مساعي تشويه سمعة إحدى مؤسسات الأمم المتحدة والنيل من مصداقيتها. وأكد على أن مشروع القرار في “الكنيست” لحظر نشاط “الأونروا” واعتبارها وكالة إرهابية، تمثل صفعة لكل جهود تحقيق الاستقرار والسلام، مشدّداً على وجوب أن تتقيد كافة الأطراف بأحكام القانون الدولي، وأن تقوم القوة القائمة بالاحتلال بالاضطلاع بمسؤولياتها تجاه الشعب الرازح تحت الاحتلال.
في حين قال مندوب الصين: “إن المأساة المتكشّفة في قطاع غزة تختبر الضمير الأخلاقي للإنسانية، وتهز أسس العدالة الدولية، وإنه تم تجاوز الخطوط الحمراء للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي مراراً وتكراراً”. وأكد أن ما يجري سيُذكر على أنه “وصمة عار في تاريخ البشرية يصعب محوها“، مذكراً بمرور نحو شهرين على اعتماد مجلس الأمن القرار 2735 الداعي إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ومطالباً الولايات المتحدة “بممارسة ضغوط أكبر على إسرائيل للمساعدة في تحقيق وقف إطلاق نار فوري“، وداعياً إلى “عقد مؤتمر سلام دولي لوضع جدول زمني وخريطة طريق لتنفيذ حل الدولتين“.
وكانت “الأونروا” قد عمّمت تحت العنوان أعلاه وثيقة تفنيدية للمزاعم الإسرائيلية المُلفّقة، تتمحور جميعها على شطب “الأونروا” باعتبارها شاهداً حيّاً على نكبة الشعب الفلسطيني، وديمومة قضية اللاجئين، وحقّهم في العودة إلى وطنهم الأم وفق قرارات الشرعية الدولية ومنها القرار 194 الذي نال الكيان شرعيته المشروطة بالاتزام بتنفيذه الفوري غلى جانب قرار التقسيم 181. وذلك استناداًإلى حقائق وبيانات ومعلومات مباشرة موضوعية يمكن التحقق منها، نورد أهم ما جاء فيها:
الزعم: نقلا عن تقديرات استخباراتية مزعومة، نقلت العديد من وسائل الإعلام ادعاءات بأن حوالي 10% من كافة موظفي الأونروا في غزة، أو حوالي 1,200 شخص، لديهم صلات بحماس أو الجهاد الإسلامي الفلسطينية.
الحقائق: لم تتلق الأونروا أية معلومات من السلطات الإسرائيلية حول الادعاء المذكور أعلاه، ناهيك عن أي دليل. وقد علمت الأونروا بهذا الادعاء أولاً من وسائل الإعلام الدولية وبعد ذلك من مؤتمر صحفي عقده مسؤول حكومي إسرائيلي...
الزعم: صرح مسؤولون إسرائيليون بأن “مشكلة الأونروا ليست مجرد “بضعة أناس سيئين” متورطين في مذبحة 7 تشرين الأول”، وبأن “المؤسسة ككل هي ملاذ لأيديولوجية حماس المتطرفة”.
الحقائق: لدى الأونروا أكثر من 30000موظف في مختلف أنحاء المنطقة، بمن فيهم 13000في غزة، غالبيتهم من الفلسطينيين. تأخذ الأونروا على محمل الجد مسؤوليتها في ضمان التزام عملياتها وموظفيها بقيم الأمم المتحدة والمبادئ الإنسانية الأساسية... ومنذ عام 2022، نظر 66 تحقيقا، من أصل 30000 موظف في الأونروا وليس فقط في غزة، في مجموعة من الانتهاكات المزعومة المتعلقة بالحيادية، بما في ذلك الدعم المزعوم لحماس وجماعات أخرى. ولا تزال بعض هذه التحقيقات جارية. إن ست وستون حالة من أصل 30000 موظف – لم يتم إثبات جميعها – تمثل 0.22% فقط. لا يوجد أي أساس على الإطلاق لوصف شامل “للمؤسسة ككل” بأنها “مخترقة تماما”.
الزعم: نقلت عدة وسائل إعلام مزاعم بأن إسرائيل قامت بتوثيق تعميق العلاقات بين الأونروا وحماس، سلطات الأمر الواقع في قطاع غزة، منذ عام 2007.
الحقائق: كما هو الحال في أي مكان آخر في جميع أنحاء العالم، تعمل الأمم المتحدة في بيئات معقدة.. وبما أن الأونروا تعمل في بيئة نزاع في غزة، فإن أنشطتها تحتاج لأن يتم تنسيقها “وإخراجها من دائرة النزاع” مع كافة الأطراف من أجل تمكينها من تنفيذ مهام ولايتها الإنسانية. وبالتالي، فإن الوكالة على اتصال دائم بالسلطات الإسرائيلية وبسلطات الأمر الواقع في آن واحد لإبلاغها بتحركاتنا وعملياتنا.
الزعم: استخدمت مدارس الأونروا في الأرض الفلسطينية المحتلة، التي تستخدم الكتب المدرسية المعتمدة من قبل السلطة الفلسطينية، موادا تمجد الإرهابيين وتشجع على كراهية إسرائيل.
الحقائق: تستخدم الأونروا الكتب المدرسية للحكومة المضيفة، بما يتماشى مع أفضل ممارسات الأمم المتحدة لتوفير التعليم النوعي في بيئات اللاجئين. وتقوم الأونروا بمراجعة كافة الكتب المدرسية المستخدمة في مدارسها لتحديد الأقسام التي قد لا تتماشى مع قيم الأمم المتحدة ومعايير اليونسكو للتدريس. ولا تتسامح الأونروا مطلقا مع خطاب الكراهية والتحريض على التمييز أو العنف. وقد أكد محللون مستقلون وخبراء تعليم دوليون على جودة ومحتوى التعليم الذي توفره الأونروا في مدارسها...
الزعم: تقرير مكتب محاسبة الحكومة الأمريكية لعام 2019 زعم أن الأونروا لم تقم دائما بتنفيذ تدابير لمعالجة المحتوى الإشكالي في الكتب المدرسية.
الحقائق: أعاد تقرير عام 2019 التأكيد على التزام الأونروا الثابت بقيم الأمم المتحدة، وحيثما كانت هناك حاجة إلى تنفيذ أفضل، كان يتم ذلك – ويمكنكم العثور على بياننا حول هذا الموضوع هنا.
تقوم الأونروا بإجراء مراجعة منتظمة ودقيقة لكافة الكتب المدرسية والمواد التعليمية المستخدمة في المدارس لضمان توافقها مع قيم الأمم المتحدة ومعايير اليونسكو، وتعزيز التميز التعليمي وتعزيز التسامح وحقوق الإنسان.
الزعم: بدلا من أن تكون الأونروا جزءا من الحل، فإنها تعمل على إدامة مشكلة اللاجئين، وذلك يشمل من خلال تذكير لاجئي فلسطين بتاريخهم وإخبارهم بأن وطنهم في إسرائيل.
الحقائق: عندما قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بإنشاء الأونروا بإصدار قرار في عام 1949، لم تفوض الوكالة بحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ولا قضية لاجئي فلسطين أو إيجاد حلول دائمة للاجئين.. إن حقيقة أن الأونروا لا تزال قائمة بعد مرور 75 عاما ليست خيارا من قبل الوكالة ولكنها نتيجة لفشل جماعي من قبل الدول الأعضاء في حل مشكلة سياسية.
الزعم: إن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مكلفة بإعادة توطين اللاجئين وحل قضايا اللاجئين. ويمكن لها أن تتولى مهمة الأونروا.
الحقائق: قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتأسيس الأونروا في عام 1949 فيما قامت بتأسيس مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في عام 1950، ومنحت كل منهما ولايات متميزة لمساعدة اللاجئين وحمايتهم. وهذه القرارات منصوص عليها في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي أنشأ الأونروا في عام 1949، والذي تم تجديده منذ ذلك الحين، والنظام الأساسي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الذي اعتمدته أيضا الجمعية العامة للأمم المتحدة، واتفاقية اللاجئين لعام 1951، وهي معاهدة دولية. لا يمكن للأونروا ولا المفوضية تغيير تفويضيهما من جانب واحد.
الزعم: من الأفضل إنفاق أموال المانحين لدعم حكومات المنطقة لمساعدة لاجئي فلسطين، بدلا من القيام بذلك من خلال الأونروا.
الحقائق: خلال المراجعات المنتظمة لولايتها، واصلت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تكليف الأونروا بتقديم الدعم للاجئي فلسطين في جميع أقاليم عملياتها الخمسة: لبنان والأردن وسوريا والضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة. وهي مكلفة بالقيام بذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنة لاجئي فلسطين.