لقد أمتعت مئات الملايين حول العالم كبيرهم قبل صغيرهم مغامرات “الأعدقاء” القط “توم” والفأر “جيري”، ولم يخطر ببال أحد منهم أن يأتي يومٌ يشاهدون فيه قطأً بولنديّاً “نتناً” وفأراً عراقيّاَ كرديّاً يُسمّي نفسه “بن غفير” مُشبّعان بمرض “الطاعون” الفتّاك، ويمارسان متعة إبادة وقتل الآخرين الأبرياء بشهوة لم يسبق لها مثيل في التاريخ البشري حديثه وحتى قديمه، ويتنافسان على فعل ذلك، معتقدان أنهما يُمتعان المشاهدين من البشر: الأسوياء منهم، والمرضى النفسيين.
ويبدو أن غياب القط “النتن” مُيمِّماً شطر “ماما أمريكا” حضنه الدافئ، قد دفع الفأر “بن غفير” لاقناص هذا الغياب للعب دور أكبر بكثير من حجمه القزمي الواضح للعيان دون عدسات تكبير. رغم أنه كان قبل ذلك يرغي ويزبد، لكن بما يُثلج قلب “النتن”، وينطق بما لا يريد أن ينطقه هو بلسانه لاعتبارات خاصة قد يعرفها الفأر وقد لا يعرفها. لكنه بغيابه تقمّص دور القط الغائب الحاضر، معلناً أمام “الكنيست” قبل “مواء” القط الصاخب على خشبة مسرح الكونغرس الأمريكي المُتصهيَن المُتصهيِن: “أنا القيادة السياسيّة، والقيادة تسمح لليهود بالصلاة في جبل الهيكل”، وترافقت كلماته مع نشر “جماعات المعبد” مقطع فيديو يظهر مستوطنين يؤدون سجودًا جماعيًا في أثناء اقتحامهم الأقصى، مرفقًا بتعليق: “اليهود الذين سمعوا بن غفير يعلن أن صلاة اليهود مسموحة بالأقصى سجدوا هناك”. الأمر الذي دفع مكتب القط إلى الرد على الفأر “المُتمادي” بإصدار بيان عاجل يؤكد فيه زوراً وبهتاناً على “أن سياسة إسرائيل في الإبقاء على الوضع الراهن في المسجد الأقصى لم ولن تتغيّر”، بل وتدخّل قط آخر ـ نتن أيضاً ـ من نفس الطينة والعجينة يُدعى “غالانت” معلناً رفض إدخال هذا الفأر “مشعل النيران” وكر مجلس الحرب المُنحلّ أصلاً، لكونه “وزيراً مهووساً يحاول إضرام النيران في الشرق الأوسط”؟!
وها هو يعود اليوم القط “النتن” مشهراً سيفه المُتّفَق على إشهاره مسبقاً مع “البيت الأسود” ومَن والاه، ليؤدي تراجيديا جديدة عنوانها “جزّ رؤوس العرب الذين تطاولوا على العرب في مجدل شمس”، ومعهم يُصفّي حساباته المُبيَّتَة مع مَن حاول منافسة “عديقه” المُدلَّل “بن غفير” من قطط “الحيّ المُنتِن” ذاته في اللعب أثناء غيابه؟!