• قد يتوصل العلماء قريبا إلى تبديل الرؤوس والأجساد البشرية الأمر الذي سيكون بمثابة أمل كبير للمشلولين من البشر
قبل قرابة مائة عام وتحديدا عام 1926 كتب الروائي الروسي الكستدر بيليايف روايته الشهيرة “رأس البروفيسور دويل” في إطار الخيال العلمي حيث يقوم العالم كيرن بقتل أستاذه دويل ويحيي رأسه ويتواصل معه في محاولة للاستفادة من عبقرية دماغ البروفيسور دويل… كانت تلك الأفكار تعتبر غير قابلة للتحقق إطلاقا ولكن بوادر تحقيق هذه المعجزة بدأت تظهر في الآونة الأخيرة.
تشير الأبحاث الحديثة حول الدماغ إلى حدوث قفزات نوعية في التعامل مع الدماغ البشري، حدث ذلك في معهد العلوم الأساسية في كوريا الجنوبية، وتحديدا فيما يعرف بطب النانو، وذلك عبر استخدام المجالات المغناطيسية، حتى أن أحد كبار علماء معهد العلوم العصبية الإسباني “فيليكس ليروي” أكد أن مفهوم استخدام المجالات المغناطيسية لمعالجة الأنظمة البيولوجية بات راسخا، ويمكن استخدامه في التصوير بالرنين المغناطيسي والتحفيز المغناطيسي في الرأس لعلاج السرطان، ولكن التجارب الرئيسية لا تزال تُجرى على الفئران بما في ذلك تعديل الجينات، كما تم في الولايات المتحدة صنع روبوت يستطيع تلقي تعليماته عبر الإشارات الكهربائية للمخ البشري، وذلك عبر استخدام جهاز يقرأ الأفكار في رأس الإنسان وينقلها كأوامر إلى الروبوت لتصحيح أخطائه لمجرد التفكير بتصحيح هذا الخطأ أو ذاك، أو حتى إعطاء الأوامر للروبوت لتنفيذ أعمال نوعية محددة في ظروف صعبة.
ويمكن القول أن هذه التقنية الحديثة التي ابتكرها معهد ماساتشوستس قريبة إلى حد كبير من تلك الأفكار التي عبر عنها الكاتب الكسندر بيليايف في روايته “رأس البروفيسور دويل”، حيث تسمح هذه التقنية بتسجيل نشاط الدماغ البشري للتحكم بروبوت واحد ومن دماغ بشري واحد. وسيساعد هذا الابتكار الناس المعوقين، وخاصة المصابين بالشلل الشامل في توجيه أوامرهم إلى روبوت يخدمهم دونما الحاجة إلى استخدام أيديهم ولا حتى ألسنتهم، بل يكفي التفكير مثلا بتحريك أرجلهم الصناعية، وذلك باستخدام خوارزمية التعلم آليا.
وحسب “ولفرام بورغارد” أستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة فرايبورغ في ألمانيا، فإن هذا الابتكار يقربنا من تطوير أدوات فعالة لروبوتات يتم التحكم فيها بواسطة الدماغ البشري بشكل مطلق، والتحكم بالأطراف الصناعية عبر المخ البشري. ونظرا لمدى صعوبة إمكانية ترجمة لغة الإنسان إلى إشارة ذات مغزى بالنسبة للروبوتات، يمكن لهذا الاختراع أن يكون له أثر عميق حقا على مستقبل التعاون بين الإنسان والروبوت عبر الدماغ البشري.
المثير في الأمر أن الباحثين يتوقعون أن يتطور هذا النموذج بحيث يكون مستوى التواصل فوق نسبة 90% ، والأكثر إثارة هو أن فريقا من الباحثين تمكنوا من صنع جهاز يمكنه إبقاء الدماغ حيا بعد فصله عن الجسد ما يذكر تماما برواية الكسندر بيليايف “رأس البروفيسور دويل” التي نوهنا بمحتواها في بداية هذا المقال، وقد أجريت التجارب على خنزير حيث قُدم لدماغه ما يحتاجه من دم وضغط وحرارة والمواد المغذية التي يحتاجها الدماغ عبر خوارزمية دقيقة جدا، ولا يستثنى أن تتم لاحقا عمليات زرع الدماغ في المستقبل الأمر الذي يعتبر مستحيلا في الوقت الحالي.
نشير أخيرا إلى أنه سبق أن أجريت قبل سنوات عملية زرع رأس إنسان ميت على جثة ميت آخر في الصين، وذلك فقط لإثبات إمكانية إجراء مثل هذه العمليات لاحقا من خلال وصل العمود الفقري والأعصاب والأوعية الدموية واستغرقت العملية 18 ساعة متواصلة، وإن تحقق ذلك سيكون مفاجأة كبرى وخاصة للمصابين بشلل كامل في الجسد حيث يمكن زرع رأس جسد المشلول على جسد متبرع سليم الجسم.