وحدة “كيتر”: وحدة “الموت”
وورد في تقرير مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة “بتسيلم” حول هذه الوحدة المتوحشة: “من بين الوحدات الخاصّة التابعة لمصلحة السّجون،احتلّت وحدة “كيتر” )قوُّة الردّ الأوّلي( موقعُاً مركزيّاً في إفادات الشهود أمام بتسيلم، حتى أنّ اثنين منهُم أسمياها “وحدة الموت.” وظيفة هذه الوحدة، التي أقيُمت منذ العام 2010، أن تتدخّل في جميع حالات الطوارئ كردّ أوّليّ إلى حين وُصول قوُّات تعزيز إضافيّة – مثلًا، لدى اندلاع أعمال شغب في السّجن أو محاولات فرار. يتّضحً من ذكر الوحدة في وسائل الإعلام ومُختلف إفادات الشهود أنّها تعمل في سجن النقب ”كتسيعوت” ومعسكرّ ”عوفر”، وهُما السّجنان الأساسيّان اللّذان يُحتجز فيهما أسرى ومعتقلون إداريّون فلسطينيّون. وقد حدث في الماضي أن وُجّهت سهام النقد إلى هذه الوحدة في أعقاب ادّعاءات بأنّها استخدمت قوُّة مُفرطة وتورّطت في عمليّات تعذيب. منذ بداية الحرب ارتبط اسمُ الوحدة بشُبهات خطيرة حول استخدامها وسائل متطرّفة ومُخالفة للقانون. مجموع الإفادات التي جمعتها بتسيلم يدلّ على أنّ الوظيفة المركزيّة التي تقوم بها هذه الوحدة منذ 7 أكتوبر هي تعذيب الأسرى والتنكيّل بهم جسديّاً وجنسيّاً ونفسيّاً. الشهود
لذين احتُجزوا في مختلف مرافق الحبس وصفوا عناصر هذه الوحدة بصورة مشابهة: يرتدون زيّاً أسود، بدون بطاقاُت تعريف، ملثمون، مسلّحون بسلاح ناريّ وهراوات، في معظم الأحيان تُرافقهم كلاب، وفي حالة واحدة تحدّث شاهد عن استخدام قنُبلة صوت. انطلاقاُ من إدراكهم أنّه لا وسيلة للتعرّف عليهم. ولن تكوّن هناك تبعات لأفعالهم، تصرّف عناصر الوحدة بعُنف استعراضيّ ومُنفلت بلغ حدّ التنكيّل والتعذيب:
(في صباح يوم 15.10.23 وبعد أن انتهى العدد، جاء عناصر من وحدتيّ ”يماز” و”كيتر” ملثّمين ومسلّحين بسلاًح ناريّ وهراوات، ومعهُم كلاًب. ضربونا وأمرونا أن ننحني ونخرج من الغرفة واحداً تلو الآخر سيراً إلى الخلف، ثمّ نمشي في الممرّ بطوّله ونحن في هذه الوضعيّة. في أثناء ذلك كانوا يقفون عند الباب يركلون ويضربون بهراواتهم كلّ أسير يخرج من الغرفة. عندما جاء دوري لأخرج ركل أحد العناصر وجهي وأنا منحني، ثمّ انقض عليّ كلب وهاجمني برجليه الأماميتين ورأسه ـ كان فمه مربوطاً برسن ـ اقتادوني إثنان من عناصر الوحدتين طوال الطريق فيما كان أحدهما يضغط رأسي إلى الأسفل والثاني يركلني. أخذوني إلى غرفة فيها معتقلون من قبل فصار مجمل عددنا نحو 20 أسيراً. كنّا جميعاً هدفاً لضرباتهم: ركل، لكم، أو ضرب بالهراوة. أصيب بعض الأسرى بجروح وسال دمهم. أبقونا هناك مدة سبع ساعات أمضيناها نئن ونتأوّه من شدة الألم. بعد ذلك أعادونا إلى غرف اعتقالنا بالطريقة نفسها) من إفادة فراس حسّان ، 50 عاماً وهو أب لأربعة من سكان هندارةفي محافظة بيت لحم، سجن في سجن النقب “كتسيعوت”.
(عندما وصلنا إلى سجن النقب “كتسيعوت” كانت الوحدة المسؤولة هناك هي وحدة “كيتر.” لم تكن الغرفة مضاءة ولم تكن هناك مياه. شعرت وكأنني في قبر ضيق. بعد نص ساعة بدأت أواجه صعوبة في التنفس وكنت منهكاً. ارتفع منسوب السكر في دمي وكان نبضي سريعاً.
كنت أشعر فعليّاً بأنني على وشك الموت. جاءت لاحقاً مجنّدة وفتحت شبّاكاً صغيراً ثم فتحوا الباب، وراحوا ينادوننا كلّاً باسمه لينقلونا واحداً تلو الآخر إلى الزنازين. عندما حان دوريّ أمرني أحد السجّانين أن أطأطيء رأسي ثم أمسك آخر يديّ ولواهما بقوة خلف ظهريّ. اقتادوني قرابة 500 متر وكانوا يضربونني بوحشية حتى هويت على الأرض فكالوا لي الركلاًت على أجزاء مختلفة من جسديّ.
أثناء الاعتداء كانوا يشدّون ملابسي حتى جرّدوني منها كلّها بما فيها ملابسي الداخلية. سمعت أحدهم يقول للآخر: (هذا مريض) ورغم ذلك استمروا في ضربي. شعرت بأنني على وشك الإغماء. وفي نهاية الأمر أمروني بارتداء ملابسي وعندها كنت أحاول بصعوبة ارتداءها كانوا يواصلون ركلي.شعرت بالألم في خاصرتي وكنت أتنفس بصعوبة. لم أستطع الحراك ناهيك عن السير. ظللت ملقى على الأرض حتى جرّني ثلاثة منهم . عندما جرّوني رأيت على الأرض دماء معتقلين آخرين. أنا أيضاً كانت ذراعي اليمنى تنزف حتى أنني لم أنتبهلذلك مسبقاً. أحضروني إلى قسم 27 وألقوا بي على الأرض في الساحة، وهناك أيضاً ركلوني عدة مرات على أجزاء مختلفة من جسديّ. أمروني بعدئذ أن أقف لكنني لم أستطعّ، فجرّوني مجدداً إلى غرفة 3 وألقوا بي بجوارها. فتحوا الباب وأحضر أحدهم عبوة شامبو كبيرة وسكب محتواها داخل الغرفة بجوار الباب، ثم وضعوني فوق الشامبو المسكوب ودفعوني بأرجلهم بقوة على أرضية الغرفة. انزلقت حتى ارتطمّ كتفي الأيمن بإطار أحد الأسرّة. تعرض كتفي للإصابة نتيجة لذلك وما زلت أعاني جراء الإصابة حتى اليوم.) من إفادة أشرف المحتسبَّ, 53) عامًا( وهو أب لخمسة، من سكاّن الخليل. سُجن في معتقل “عتسيون” وسجني “عوفر” والنقب “كتسيعوت”؟!
وأكد التقرير على أن “السّلوك الإجراميّ للسجّانين من وحدة “كيتر” والعُنف المتطرّف وغير المتوقّعُ واللّاعقلانيّ الذي مارسوه ألقى رُعباً حقيقيّاً في قُلُوب الأسرى الذين كانوا على احتكاّك معهُم. وهو رُعب لازم الأسرى طوال فترة سجنهم، وعلى الأرجح أنه قدُ أسهم في تعميق الصّدمة النفسيّة التي ما زال يعانيها الفلسطينيّون حتى بعد إطلاق سراحهم”؟!
(في تلك اللّيلة خفنا أن نتحدّث مع بعضنا البعضّ. فقط كنّا نتهامس. خيّم صمت على الزنازين ولم يجرؤ أيّ منّا حتى أن يطلّب استدعاء طبيب. كانت الزنازين مُعتمة، ومن حين لآخر كان يمرّ سجّان، يُنير بمصبّاحه عبر كوّة الباب ويسأل باللّغة العربيّة “من منكنّ حماس يا بنات؟” فلاً يجرؤ أحدنا حتى على النظر نحوه، لأنّنا خفنا أن يدخلوا ويُهاجمونا مرّة أخرى.
عقب إحدى جلسات التحقيق، المحقق أمرني أن أخرج من الغرفة فرأيت عناصر وحدة “كيتر” في الممرّ. تشبّثت بالباب ورفضت أن أخرج. قلت للمحقّق: “أتوسّل إليك، لاً تُخرجني. سوف يقتلونني”، فما كان إلّاً أن صرخ: “خذوا هذا الكلب.”! دفعوا برأسي إلى أسفل حتى قارب أن يُلاًمس الأرض، وجعلوني أركضّ بهذه الوضعيّة وُصولاًا إلى الزنزانة. في الطرّيق أمسك أحدهم يديّ – المكبّلتان إلى الخلف، وظلّ يشدّهما بالقوّة إلى الوراء حتى وصلنا إلى الزنزانة.)؟! من إفادة ع.أ,. من محافظة الخليل.
وخلص التقرير إلى أنه “وفقاً لأقوُال الشهود، خلال بعض الهجمات التي شنّها سجّانو وحدة “كيتر“ على الأسرى تواجد أشخاص من جهات أخرى في مصلحة السّجون – هؤلاء كانوا يقفون جانباً ولا يفعلون شيئاً لحماية المعتدى عليهم، بل هُم عمليّاً أضفوا بحُضوًرهم شرعيّة على الاعتداءات. حُضوًر الضبًّاط الكبّار، ناهيك عن مشاركة عشرات من عناصر مصلحة السّجون في الهجمات، يدلّ على أنّ ما جرى لم يكنّ أحداثاً موضعيّة أو مرتبطة بسجّان “انحرف عن الصّواب.”
فتحوا باب الغرفة انقضّوا علينا يضربوننا بالهراوات. أمسكني اثنان منهم وراحا يضربانني بالهراوات على ظهريّ. أمسك أحد العنصرّين برأسي وأنا ملقى على الأرض وضرب وجهي بالهراوة. أخذ الدّم ينزف من عيني اليُمني ووجهي. قلت لهم بالعبريّة “إنّني أموت! “، فردّ أحدهما إنّه يريدني أن أموت وأمرني آخرون أن أخرس وأغلق فمي.
بعد أن ضربوني مدّة 10 دقائق قيّدوا يديّّ خلف ظهريّ بأصفاد بلاًستيكيّة وبالغوا في شدّها حتى أحسستُ أنّهم يقطعّون يديّ. واستمر الضرْب بينما كان أفراد من القوّة يدوسون صدريّ ورأسي.
الأعضاء الجنسية لدى بعضّ الأسرى. ولم تتوقّف الشتائم: “أبناء شرموطات”، “أبناء زانيات”، “كلاًب”، “داعش.” وكان بعضّ أفراد القوّة يصوّّرون ما يجريّ بواسطةّ هواتفهم النقالة وبواسطةّ كاميرات. سمعت الضابط يقول بالعبرية لبقيّة أفراد القوّة: “نحن في بث مباشر مع بن جفير.”
استمرّ هذا الهُجوم علينا وقتاا طويلاًا، أكثر من نصفّ ساعة من الضرب المستمرّ. كان انطبّاعي أنّهم يُريدون أن يُلحقوا بنا أكبر قدْر ممكن من
لسماع صُراخ الأسرى الآخرين في الغرف الأخرى وهُم يتعرّضون للضرب. كنّا خائفين طوال الوقت، ليلاًا ونهاراا، من أن يُهاجمنا عناصر القوة مرّة أخرى.
من إفادة فراس حساَّن, 05) عامًا( وهو أب لأربعة، من سكاّن هندازة في محافظة بيت لحم. سُجن في سجن النقب “كتسيعوت” | لقراءة الإفادة الكاملة
من بين الوحدات الخاصّة التابعة لمصلحة السّجون،120 احتلّت وحدة “كيتر” )قوُّة الردّ الأوّلي( موقعُاً مركزيّاً في إفادات الشهود أمام بتسيلم، حتى أنّ اثنين منهُم أسمياها “وحدة الموت.” وظيفة هذه الوحدة، التي أقيُمت منذ العام 2010،121 أن تتدخّل في جميع حالات الطوارئ كردّ أوّليّ إلى حين وُصول قوُّات تعزيز إضافيّة – مثلًا، لدى اندلاع أعمال شغب في السّجن أو محاولات فرار. يتّضحً من ذكر الوحدة في وسائل الإعلام ومُختلف إفادات الشهود أنّها تعمل في سجن النقب ”كتسيعوت” ومعسكرّ ”عوفر”، وهُما السّجنان الأساسيّان اللّذان يُحتجز فيهما أسرى ومعتقلون إداريّون فلسطينيّون122. وقدُ حدث في الماضي أن وُجهت سهام النقد إلى هذه الوحدة في أعقاب ادّعاءات بأنّها استخدمت قوُّة مُفرطة وتورّطت في عمليّات تعذيب123. منذ بداية الحرب ارتبط اسمُ الوحدة بشُبهات خطيرة حول استخدامها وسائل متطرّفة ومُخالفة للقانون124.