صحافة وآراء

مجلس الأمن يتحوّل إلى مجلس وعظ وإرشاد!

بقلم فضل المهلوس

“هل استنفذت الأمم المتحدة دورها، وغدت تسير حثيثاً نحو مصير عصبة الأمم، أم أن نظاماً دولياً جديداً متعدد الأقطاب قد يفرض نفسه بالقوة لينهي الغطرسة والهيمنة الأمريكية الغربية ووكيلها “الكيان” المجرم في منطقة الشرق الأوسط، ويحقق العدالة المغتالة، ويُعيد الأمم المتحدة للحياة، ولمجلس الأمن هيبته ودوره في فرض الأمن والسلم العالمي بعد أن جعلوه إلى مجرّد مجلس وعظ وإرشاد”.

أخيراً تمخّض مجلس الأمن الدولي بشق الأنفس عن دعوة “جميع الأطراف احترام سلامة قوات اليونيفيل” في الجنوب اللبناني، ولو أنه ولد “فأراً” لكان أجدى له وأكثر وضوحاً وتحديداً. وبذلك يكون قد أطلق على نفسه رصاصة الرحمة بعد عقود طويلة من وجوده في غرفة الإنعاش، وأجهزة التنفّس الاصطناعي، ويكون الأمن والسلم الدولي قد غدا بلا راعٍ ولا رادع، وأصبح العالم تسوسه “شريعة الغاب” بصورة رسمية، يصول ويجول فيه المتغطرس الأمريكي والغرب الاستعماري وصنيعتهم “الكيان” المجرم المطلقة “يده الطولى” ليفعل ما يريد من مجازر وجرائم، متحدّياً العالم أجمع ومنظومته الدولية التي مزّق “ميثاقها”، وداس على قوانينها الدولية والإنسانية وعلى رؤوس الأشهاد، وبمنتهى الغطرسة والعنجهية عن سبق أصرار وتصميم، مستنداً إلى شراكة أمريكية وغربية لا حدود لها، ومستخدماً أحدث تكنولوجيا صناعاتها العسكرية حتى المحرّم استخدامها، في مجازرة وجرائمة اليومية، باعتباره فوق القانون الدولي ولا يخضع للمساءلة والعقاب، ولا حتى مجرّد السؤال عمّا يقترفه ويفعله، كيف لا؟ فـ “من أمن العقاب أساء الأدب”!

ولم ينس المجلس المقتول أن يجدد التعبير للمرة المليون بعد الالف عن قلقه الشديد والمزمن، بعد تعرض عدد من مواقع قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة في لبنان “اليونيفيل” لإطلاق نار، داعياً في بيانه المقتضب”جميع الأطراف في لبنان إلى الالتزام بالقانون الإنساني الدولي”. وبذلك لم يخرج عن المألوف في مساواته بين الجلّاد والضحية، واستجاب لإبتزاز ثلاثي شر الدول دائمة العضوية الأمريكي ـ البريطاني ـ الفرنسي بتجنّب مجرّد ذكر “الكيان” النازي ببنت شفة، والعالم يعلم ويرى عصابات الاحتلال هي من يُعرّض سلامة “اليونيفيل” للخطر، وهو الذي استهدفها بقذائف دباباته وأصاب خمسة من أفرادها عندما رفضت استعماله لمواقع تمركزها، وهو الذي اتخذ من قواتها دروعاً بشرية، وهو الذي طلب منها الانسحاب من مواقعها المحددة بحسب قرار المجلس المغدور ذاته 1701، وتقاريرها الميدانية تؤكد ذلك.. كما أن زعيم تلك العصابات الكذّاب الأشر النازي البولندي”بنزيون ميليكوفسكي” مَن أمر بكل صلف وعجرفة الأمين العام للأمم المتحدة غوتيرتش بانسحابها شمالاً داخل الأراضي اللبنانية ومغادرة مواقع تمركزها، ليبرر لاحقاً استهدافه لها في حال الرفض، وإلصاق التهمة كعادته بالمقاومة اللبنانية، واحتلال مواقعها الحسّاسة لتكون منطلقاً له في عملياته العدوانية المستعصية أيّما استعصاء.

ألم يكف مجلس الأمن الدولي 375 يوماً من المجازر في غزة والضفة والقدس وسوريا واليمن، واستهداف مقرات الأمم المتحدة وعامليها ، وتهديد الامين العام للأمم المتحدة ودعوته للاستقالة رضوخاً لرغبات تل أبيب، واعتباره “شخصاً غير مرغوب به” لرفضه الرضوخ لتلك الرغبات، واستهداف محكمتها الدولية بصفتها الاعتبارية وبشخوص قُضاتها ومدّعيها العام.. كي يُسمّي الأمور بمسمّياتها، أم أنها تؤكد مقولات أن الغرب أنشأها لتكون أداة بيده لتطويع العالم وإخضاعه، وأن القانون الإنساني الدولي وميثاق الأمم المتحدة جرى صياغته ليتم تطبيقه على دول وشعوب الجنوب والشرق حصراً، وهم يجاهرون بذلك، والعالم كلّه بات يعرف ويحرف مع الأسف. فهل استنفذت الأمم المتحدة دورها، وغدت تسير حثيثاً نحو مصير عصبة الأمم، أم أن نظاماً دولياً جديداً متعدد الأقطاب قد يفرض نفسه بالقوة لينهي الغطرسة والهيمنة الأمريكية الغربية ووكيلها “الكيان” المجرم في منطقة الشرق الأوسط، ويحقق العدالة المغتالة، ويُعيد الأمم المتحدة للحياة، ولمجلس الأمن هيبته ودوره في فرض الأمن والسلم العالمي بعد أن جمّدوه وجعلوه إلى مجرّد مجلس وعظ وإرشاد.

كاتب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى