زفّ رئيس مجلس الوزراء العراقي القائد العام للقوات المسلحة العراقية محمد شياع السوداني يوم أمس الثلاثاء للشعب العراقي خبر مقتل والي “داعش” في العراق، قائلاً: “أبارك لأبناء شعبنا الكريم مقتل ما يسمى (والي العراق) في تنظيم داعش الإرهابي، و(8) من كبار قيادات التنظيم، في العملية البطولية النوعية لجهاز مكافحة الإرهاب والأمن الوطني، وبإشراف العمليات المشتركة، التي استهدفت جحور الإرهاب المختبئين بها في جبال حمرين.. نشدّ على أيدي أبطال جميع أبناء قواتنا الأمنية، ونؤكد أنه لا مكان للإرهابيين في العراق، وسنلاحقهم إلى مخابئهم ونقضي عليهم، حتى تتطهر أرض العراق منهم ومن أفعالهم الآثمة”. وفي السياق ذاته أكد نائب قائد العمليات المشتركة، الفريق أول الركن قيس المحمداوي، يوم الثلاثاء، “أن عملية قتل ما يسمى (والي العراق) لدى عصابات داعش الإرهابية خُطط لها منذ 4 أشهر، وأن التنظيم في انهيار حقيقي ولا توجد قيادات إرهابية في العراق”. وأضاف مفصّلاً: “أن العملية تحمل رسالة بقدرة القطاعات على مسك زمام الأمور ومواجهة التحديات القادمة والاندفاع والتجربة الكبيرة التي اكتسبتها القطاعات البطلة.. أن العملية استمرت طيلة ساعات ليلة أمس وكانت هنالك اشتباكات وتنقل من مكان إلى آخر، وكان لدى الإرهابيين مواضع محصنة”، مشيراً إلى أن: “العملية أسفرت أيضاً عن تدمير معامل للتفخيخ وتدمير كل البنى التحتية الخاصة بالدعم اللوجستي والمواد الفنية والاتصالات والأعتدة والأسلحة في الموقع الذي كان أشبه بمقر خاص بوالي العراق جاسم المزروعي وثمانية من القيادات الإرهابية من الخط الأول، والآن يجري العمل للفحص والتأكد من أسمائهم”. وكانت قيادة العمليات المشتركة قد استبقت يوم الإثنين بالإعلان عن “قتل ما يسمى والي العراق لدى داعش ومعاونيه في جبال حمرين”، مؤكدة “أن العملية استمرت عدة شهور وبمشاركة التحالف الدولي”. وكانت القيادة المركزية الأمريكية قد سبقت كل تلك التصريحات الاحتفالية العراقية بعدة أيام، بإعلانها يوم الجمعة الفائت عن “قتل قادة كِبار من داعش في شمال العراق، مفسدة بذلك التصريحات الكرنفالية اللاحقة للمسؤولين الرسميين العراقيين، ومجرّدة الشعب العراقي حتى من فرحتهم الوهمية بإنجازات مسؤوليهم الملحقين بتحالف واشنطن “الدولي”، ولو من باب تبييض الوجه القبيح، وهذا ديدن واشنطن في التعامل مع أتباعها على امتداد العالم.
لقد بات واضحاً أن واشنطن لا تزال مصرّة على استغلال “فزّاعة داعش” التي صنعتها وأكذوبة “الحرب على الإرهاب” لضمان ولاء تابعيها قبل تخويف معارضيها، في العراق وعموم العالم كذلك، رغم افتضاحها بصورة سافرة لا لبس فيها بكونها رأس الإرهاب العالمي، وحيثما حلّت يحلّ معها سفك الدماء والفساد والخراب وإشاعة الفتن والفُرقة. وما تقوم به من مسرحيات مكرّرة في استهداف “داعش” في العراق وغيرها، وهي التي أعلنت مراراً وتكراراً القضاء على تنظيمها الإرهابي، وانتهاء عمليّاتها العسكرية والأمنية بالقضاء المبرم على فلوله.. ما هو إلّا تضليل وخداع ليس للشعب العراقي الذي عايش الحقائق على الأرض واكتوى بنيرانها ودفع غالياً أثمانها، وإنّما للإبقاء على سيفها الداعشي مسلّطاً على رقاب أتباعها كي يبرروا تمسّكهم ببقاء قوات الاحتلال الأمريكي جاثمة فوق الأرض العراقية والتجديد المتكرر للاتفاقيات الأمنية بدواعي خطر داعش. في حين أن الجميع يدرك أن الاحتلال هو الخطر الحقيقي على وحدة وسلامة واستقرار وسيادة العراق، وبزوال هذا الاحتلال البغيض تعود للعراق وحدته ولحمته الوطنية واستقراره وسيادته، وهو ما لا تريده بل وتواجهه واشنطن وكيانها النازي في فلسطين المحتلة، ويتعارض كذلك مع مصالح ومكتسبات أذناب الاحتلال المتحصّنين في المنطقة الخضراء.
وإذا كانت فرحة الشعب العراقي الحقيقية تكمن في الاستغناء عن خدمات ما يسمى التحالف الدولي بقيادة المارينز الأمريكي، وبسط الجيش العراقي الوطني العريق والقوى الأمنية العراقية الأصيلة الصرفة لسلطتها الشرعية على كامل التراب الوطني العراقي، ومحاربة الفساد وملاحقة الفاسدين ومحاسبتهم، واستعادة القضاء العراقي لسلطاته الدستورية بعيداً عن الأحكام الطائفية الفتنوية والقوانين الجائرة التي فرضها الاحتلال واستبعد بواسطتها مكوّنات أساسية وهمّش أخرى لتفتيت العراق وإشاعة الفوضى والطائفية المدمّرة، ومنها على سبيل المثال قانون “اجتثاث البعث”، وآخرها ما وقّعه رئيس الجمهورية العراقي عبد اللطيف رشيد يوم 13/10 الجاري من مرسوم يقضي بإعدام 500 رجل من الطائفة السنيّة الكريمة، بحجّة أنهم متعاونون مع تنظيم “داعش” الإرهابي، بعد نزع اعترافات منهم تحت التعذيب الوحشي. وهو ما تمّ تنفيذه ظلماً وعدواناً. وكذلك ما يواجهه 11 ألفاً آخرين من المصير ذاته على شكل دفعات متتابعة، إستجابةً لأوامر أمريكية لا لبس فيها، إلّا ان واشنطن وعملائها في العراق والمنطقة يصوّبون سهامهم المسمومة صوب “شمّاعة” إيران كالمعتاد. فمتى تكتمل فرحة الشعب العراقي الحقيقة الآتية حتماً؟
ولعله من سخرية هذا الزمان أن يبارك السوداني للشعب العراقي يوم الثلاثاء ما أعلنت قيادة الاحتلال الأمريكي عن إحتكارها إنجازه منذ يوم الجمعة الفائت. ولا عجب فإنه زمن الرويبضة، وما أدراك ما الرويبضة!