
طبيبة أمريكية حرّكتها إنسانيّتها نحو غزة تروي مشاهداتها باكية: العالم لا يعترف بقيمة حياة الفلسطينيين!
“من خلف المحيطات البعيدة، تحرّكت مشاعرها الإنسانية، وهي تشاهد حرب الإبادة والجرائم ضد الإنسانية اليومية التي ترتكبها عصابات ما يسمى جيشاً، وبأحدث الأسلحة الأمريكية والغربية الأشد فتكاً ضد الأطفال والنساء والمُسنين الأبرياء.. لبّت نداء الإنسان الساكن فيها، ولم تأبه لما قد تتعرضت له من مخاطر قد تودي بحياتها، وحزمت أمتعها وحسمت أمرها، وتوجّهت صوب غزة المنكوبة، التي زلزلت الصخور الصمّاء، ولامست وجدان كلّ من لديه ضمير إنساني.. قدمّت ما أمكنها تقديمه من واجب إنساني، فيما استنكف الشقيق القريب والمسلم المكلّف، وكُتب لها العودة سالمة، وارتأت إكمال واجبها الإنساني وفضح نازية “الكيان” وداعميه، لتروي حقائق مشاهداتها الحيّة من خلال مؤتمر صحفي، حيث سبقت خلاله دموعها ما تفوّهت به من كلمات ملتهبة تعكس مشاعرها الإنسانية الجيّاشة، علّها توقظ العالم الصامت الغافل”( محرر ماترويشكا):
“عندما كنت في غزة، شعرت أنها مقدمة لنهاية الإنسانية. إذا لا يمكن التضامن مع بني البشر سببا كافيا للتحرك، فكّروا كيف سيتسرب هذا الأمر إلى الجميع، يجب أن يكون هذا مخيفاً للجميع. أدرك أن الكلمات التي شاركتها معكم اليوم ثقيلة، لكن هذه الكلمات تتضاءل أمام الواقع الذي يعيشه الفلسطينيون لأكثر من 400 يوم و76 عاما قبل ذلك، الفلسطينيون لا يحتاجون شفقتنا، لا يحتاجون مديحنا، يحتاجون تضامننا الحقيقي والصادق.
“أريد أن يعرف العالم كله أنني إنسان، في النهاية أنا لست جرة قلم على ورق، أنا لست مجهولاً، أنا إنسان خلقه الله. ثم يطرح السؤال الذي سأطرحه عليكم، لماذا ليس الفلسطينيون هم الذين يدافعون عن قضيتنا؟ لماذا نحن غير موجودين وغير قادرين على الكلام؟ الشعب الفلسطيني شعب غزة، لماذا ليس أنا؟ لماذا ليس جاري؟ لماذا ليس زميلي؟ زملاؤنا الفلسطينيون ليسوا هنا اليوم، لأن الأنظمة التي نعيش فيها حالياً لا تعترف بقيمة حياة الفلسطينيين، سأنهي ببعض التأملات مني ومن زملائي الذين عادوا مؤخراً من غزة. أتحدث إليكم اليوم، كعضو في المجتمع المدني، وكعاملة في المجال الطبي، شهدت الموت والدمار الذي لحق بالشعب الفلسطيني، قضينا الأكبر الأربعة عشر الأخيرة، نشاهد كيف تم الرد على الإبادة الجماعية، الأكثر بثاً مباشراً وتوثيقاً في التاريخ بصمت، وبحملات الدعاية الواسعة التي تبرر ما لا يمكن تبريره، وإسكات وتشويه سمعة من فضحها. شهود العيان الذين نجوا، أبلغوا باستمرار عن الجرائم، التي لو أنها في أي سياق آخر، كانت ستقود إلى عقوبات. لكن هنا بعد 14 شهرا من أخطر انتهاكات القانون الإنساني، والإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وجرائم الحرب الوحشية. تم الرد عليها بالعجز، من الأفراد والدول والمؤسسة نفسها الممثلة بهذا المبنى. يوماً ما سيقوم أحد بالبحث في سجلات شهاداتنا، على مدى 14 شهرا، سيقومون بالبحث في سجلات الفلسطينيين الذين قاموا بتغطية إبادتهم الجماعية بأنفسهم، عندما تم حظر الصحفيين الدوليين بشكل غير مسبوق من الدخول، الأطفال الفلسطينيون الذين يعقدون مؤتمرات صحفية ليخبروا العالم أن حياتهم مهمة، سوف نضطر للتعامل مع هذا التاريخ. السابقة في غزة، كما ذكر بعض زملائي هنا سابقاً، ستكون منتشرة في جميع أنحاء العالم. في إشارة إلى زوال حكم القانون، لقد رأيناها بالفعل تمتد إلى لبنان. وكما قال أحد الأطباء المتطوعين: عندما كنت في غزة، شعرت أنها مقدمة لنهاية الإنسانية. إذا لا يمكن التضامن مع بني البشر سببا كافيا للتحرك، فكّروا كيف سيتسرب هذا الأمر إلى الجميع، يجب أن يكون هذا مخيفاً للجميع. أدرك أن الكلمات التي شاركتها معكم اليوم ثقيلة، لكن هذه الكلمات تتضاءل أمام الواقع الذي يعيشه الفلسطينيون لأكثر من 400 يوم و76 عاما قبل ذلك، الفلسطينيون لا يحتاجون شفقتنا، لا يحتاجون مديحنا، يحتاجون تضامننا الحقيقي والصادق”.