أهم مشروع فضائي في القرن الواحد والعشرين سيحتاج إلى تركيب محطة طاقة نووية على سطح القمر
في خبر مثير وممتع أعلنت موسكو وبكين أنهما تعملان حاليا على إنشاء محطة للطاقة النووية على سطح القمر، وأنهما ستحاولان إنجاز هذه المهمة بين عامي 2033 و 2035 أي بعد حوالي عشر سنوات لا أكثر.
ويطرح السؤال نفسه ولماذا المحطة النووية على سطح القمر، وهي إنشاء ضخم ذو تكلفة عالية، وخاصة عملية نقلها وتركيبها على سطح القمر. يمكن الإجابة رمزيا بعبارة موجزة: “لكي يتناول السياح فنجان قهوة على سطح القمر” وعمليا لكي يتم تأمين الطاقة اللازمة للبيوتات المغلقة الضخمة التي قد تكون أولى المستعمرات البشرية على سطح القمر.
وكان من البديهي أن تشكك الولايات المتحدة بالنوايا التي قد تكون متسترة وراء هذا المشروع الضخم حيث اتهمت نيويورك تايمز روسيا بالتحضير لسلاح يمكن أن يدمر الأقمار الصناعية وحتى نظام تحديد المواقع (GPS) ومراكز المراقبة الفضائية والتجسس على التحركات التي تقم بها الولايات المتحدة وشركائها.
وقد أعلن بوريسوف نائب وزير الدفاع الروسي أن ضرورة تنفيذ مشروع محطة الطاقة النووية على سطح القمر يعود إلى أن الألواح الشمسية لن تكون كافية لتوفير ما يكفي من الطاقة للمستوطنات البشرية المستقبلية على سطح القمر، وأن الطاقة النووية هي الوحيدة القادرة على تأمين ذلك، لكن الإشكال الذي يتم السعي لتلافيه هو كيفية تبريد المفاعل، الأمر الذي كان يتم على الكوكب الأرضي بكميات كبيرة من المياه.
وفي الوقت الذي تسعى روسيا والصين التعاون لتحقيق هذا السبق التاريخي تظهر محاولات الولايات المتحدة التنافسية وفق برنامج يسمى “أرتميس” لتأمين وجود بشري مستدام على سطح القمر لإجراء مختلف التجارب والبحوث العلمية، وتبحث ناسا أيضا إمكانية إنشاء طاقة نووية على سطح القمر. والمشرفون على المشروعين يأملون بأن يكون القمر منصة للانطلاق نحو الكواكب الأخرى وخاصة المريخ.
الجدير بالذكر أن الصين حققت في الآونة الأخيرة نجاحات حقيقية في مجال استكشاف الفضاء حيث غدت أول دولة تتمكن من تنفيذ هبوط متحكم فيه على الجانب البعيد المظلم على سطح القمر، كما حققت حتى الآن خمس بعثات قمرية عبر عدد من التجارب التقنية الناجحة.
ويشارك في هذا المشروع الضخم الذي تقوده روسيا والصين كل من أذربيجان وبيلاروسيا والإمارات العربية المتحدة وباكستان وجنوب إفريقيا. ويعتبر هذا المشروع لا مثيل له في العالم وأهم مشروع فضائي في القرن الحادي والعشرين، وقد وقعت موسكو وبكين مذكرة تفاهم بحيث تضع موسكو وبكين خارطة طريق وجدول زمني للمشروع، مع إتاحة المجال للمساهمات الأخرى.
يشار بهذا الصدد أن الأحاديث عن رحلات الفضاء والنزول على سطح المريخ أو القمر إبان طفولتنا كانت لا تدخل تماما في مجال الخيال العلمي بقدر ما كانت تعتبر من الحكايات الخرافية الممزوجة برحلات بساط الريح والسفر بين الكوكب على ظهور المردة من الجن، وكنا نعيش هذا الحلم العجيب الجميل بكل حواسنا كنوع من الأساطير.
اليوم يتم الحديث عن مثل هذه الرحلات بواقعية لا تثير حتى الكثير من الدهشة لدى المتابع، بعد الغزو الحقيقي للفضاء من قبل الإنسان والذي بدأه غاغارين عام 1961، وتتالت الرحلات الفضائية بدافع التنافس الحاد بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية، وإن حقق الاتحاد السوفييتي أول غزو فضائي عبر غاغارين فقد حققت الولايات المتحدة أول هبوط بشري على سطح القمر عبر ميل أرمسترونغ وولز ألدرن في 20 يوليو عام 1969.