روسيا

هل سيشجع الناتو أوكرانيا لفتح جبهة جديدة مع بيلاروسيا لإحراج روسيا

ماتريوشكا- نيوز موسكو

• رد روسيا وبيلاروسيا كان صاعقا بما في ذلك التلويح باستخدام السلاح النووي إن لزم الأمر
التوتر المتصاعد الذي تعمقه أوكرانيا بحشد قوات كبيرة عند الحدود البيلاروسية يثير الدهشة للوهلة الأولى، لكنه يفتح المجال لتكهنات عدة أهمها أن خطوة التصعيد هذه جاءت بأوامر من الخارج، فأوكرانيا ليست في وضع يسمح لها بفتح جبهة جديدة، وهي لا تصمد في جبهتيها الشرقية والجنوبية.

ما هو الهدف
السؤال الأول الذي يتبادر إلى الذهن هو ما الهدف من خطوة غير منطقية كهذه، فبيلاروسيا تقع في شمال أوكرانيا والحرب تدور في شرق أوكرانيا وجنوبها، وتعاني أوكرانيا من نقص في الأفراد نتيجة الخسائر الهائلة خلال عامين وأربعة أشهر، وهي ليست في بحبوحة لتوزع قواتها على مناطق ليست ساخنة في ظروف سخونة الحرب في الشرق والجنوب؟
يمكن تقدير الهدف من خلال مستجدات سنأتي على ذكرها في متن هذه المقالة بعد قليل، ولكن نرجح أن تكون محاولة من الناتو وواشنطن خصوصا للضغط على موسكو عبر الإيحاء بأن جبهات أخرى قد تنفح قريبا، وربما تشمل اشتعال حرب ليس ضد روسيا، فهذا خطير جدا، ولكن ضد حليفتها بيلاروسيا، وليس حربا يشعلها الناتو نفسه، ولكن بعض الدول التي هي أعضاء فيه، وقد سبق أن عزف حلف شمال الأطلسي على هذه الأوتار أكثر من مرة، بمعنى ترك الحرية لبعض الدول في الناتو أن تتصرف باستقلالية عنه بالشكل الذي تراه مناسبا هذه الدول لدعم أوكرانيا عسكريا، وبهذا المعنى يتم تشتيت انتباه روسيا من جهة، وتوجيه اهتمامها نحو بيلاروسيا وآفاق هذه التحركات غير المفهومة من جهة ثانبة.

معطيات مريبة
في وقت متزامن دعت بولندا وليتوانيا وإستونيا الاتحاد الأوروبي إلى تخصيص أموال، واتخاذ الخطوات السياسية اللازمة لبناء خط دفاعي بطول 700 كم على الحدود مع روسيا وبيلاروسيا، والذي تقدر كلفته بأكثر من مليارين ونصف المليار يورو.
وأعلنت الدفاع البيلاروسية أن أوكرانيا نشرت قوات كبيرة عند حدوها بما في ذلك مركبات مدرعة للمشاة وقاذفات صواريخ ومدفعية ثقيلة بعيدة المدى، وأنشأت حقول ألغم وأقامت مراكز مراقبة إلكترونية، وبدأت باستخدام واسع للمسيرات لاستكشاف المناطق البيلاروسية القريبة، ما اعتبر استفزازا واضحا من الجانب الأوكراني، وهذا الأمر ليس عاديا أبدا في هذه الظروف خاصة إن علمنا أن الحدود البيلاروسية الأوكرانية تمتد لأكثر من ألف كيلومتر، ترافق ذلك مع استنفار القواعد الأمريكية في أوروبا ووضعها على أهبة الاستعداد بحجة احتمال حدوث هجمات إرهابية، وهي على الأرجح للتدريب على الاستنفار، حيث لم يحدث مثل هذا التحذير منذ أكثر من عشر سنوات، كما أكدت قناة إيه بي سي التابعة لهيئة الإذاعة الأمريكية أن اسبانيا في وقت متزامن نشرت قوات من جيشها في سلوفاكيا كجزء من استراتيجية حلف شمال الأطلسي لمواجهة روسيا، كما كشفت معطيات الاستخبارات البيلاروسية أن كييف أرسلت ما يسمى بفيلق المتطوعين الروس إلى حدودها مع بيلاروس، ويقصد هنا المعارضين المتشددين والإسلاميين المتطرفين الذين يريدون تصفية حساباتهم مع روسيا، ومستعدون للقتال لصالح الشيطان ضد روسيا، واكتشفت المخابرات البيلاروسية مخابئ قرب الحدود مع أوكرانيا تخزن فيها عبوات ناسفة، ما يعني أن الأمر قد يبدأ بأعمال تخريبية.

ردود عاصفة
ربما لم يكن الناتو يتوقع هذه الردود من موسكو ومينسك اللتين سارعتا للتذكير بأنهما دولة واحدة عبر ما يسمى دولة الاتحاد، ناهيك عن كونهما حليفتين أمنيا وعسكريا، وأكد بيسكوف الناطق الرسمي باسم الكرملين أن التواصل بين جميع أجهزة القوة مستمر بحده الأقصى عبر دولة الاتحاد، بمعنى “لن يمروا”.
وقد أعلن الرئيس البيلاروسي لوكاشينكو أن الغرب لا يريد الانسحاب من أوكرانيا، فقد وظَّف فيها أمولا طائلة، ولكن لم يعد عمليا لديهم هناك من يقاتل ولهذا يحتاجون إلى تصعيد خطير، ويريدون جر بيلاروسيا إلى الحرب، لكن ذلك لن يحدث وبيلاروسيا مستعدة للضربة من الحدود الآوكرانية.
كما استنفرت بيلاروسيا قواتها المسلحة بمختلف صنوفها، ونشرت قوات دفاع جوي إضافية بسبب تزايد نشاط المسيرات الأوكرانية قرب الحدود البيلاروسية، حيث تم تسجيل انتهاكات عديدة للحدود البيلاروسية الأوكرانية حسب تصريحات أندريه سيفيرينشيك رئيس إدارة القوات الصاروخية البيلاروسية الذي وجه تحذيرا صارخا بقوله: أود أن أقول للمتهورين الذين يحاولون جر بلادنا إلى صراع مسلح بأننا على استعداد لاستخدام جميع الوسائل المتاحة بشكل حاسم لحماية أراضينا.

التلويح بالحد الأعلى
لم يتوقف رد موسكو ومينسك عند هذا الحد، حيث أعلن رئيس الأركان البيلاروسية بافل موارافيكو أن مينسك يمكن أن تستخدم حتى الأسلحة النووية التكتيكية إن تعرض استقلالها للتهديد ، وأضاف أن العسكريين البيلاروس تدربوا جيدا على استخدام الأسلحة النووية، وباتوا يتقنون استخدامها، وأن مراقبة تصرفات حلف الناتو تجري عن كثب وكذلك القوات المسلحة للدول المجاورة والمهمات التي تقوم بها الولايات المتحدة والناتو، كما أعلن نائب قائد القوات الجوية البيلاروسية دافيدوفيتش أن الطيارين والطواقم الهندسية أنجزت دورة كاملة في التدريب على استخدام الأسلحة النووية التكتيكية، وذلك لكي يكون واضحا أن إمكانية استخدام الأسلحة النووية إن لزم الأمر ليس مجرد ادعاء بل هو تعبير عن القدرة.
من جهة ثانية وعلى الصعيد نفسه حذر ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسية الغرب من أن استخفافه بإمكانية استخدام الأسلحة النووية قد تكون له عواقب قاتلة، موضحا أن الخطر فعلي وقائم ولا تجوز الاستهانة به، وأن من بين تلك الاحتمالات أن تقوم إحدى الدول بارتكاب خطأ من هذا النوع، والمقصود هنا ما يترتب عن ذلك من ردود فعل الدول النووية.
الجدير بالذكر أن الرئيس الروسي أعلن في مارس من العام الفائت أن موسكو ومينسك اتفقتا على نشر أسلحة تكتيكية في أراضي بيلاروسيا دون أية انتهاكات للالتزامات الدولية، وهو في حقيقة الأمر رد على نشر الولايات المتحدة أسلحة نووية في أوروبا.
أخيرا في أفلام الرعب يتابع المشاهدون ما يجري بما في ذلك مقتل العشرات والمئات أو الآلاف، وهم ينفعلون، ثم يمضي كل واحد إلى أعماله، أو قد يخلد إلى النوم، أما في هذه المسرحية فإن المتابعين لن يكون لديهم الوقت لكي ينفعلوا، لأنهم سيكونون هم جميعا الضحايا في المشهد الأخير.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى