صحافة وآراء

توغل عسكري تركي جديد في شمال العراق يثير قلق بغداد

بقلم علي الجابري

نقلا عن وكالة أنباء الوسط العربي

يشهد إقليم كردستان العراق منذ أيام تصاعداً في حدة التوتر إثر تجدد العمليات العسكرية التركية في المناطق الحدودية، حيث أثارت هذه العمليات قلق السلطات العراقية وحكومة الإقليم، مما دفعها إلى اتخاذ مواقف منددة ومطالبات بوقف هذه الانتهاكات.
ويتزامن هذا التوغل مع تصاعد التوترات بين البلدين، حيث تستهدف العمليات العسكرية التركية مقاتلي حزب العمال الكردستاني (PKK)، الذي تصنفه تركيا وعدة دول غربية كمنظمة إرهابية.
وقد أسفرت هذه العمليات عن احتجاجات رسمية من الحكومة العراقية، متمثلة في رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي دعا تركيا إلى مراعاة مبادئ حسن الجوار والتعامل دبلوماسياً مع القضايا الأمنية. كما أرسلت بغداد وفداً برئاسة مستشار الأمن القومي إلى إقليم كردستان للخروج بموقف موحد تجاه التوغلات التركية.

تفاصيل التوغل التركي في شمال العراق
في الأشهر الأخيرة، تصاعدت وتيرة التوغلات العسكرية التركية في شمال العراق، حيث تستهدف العمليات العسكرية التركية مقاتلي حزب العمال الكردستاني (PKK)، الذي تصنفه تركيا وعدة دول غربية كمنظمة إرهابية. وقد أثارت هذه العمليات استياء الحكومة العراقية وأدت إلى توترات متزايدة بين البلدين.

التحركات العسكرية التركية
• زيادة العمليات العسكرية: على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، أقامت تركيا عشرات القواعد العسكرية في إقليم كردستان العراق لمواجهة حزب العمال الكردستاني. وفي الأسابيع الأخيرة، شهدت المنطقة زيادة كبيرة في الضربات الجوية والبرية التركية، مما أدى إلى اندلاع حرائق في المناطق الحدودية.
• إنشاء مواقع جديدة: تقارير محلية أفادت بأن القوات التركية أنشأت مواقع جديدة في إقليم كردستان، بما في ذلك نشر 300 دبابة ومدرعة خلال العشرة أيام الماضية، وإنشاء حواجز أمنية في منطقة بادينان بمدينة دهوك.
• التمركز في المناطق الاستراتيجية: الجيش التركي انتشر في مناطق قضاء العمادية بمدينة دهوك، وأقام نقاط تفتيش وحفر أنفاق بين القرى، واستقدم معدات عسكرية ثقيلة وجنود إضافيين إلى القواعد العسكرية، مثل قاعدة بامرني.

التصعيد الدبلوماسي
• احتجاجات الحكومة العراقية: الحكومة العراقية، ممثلة برئيس الوزراء محمد شياع السوداني، دعت تركيا إلى مراعاة مبادئ حسن الجوار والتعامل دبلوماسيًا مع القضايا الأمنية. كما أرسلت بغداد وفدًا برئاسة مستشار الأمن القومي إلى إقليم كردستان للخروج بموقف موحد تجاه التوغلات التركية.
• البيانات الرسمية: الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية أكد خلال اجتماع المجلس الوزاري للأمن الوطني على رفض التوغل التركي وانتهاك السيادة العراقية. ودعا تركيا إلى التنسيق مع الحكومة العراقية في أي موضوع يتعلق بالأمن.
• التعاون الأمريكي: دعت واشنطن تركيا والعراق إلى التنسيق الأمني المشترك لحماية المدنيين وتجنب الأضرار. كما أكدت على ضرورة احترام السيادة العراقية والتعاون في مكافحة حزب العمال الكردستاني.

الآثار المحلية
أدت التوغلات التركية إلى نزوح نحو 50 أسرة من مناطق العمادية وباطوفا ودايرلوك وكاني مآسي في محافظة دهوك، وسط مخاوف من اندلاع صدامات بين حزب العمال الكردستاني والجيش التركي.
كما سببت العمليات التركية أضرار كبيرة بالأراضي الزراعية وممتلكات المواطنين، مما دفع الكتلة البرلمانية لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني للاحتجاج على استئناف العمليات داخل أراضي إقليم كردستان.

الاتفاقيات الأمنية السابقة
تستند تركيا إلى اتفاقية أمنية تعود لعام 1984 تسمح بدخول القوات التركية إلى الأراضي العراقية لمدة عام واحد وبمسافة لا تتجاوز 5 كيلومترات، لكن العراق سجل أكثر من 22 ألف انتهاك تركي منذ عام 2018 وقدم 296 مذكرة احتجاج على التدخلات التركية.
ومن المتوقع توقيع اتفاقية استراتيجية بين العراق وتركيا لتعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب وحماية الحدود، في ظل تصاعد التوترات والعمليات العسكرية.

ردود الفعل
العراق: نددت السلطات العراقية على لسان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بهذه العمليات، مؤكدة على رفضها التام لأي توغل عسكري على أراضيها، ومطالبة تركيا بالتنسيق الدبلوماسي مع الحكومة العراقية لحلّ القضايا الأمنية المشتركة.

إقليم كردستان: على الرغم من أن وسائل إعلام إقليمية تناقلت ما أسمته رفض حكومة الإقليم لاستئناف الجيش التركي عملياته داخل أراضي إقليم كردستان، مشيرة إلى الأضرار التي لحقت بالأراضي الزراعية وممتلكات المواطنين، إلا أن الواقع يؤكد أن الحكومة تقيم علاقات جيدة مع تركيا، حيث استقبل مسعود بارزاني أمس الأربعاء 10 يوليو القنصل التركي الجديد لدى أربيل إرمان تويجو، حيث نقل الأخير تحيات وزير الخارجية التركي وأكد رغبة بلاده في تعزيز العلاقات مع إقليم كوردستان في مختلف المجالات. تبادل الجانبان وجهات النظر حول زيارة بارزاني لبغداد، واصفاً القنصل التركي الزيارة بالتاريخية والفعالة. أكد بارزاني أن التفاهم والحوار ضمن إطار الدستور هو السبيل الأمثل لحل القضايا، متمنياً للقنصل الجديد التوفيق في مهامه. تناول اللقاء الأوضاع السياسية وآخر التطورات في العراق والمنطقة.

البرلمان العراقي: دعا رئيس البرلمان بالإنابة محسن المندلاوي تركيا إلى “احترام تعهداتها” و”رفع مستوى التنسيق الأمني والمعلوماتي والاستخباري بما يحفظ المصالح المشتركة، واحترام كامل السيادة ومبادئ حسن الجوار بين البلدين الجارين”.

التطورات الأخيرة
• لقاءات دبلوماسية: التقى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع السفير التركي الجديد لدى بغداد، كما التقى رئيس البرلمان العراقي بالإنابة محسن المندلاوي السفير التركي.
• دعوات أميركية: دعت الولايات المتحدة كلاً من العراق وتركيا إلى التنسيق بشأن العمليات العسكرية.
• تقارير ميدانية: أفادت تقارير ميدانية بتوغل 300 دبابة ومدرعة تركية في إقليم كردستان خلال الأيام الماضية، ونصب نقاط تفتيش.
يبقى ملف التوغل التركي في شمال العراق مفتوحًا، مع ترقب الخطوات المقبلة من قبل بغداد وأنقرة، حيث تظل هذه التوغلات موضوعًا شائكًا ومعقدًا، يتطلب توازنًا دقيقًا بين الاعتبارات الأمنية واحترام السيادة الوطنية، وسط دعوات دولية ومحلية للتعاون الدبلوماسي والتنسيق الأمني لحل هذه الأزمة المستمرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى