نشرت صحيفة “هآرتس” اليسارية الإسرائيلية مقالاً يحمل العنوان أعلاه بتوقيع الكاتب” ب. ميخائيل” ضمن سلسلة من المقالات والتعليقات على مجزرة خيام المواصي الإجرامية، استهله الكاتب بالقول: “الآن، وبعد أن تبرع نحو مائة فلسطيني بأجسادهم لشدّ التصاق مؤخرة بيبي بكرسي جِلد الغزلان، أصبح من المسموح البدء بقول الحقيقة: إسرائيل لم تعد دولة، منذ زمن طويل. إسرائيل هي قاعدة عسكرية. قاعدة عسكرية فقط. كل ما يزعج أغلبية المقيمين فيها هو السؤال المصيري مَن هو الذي يؤازر أكثر (التعبير الأصلي بالعبرية الذي يُستخدَم للتعبير عن هذا المعنى هو: مَن الذي يدخل تحت حمّالة نقل المرضى). لكن لا يزعجهم، إطلاقًا، من الشخص المحمول على النقَالة، من هو المُمَدَّد فوقها. مَن وما الذي يحملونه على أكتافهم، كل أولئك حَمَلة الحمّالة الطيّعين؟ وإلى أين؟ لو فحصوا، لاكتشفوا أن على ظهر الحمّالة مجموعتين فقط من المُزعِجين المُدَلَّلين. الأولى، تستلقي هناك لأنها حصلت على تصديق وتمويل كما تشتهي نفسُها. الثانية تنتظر هناك قدوم المسيح المنتظر، وفي الأثناء، تجعل حياة الآخرين كلهم مثل الجحيم. لماذا؟ لأن الربّ قال ذلك. فهو يتحدث معهم بشكل دائم.” ويتابع مستطرداً “تحت الحمّالة، يتزاحم ملايين الأعشاب الضارّة. هؤلاء الذين من المسموح الدوس عليهم، مسموحٌ البصق عليهم، ومنهم ينهبون الضرائب اللازمة لتمويل ملذات السلطة. وفي المقابل، تحصل الأعشاب الضارة على المعكرونة والحمّى. هنا وهناك يُسمَح لهم، أيضًا، بأن يموتوا في الحرب، أو أن يقعوا في الأسر، وهو الشيء ذاته في الواقع، ثم يمتدحونهم ويحتفون بهم. فعاجلًا أم آجلًا سوف تحتاج السلطة، مرة أخرى، إلى المغفّلين الذين سيعودون ويُقتَلون من أجلها لتجديد وتحديث الحرب المقدسة”.
ويتابع قائلاً: “لا أحد يُخبرهم بالحقيقة المُثيرة للإحباط: الحرب ليست وسيلة لتحقيق هدف ما. الحرب هي ـ هي الهدف. لماذا؟ لأن السيطرة على الدولة في حالة الحرب هو أسهل بكثير جدًا. خلالها، كل شيء يكون مقدسًا للغاية. ممنوع. سرّيّ. (ليس الآن). (فقط عندما تنتهي). لكنها لن تنتهي، إلى الأبد. الحرب هي حياتنا. لا وجود لنا بدونها. بعون الله ـ إلى الأبد سنأكل الحِراب، إلى الأبد سُنطعِم الحِراب، وإلى ألأبد سنبيع الحِراب، لكل راغب. في الواقع، منذ يومها الأول، تخوض الدولة حربًا واحدة طويلة. لماذا؟ لأن هذا ما نحبّه نحن. لأنك إن أخذتَ مِنّا الحرب، فسوف نتفكك إلى عناصرنا المُكوِّنة، على الفور. لذلك، ثمة اسم واحد فقط مناسبٌ لحرب الـ 80 سنة هذه (حرب سلامة الحرب). نحن نحبّ أن نحاربَ الشعب الفلسطيني، بالأساس. ليس بالقذائف والمدافع فحسب، بل بالمستوطنات أيضًا، بالتمييز أيضًا، بالنهب والسلب أيضًا. وبمجرّد التنكيل والاضطهاد المُمتِع، أيضًا. لماذا؟ لأن هذه هو الموجود؟ لأنه يبدو لنا أن هذا هو الأكثر سهولة. لأن هذا ما قاله الرب لأولئك الذين يتحدثون معه بصورة دائمة. ومَن هو الذي يريد مجادلة الربّ؟”.
ويختم مقالته بالتساؤل متهكّماً: “كانت القذائف دقيقة بالطبع. اسألوا جميع المراسلين العسكريين. بل كانت جراحية حتى. برافو (عَفارِم!). لو كانت غرف الطوارئ تستخدم مثل هذه الجراحة الدقيقة إلى هذه الدرجة، لكان عدد السكان في إسرائيل قد تقلّص بمقدار النصف، بمنتهى السهولة. هل تعلمون كم من المال كان سيوفّر هذا على سموترتيتش؟ ليس من السهل انتشال أنفسنا من الحفرة العميقة التي دهوَرْنا أنفسَنا إليها. وربما لم يعد هذا ممكنًا. الحفرة ليست مكانًا لإنجاب الأولاد وتنشئتهم”.