• فرق موسيقية وغنائية ومسرحية من العديد من بلدان العالم، والشاعر العظيم بوشكين كان حاضرا في كل أجواء المهرجان
أسعدني جدا أن الصديق الأكاديمي “المرشح لجائزة نوبل للمرة الثانية” الدكتور سهيل فرح اتصل بي ودعاني للمساهمة في أعمال المهرجان الدولي للثقافات المعاصرة للقوميات المختلفة، وبالتحديد في نشاط جوهي في هذا المهرجان وهو إشهار كتابه “بوشكين شمس لا تغيب عن الثقافة العالمية” وكانت رحلتي إلى ضواحي موسكو مليئة بالبهجة ومفعمة بغذاء الروح وتألق الذائقة الجمالية حقا.
جرى هذا المهرجان في مدينة كراسنوغورسك – عاصمة مقاطعة ضواحي موسكو، وهو مهرجان دولي مميز للثقافة المعاصرة للأعراق المختلفة، وقد استمر المهرجان لمدة ثلاثة أيام من الثامن وحتى الحادي عشر من أغسطس الحالي حيث اختتم مساء الأحد الحادي عشر من أغسطس- آب من العام الحالي 2024.
أعدت المهرجان وأشرفت على تنفيذه المنظمة المستقلة غير الربحية ” مركز الصناعات الإبداعية – المدينة الجديد” بدعم مباشر من الوكالة الفيدرالية لرابطة الدول المستقلة وحكومة منطقة موسكو، ويهدف هذا المهرجان إلى إحياء التقاليد ” – العرقية القومية- القومية الإثنية” لمختلف الشعوب سواء في روسيا الاتحادية أو خارجها والمعروف أن في روسيا 190 قومية عرقية متباينة يشكل الروس أكثر من 80% منها، ومع ذلك تحافظ الدولة على ثقافات الجماعات الاتنية المختلفة بما فيها الاتنيات التي لا يزيد تعدادها عن بضعة آلاف نسمة، وهي سياسة متبعة منذ عهد الاتحاد السوفييتي، وقد ساهم عدد منها في هذا المهرجان الشيق النوعي.
شاركت في هذا المهرجان وفود من العديد من الدول الأجنبية بواقع 500 مشارك تقريبا من 15 دولة، بما في ذلك من رابطة الدول المستقلة والصين والهند، وحتى جمهورية لبنان وسوريا حيث ارتبط كذلك بالذكرى الثمانين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين روسيا وسوريا “التي يسعدني أنني كنت ممثلها عمليا دون قصد مني” وكذلك لبنان، وقد تابع هذه الفعالية على مدى الأيام الثلاثة قرابة 15 ألف متفرج ومتابع.
تميز المهرجان بتقديم حفلات موسيقية غنائية ورقصات فولكلورية ومشاهد تمثيلية ومعارض فنية وندوات ثقافية حيث تألقت ذكرى شاعر روسيا العظيم الكسندر بوشكين في هذا المهرجان حيث أفرد حيزا هاما للذكرى 225 لميلاد شاعر روسيا الأول الكسندر بوشكين الذي تعود جذوره الأولى إلى المنطقة العربية، وقد جرت أثناء المهرجان ندوة خاصة عنه تضمنت عملية إشهار وتوقيع كتاب ضخم عن الشاعر الروسي بوشكين تحت عنوان ” بوشكين شمس لا تغيب عن الثقافة العالمية” بأربعة لغات هي: الروسية والعربية والإنكليزية والفرنسية، والكتاب من إعداد وتأليف الباحث الأكاديمي اللبناني – الروسي الدكتور سهيل فرحة “سنفرد لهذا الكتاب مادة خاصة قريبا”، وكان من الفقرات الجميلة أن عددا من الأسماء الهامة ألقت بعضا من أشعار بوشكين بلغات مختلفة تفاعل معها الجمهور حيث ألقت الشاعرة الروسية الدكتورة إيرينا غورينا مختارات من أشعار بوشكين بالروسية ثم ألقى مايكل جيبسون، وهو إعلامي أوروبي “وربما من بريطانيا على ما أعتقد” مختارات من أشعار بوشكين بالإنجليزية، إثر ذاك ألقيت مختارات من ترجمة زملائي المبدعين: الأديب مالك صقور قصيدة “النبي” والشاعر الدكتور ثائر زين الدين قصيدة الجميلة، والكاتب الدكتور إبراهيم استانبولي من قصيدة محاكاة القرآن باللغة العربية أتبعتها بقصيدة لبوشكين من ترجمتي ثم ألقيت قصيدة “رسائل لم تأكلها النار” بالروسية كوني كتبتها متأثرا بأجواء بوشكين، ثم ألقت المتخصصة باللغة الفرنسية أليسا العلي بأداء جميل مميز مختارات من أشعار بوشكين باللغة الفرنسية، وقد ترافقت هذه القراءات مع عزف ممتع على الغيتار أداه الفنان ميخائيل بيردوتين، كما تحدث عن المناسبة والكتاب عضو اتحاد الكتاب الروس أوليغ ستولياروف والمدير التنفيذي للمنتدى الثقافي الروسي العربي السيد رجاء العلي، وكان كل ذلك على خلفية لوحات فنية عن الشاعر وحياته وإبداعه من فنانات روسيات تحديدا بإشراف الفنانة إيرينا رودينكو رئيسة مشروع بوشكين – روح روسيا، وساهم كذلك وكذلك مدير دار النشر “جوكوفسكي” التي أصدرت المؤلف إيغور أغيبالوف، ولابد أن أشير هنا إلى أن الدكتور سهيل فرح أوضح لي أنه يأمل وكذلك الناشر أن تتوفر الظروف الموضوعية لتوزيع هذا الكتاب في العالم العربي، ونحن نتمنى عليهما العمل لتحقيق ذلك.
ولا بد من الإشارة إلى أن معظم العروض الفنية والمسرحية والغنائية كانت ممتعة ولاقت استحسانا وترحيبا من الجمهور، وخاصة الثنائي اللبناني المميز في عرضه الفني مساء اليوم الثاني من المهرجان، وهو ثنائي نوعي بحد ذاته، فهما فنانتان من لبنان: السيدة رانيا عطا الله وابنتها ايستيل عطا الله اللتان قدمتا بفنية عالية مجموعة من الأغاني الخاصة بهما، وكذلك لمطربين ومطربات عرب، ولا بد من الإشارة إلى أنهما ستتابعان تقديم حفلات رمزية في بعض الأماكن العامة والمطاعم في الأيام القليلة القادمة في موسكو بمناسبة الذكرى الثمانين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين روسيا الاتحادية ولبنان وسوريا.
بقي ان نشير إلى أن القائمين على المهرجان كانوا على مساوى رائع من المسؤولية بدءا بالسيد ميخائيل إيفانوف المسؤول الأول عن المهرجان، وتوقفا عند شخصية أذهلت الجميع بحيويتها ونشاطها غير العادي في التحضير والإعدلد وتلبية جميع مطالب المشاركين والضيوف وهم كثر ، وأشهد أنني رأيت خلية نحل في شخصية إيرينا بريكوفا مخرجة المهرجان، والمهم أن المسؤولين عن المهرجان ينوون تكريسه كحدث سنوي دولي نوعي في منطقة موسكو لإبراز مدة انعكاس الأحداث الثقافية الدولية على زيادة تشجيع الزيارات السياحية إلى روسيا وتوسيع السياحة الجماعية، فقد كان من بين الأمور المبهجة في هذا المهرجان أنه كان مجالا رحبا لتنزه العائلات مع أطفالها وتعمق التعارف ناهيك عن انتشار عشرات المطاعم وأماكن الاستجمام الجميلة حول منصة العرض التي كانت بحد ذاتها تحفة فنية مباشرة على شاطئ نهر موسكو الكبير حيث كانت الزوارق تمخر المياه خلف العروص لتشكل إضافة بهية لديكور المسرح الحي.