كلمة مفوض عام الأونروا فيليب لازاريني على هامش الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للامم المتحدة
“بينما نجتمع هنا في نيويورك، هناك مليوني شخص محاصرون في 10 بالمائة من مساحة قطاع غزة. فقد أصبح هذا القطاع مكاناً يروع حتى أكثر العاملين خبرة في المجال الإنساني. لا يمكننا أن نتحمل خسارة جيل كامل وزرع بذور الكراهية والتطرف في المستقبل. وتعاني الضفة الغربية المحتلة من تصاعد العنف. وتتحقق المخاوف التي طالما راودت الناس من امتداد الصراع إلى لبنان. ومع ذلك، لا يزال المجتمع الدولي يوارب ويماطل”.
ألقى المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني في الاجتماع الوزاري يوم 26/9 الفائت باستضافة الأردن والسويد على هامش الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، المنعقدة في نيويورك أواخر شهر أيلول/سبتمبر الماضي، كلمة هامة فيما يلي نصّها:
“معالي نائب رئيس الوزراء الأردني،
معالي وزيرة خارجية السويد،
سعادة الأمين العام أنطونيو غوتيريش،
الزميلات والزملاء الأعزاء،
بينما نجتمع هنا في نيويورك، هناك مليوني شخص محاصرون في 10 بالمائة من مساحة قطاع غزة.
فقد أصبح هذا القطاع مكاناً يروع حتى أكثر العاملين خبرة في المجال الإنساني.
مكان لا يستطيع الصحفيون الدوليون زيارته.
ومع ذلك، يعيش مليون طفل هناك.
يعيشون وسط أنهار من مياه الصرف الصحي التي تحمل معها مرض شلل الأطفال.
ووسط أكوام من القمامة التي تعج بالقوارض والزواحف.
وأكثر من 600 ألف من هؤلاء الأطفال خارج المدارس.
لقد فقدوا بالفعل عامين من التعلم.
فالفلسطينيون يعرفون تماما ما هي الخسارة.
ولكن أن يتم حرمانهم من التعليم – الذي كان دائمًا مصدر فخر هائل – فهذا أمر جديد.
لا يمكننا أن نتحمل خسارة جيل كامل وزرع بذور الكراهية والتطرف في المستقبل.
ولهذا السبب استأنفت الأونروا، إلى جانب عملياتها المنقذة للحياة، بعض أنشطة التعلم في غزة الشهر الماضي.
نحرص يوميا على توفير خدمات نفسية واجتماعية لآلاف الأطفال.
ونقوم بالبناء على هذه الأنشطة لمساعدتهم على القراءة والكتابة واساسيات الحساب.
وسوف نفعل ذلك حتى يتم استعادة حقهم في التعليم.
أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة
لقد تم الإبلاغ عن مقتل أكثر من 41 ألف فلسطيني في غزة.
ولا يزال العديد من الرهائن الذين تم أخذهم من إسرائيل في الأسر.
وتعاني الضفة الغربية المحتلة من تصاعد العنف.
وتتحقق المخاوف التي طالما راودت الناس من امتداد الصراع إلى لبنان.
ومع ذلك، لا يزال المجتمع الدولي يوارب ويماطل.
فقبل خمسة وسبعين عامًا، أنشأت الجمعية العامة الأونروا لتقديم خدمات عامة مؤقتة للاجئي فلسطين.
وفي غياب حل سياسي، وفي ظل النزاع المتكرر، وما وصفته محكمة العدل الدولية بالاحتلال غير القانوني، واصلت الأونروا تنفيذ ولايتها.
واليوم، أصبحت الوكالة القلب النابض للعمل الإنساني في غزة.
ورغم هذا، وربما بسببه، تتعرض الأونروا لهجوم شرس.
أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة
في غزة، قُتل 222 موظفاً من موظفي الأونروا.
وتضرر أو دُمر أكثر من ثلثي مباني الأونروا.
كما تتعرض قوافلنا للمساعدات للنهب وسط انهيار النظام المدني العام، ويعرقلها جنود إسرائيليون في تحدٍ لسلسلة قيادتهم.
ومن المقلق أن كبار المسؤولين الإسرائيليين وصفوا تدمير الأونروا بأنه هدف حرب.
ويسعى مشروع قانون في الكنيست الإسرائيلي إلى طرد الوكالة من القدس الشرقية، وإلغاء امتيازاتها وحصاناتها، وتصنيفها كمنظمة إرهابية.
وهو إجراء غير مقبول من جانب دولة عضو في الأمم المتحدة ضد كيان تابع للأمم المتحدة يحظى بتفويض من الجمعية العامة.
تأكدوا بأن الأونروا ليست هي الوحيدة التي تتعرض للهجوم.
في مختلف أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، يتم التخلص تدريجياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية.
وتهدف هذه الجهود إلى تجريد الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين، وتغيير معايير الحل السياسي المستقبلي من قبل جانب واحد.
كما تواجه الأونروا مزاعم متواصلة بشأن انتهاكات الحياد.
نحن نأخذ المزاعم المؤكدة على محمل الجد ونحقق فيها مليّاً.
وتماشياً مع توصيات تقرير كولونا، نعمل على تعزيز الأنظمة القوية بالفعل لضمان حياد موظفينا وعملياتنا.
ويخضع موظفونا للتدقيق على قوائم الأمم المتحدة والقوائم الأخرى الخاصة بالعقوبات.
إن سياستنا بشأن الأنشطة الخارجية والسياسية هي في طليعة الجهود الرامية إلى حظر السلوك غير المتوافق مع العمل كموظفين في الأمم المتحدة.
أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،
أود أن أختتم بثلاث مناشدات.
أولاً، أحثكم على حماية دور الأونروا في غزة.
إن وقف إطلاق النار أمر حتمي، والوكالة ضرورية لضمان انتقال قابل للتطبيق.
وفي غياب الدولة، لا يمكن إلا للأونروا تلبية احتياجات التعلم والرعاية الصحية للاجئي فلسطين.
ثانياً، تتطلب الوكالة نموذجاً مستداماً للتمويل.
تم تأمين التمويل لعمليات الأونروا حتى نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر فقط، مع عجز قدره 80 مليون دولار أمريكي لعام 2024.
ويظل عام 2025 غير مؤكد إلى حد كبير إثر التعليق الكبير للتمويل، وتخفيضات الميزانية المتوقعة في الدول المانحة الكبرى.
وأخيرًا، يجب علينا رفض المحاولات الرامية إلى تشويه سمعة الأونروا وإنهاء عملياتها.
فهذه الجهود لا تهدد لاجئي فلسطين فحسب.
إنها تهدد النظام المتعدد الأطراف.
كما تهدد الحل السياسي المستقبلي.
إن إجراءاتكم في هذه المرحلة الحرجة سيكون لها تداعيات على الأجيال القادمة.
فالأونروا أداة هائلة تحت تصرفكم وأنا أحثكم على استخدامها بحكمة.
شكرا لكم”.