الحرب الخفية في إسرائيل
“الصراع الذي يضع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في مواجهة اليمين المتطرف الصاعد وحلفائه من المستوطنين لا يدور حول ما إذا كان ينبغي على إسرائيل استخدام القوة في غزة، أو التوقف عن احتلال الضفة الغربية، أو تقديم التنازلات للمساعدة في إيجاد حل للصراع المستمر منذ عقود من الزمان. بل إنه صراع حول أمن إسرائيل، يعتبره كثير من الإسرائيليين معركة حول هوية الدولة”.
نشرت “الإندبندنت” تقريراً تحليلياً لكبيرة محللي الشؤون الإسرائيلية فس مجموعة الأزمات الدولية “ميراف زونسزين”مترجماً عن “فورين أفيرز”، وهي مجلة أمريكية تصدر كل شهر عن مجلس العلاقات الخارجية أحد قطبيْ الدولة العميقة إلى جانب قطب المحافظين الجدد اللذان يصوغان السياسات الأمريكية، بدأته: “في أغسطس (آب)، كتب رونين بار، رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي، الشاباك، رسالة لافتة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزراء الحكومة الإسرائيلية. وعلى رغم أن هذه الرسالة لم تحظ باهتمام كبير في إسرائيل أو في الخارج، إلا أنها تناولت جوهر الأزمة التي أصابت البلاد منذ هجوم (حماس) في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. في الواقع، حذر بار من أن تصاعد هجمات المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، التي وصفها بأنها (إرهاب يهودي)، تشكل تحدياً لـ(أمن إسرائيل القومي) و(وصمة عار كبيرة على صورة اليهودية). وأشار بار إلى اتجاه يتبعه (هيلتوب يوث) [شباب التلال] (وهو المصطلح المستخدم في إسرائيل للمستوطنين المتطرفين، على رغم أن بعض هؤلاء المتشددين تجاوزوا سن الشباب منذ زمن) في الضفة الغربية، إذ لا يكتفون فيه بالاعتداء على الفلسطينيين فحسب، بل يصطدمون أيضاً مع قوات الأمن الإسرائيلية، وذلك كله بدعم من أعضاء بارزين في الحكومة. وكتب بار أن ميليشيات المستوطنين انتقلت من (تجنب المواجهة مع قوات الأمن إلى مهاجمتها، ومن العمل بصورة مستقلة عن المؤسسات الرسمية [أو الدولة] إلى الحصول على الشرعية من بعض المسؤولين داخلها). على مدار العام الماضي، طمست الأحداث في الضفة الغربية أولاً بسبب الهجوم الإسرائيلي المستمر على غزة، والآن بسبب تصعيد الحرب في لبنان والضربات الإيرانية على الأراضي الإسرائيلية. ولكن منذ السابع من أكتوبر 2023، سجلت الأمم المتحدة أكثر من 1400 حادثة هجوم ارتكبها المستوطنون في الأراضي المحتلة (تتراوح بين التخريب والاعتداء والحرق المتعمد وإطلاق النار الحي) أسفرت عن إصابات أو أضرار بالممتلكات وأدت إلى نزوح 1600 فلسطيني من منازلهم، وهو ارتفاع ملاحظ بعد عام 2023 الذي شهد ذروة غير مسبوقة في عنف المستوطنين. وجاء تدخل بار في الصيف في وقت حذر فيه المسؤولون الإسرائيليون في وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي من أن الضفة الغربية على شفا انفجار قد يتسبب في مقتل مئات الإسرائيليين في نزاع جديد في حرب إسرائيلية متعددة الجبهات. إن الطريقة التي تتصرف بها إسرائيل في الضفة الغربية لها تداعيات لا تقتصر على مصير الفلسطينيين وحسب، فالصراع الذي يضع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في مواجهة اليمين المتطرف الصاعد وحلفائه من المستوطنين لا يدور حول ما إذا كان ينبغي على إسرائيل استخدام القوة في غزة، أو التوقف عن احتلال الضفة الغربية، أو تقديم التنازلات للمساعدة في إيجاد حل للصراع المستمر منذ عقود من الزمان. بل إنه صراع حول أمن إسرائيل، يعتبره كثير من الإسرائيليين معركة حول هوية الدولة. إذاً يمكن لإسرائيل أن تستجيب لتحذيرات المسؤولين الأمنيين مثل بار، أو يمكن أن تستمر في الانصياع لإملاءات اليمين المتطرف. سيؤدي الخيار الأخير إلى مزيد من إراقة الدماء، وسيضر في النهاية بمكانة إسرائيل والدعم المقدم لها في الغرب وستنجم عنه عزلة دولية أكبر وربما تحول إسرائيل إلى دولة منبوذة. بالتالي، فإن عدداً كبيراً من الإسرائيليين الذين لا يزالون يرون بلدهم دولة علمانية، وليبرالية، وديمقراطية، يعتبرون الصراع ضد اليمين المتطرف وجودياً، مع تداعيات وخيمة على كل مستويات الحكم وعلاقات إسرائيل الخارجية. وستشكل هذه المعركة بصورة حاسمة السياسة والأمن الإسرائيليين في السنوات المقبلة”.
اتساع الصدع
“تعود جذور الخلاف بين المؤسسة الأمنية واليمين المتطرف لقضية إيلور عزريا في عام 2016، وهو جندي في الجيش الإسرائيلي في مدينة الخليل المحتلة، كان أقدم على إعدام مهاجم فلسطيني كان ملقى على الأرض مصاباً برصاصة ولم يعد يشكل أي تهديد. في ذلك الوقت، دافع سياسيون من اليمين، بمن في ذلك نتنياهو، عن عزريا، بل وطالب بعضهم بالعفو عنه، وهو ما يتناقض بصورة مباشرة مع تصريح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي آنذاك غادي أيزنكوت بأن تصرفات عزريا تتعارض مع معايير الجيش الإسرائيلي. لم تسلط هذه الحادثة الضوء على الانقسام المتزايد بين الجيش والحكومة فحسب، بل كشفت أيضاً عن قوة حركة المستوطنين في السياسة الإسرائيلية. في البداية، وجهت إلى عزريا تهمة القتل، ولكن خففت لاحقاً إلى القتل غير المتعمد، وقضى تسعة أشهر في السجن. إن كبار المسؤولين الأمنيين في إسرائيل، المكلفين بمنع العنف ضد الإسرائيليين ومكافحته، يدقون ناقوس الخطر، مؤكدين أن بعض تيارات اليمين السياسي في إسرائيل تعمل بصورة مباشرة ضد مصالح البلاد. وهم يشيرون على وجه التحديد إلى بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية القومي المتشدد الذي يمثل حركة الاستيطان المتطرفة، الذي يتمتع من خلال منصب آخر في وزارة الدفاع بسيطرة فعلية على الشؤون المدنية في الضفة الغربية، وهو نفسه كان اعتقل واستجوب في عام 2005 للاشتباه في تخطيطه لتفجير طريق سريع احتجاجاً على انسحاب إسرائيل من قطاع غزة. كما يشيرون أيضاً إلى إيتمار بن غفير، الوزير المسؤول عن الشرطة، الذي دين مرات عدة بالتحريض على العنصرية ودعمه لجماعة إرهابية يهودية. كلاهما يعيش في مستوطنات الضفة الغربية، ويروجان لضم المنطقة، وبعد السابع من أكتوبر، أيدا إعادة توطين اليهود الإسرائيليين في غزة. ومن الجدير بالذكر أن بن غفير دعا إلى إقالة كل من بار ووزير الدفاع يوآف غالانت بسبب فشلهما في منع هجوم السابع من أكتوبر ودعمهما لإطلاق سراح الرهائن واتفاق وقف إطلاق النار مع (حماس) في غزة. وعلى حد تعبير مسؤول استخباري إسرائيلي سابق، هذا الصدام المتزايد بين اليمين المتطرف والمؤسسة الأمنية (غير مسبوق). إنه متجذر في جهود نتنياهو للبقاء في السلطة من خلال ربط نفسه باليمين المتطرف وإلقاء اللوم على الجهاز العسكري والاستخباري في أحداث السابع من أكتوبر، في حين ينكر مسؤوليته الخاصة. وبعد مرور أكثر من عام، لا يزال نتنياهو يرفض إنشاء لجنة تحقيق مستقلة تابعة للدولة في هجوم (حماس) الدموي. ولكن بعيداً من لعبة اللوم، هناك فجوة أساسية بين الأيديولوجيين اليهود العازمين على إضفاء الطابع الرسمي على السيطرة الإسرائيلية على الأراضي المحتلة من جهة، وقادة الأمن المخضرمين المنخرطين بعمق في العمليات اليومية للحفاظ على أمن إسرائيل والتواصل مع نظرائهم الأميركيين من جهة أخرى. هؤلاء القادة هم جزء من مؤسسة عسكرية كانت مرتبطة تقليدياً بالنظام الديمقراطي العلماني الليبرالي في إسرائيل، وعازمة على الحفاظ على مظهر احترام سيادة القانون في الأقل. في المقابل، أصبح الأيديولوجيون المتطرفون يعادون الجيش بصورة متزايدة، وهو تطور غير عادي في بلد يعتبر الجيش فيه مقدساً لفترة طويلة، وهو غارق حالياً في أطول حرب وأكثرها تعقيداً منذ تأسيس إسرائيل في عام 1948”.
محاور ساخنة واستفزازات
“لا يتعلق الصدام بطموحات اليمين المتطرف في الضفة الغربية فحسب، بل أيضاً بمعضلة إسرائيل في شأن ما يجب فعله بغزة. لقد دعمت المؤسسة الأمنية، بقيادة وزير الدفاع يوآف غالانت، صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار لأشهر عدة، واصطفت مع إدارة بايدن. وينتقد غالانت وآخرون نتنياهو علناً لفشله في تقديم رؤية نهائية للحرب في غزة توفر بديلاً واقعياً لحكم (حماس). ووصف غالانت في أغسطس (آب) رغبة نتنياهو في تحقيق (نصر كامل) بأنها (تفاهات خطابية)، ليرد نتنياهو باتهام غالانت بتبني (رواية معادية لإسرائيل). في الحقيقة، يعود الخلاف بينهما لما قبل السابع من أكتوبر: في مارس 2023، حذر غالانت من أن محاولة الحكومة إصلاح القضاء، وهو اقتراح مثير للجدل دفع بعض جنود الاحتياط للتهديد بعدم الالتحاق بالخدمة العسكرية، تهدد الأمن القومي. فأقاله نتنياهو لكنه تراجع عن قراره بعد بضعة أسابيع وسط احتجاجات جماهيرية واسعة. وفي أحدث خلاف بينهما، ألغى نتنياهو رحلة غالانت المخطط لها في أكتوبر إلى الولايات المتحدة لتنسيق الرد الإسرائيلي على إيران، مشترطاً إجراء مكالمة بين بايدن ونتنياهو أولاً. وفي الشهر الماضي، صوتت الحكومة على إبقاء الجيش الإسرائيلي منتشراً إلى أجل غير مسمى في ممر فيلادلفيا، وهو شريط ضيق على طول الحدود بين غزة ومصر. وكان نتنياهو أهمل ذكر هذا الشرط في المفاوضات حول اتفاق وقف إطلاق النار في مايو (أيار)، مع أن (حماس) ومصر تعارضان الوجود العسكري الإسرائيلي في المنطقة الحدودية. وفسر عدد من الإسرائيليين تصويت الحكومة على أنه قرار من نتنياهو بتدمير إمكان التوصل إلى اتفاق، مما يشير إلى تفضيله الاستمرار الحرب في غزة كوسيلة للحفاظ على دعم الجناح اليميني المتطرف في الحكومة. فاليمين الإسرائيلي يعارض بشدة وقف إطلاق النار، لا بل إن بعض قادته يريدون إعادة المستوطنين لغزة. في المقابل، يصر غالانت والمؤسسة الأمنية على أن إسرائيل يمكن أن تنسحب من ممر فيلادلفيا كجزء من صفقة، وتستعيده لاحقاً إذا لزم الأمر. وبعد وقت قصير من التصويت الذي جرى في سبتمبر (أيلول)، علم الإسرائيليون بأن (حماس) أعدمت ستة رهائن من الشبان أثناء اقتراب قوات الدفاع الإسرائيلية منهم. وأثارت عملية القتل غضب حركة الاحتجاج الإسرائيلية التي كانت تسعى بصورة يائسة إلى إتمام صفقة إطلاق الرهائن، مما أدى إلى إضراب عمالي لمدة نصف يوم وبعض أكبر المظاهرات في تاريخ إسرائيل، إذ طالب ما يقدر بنحو نصف مليون شخص في تل أبيب وحدها نتنياهو بالتوصل إلى اتفاق للإفراج عن الرهائن المتبقين. ومع تحول الجبهات الرئيسة الآن إلى لبنان وإيران وشن هجوم إسرائيلي آخر في شمال غزة، تبدو صفقة الرهائن بعيدة المنال. وأوضح تقرير نشرته صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية في أكتوبر إحباط كبار المسؤولين العسكريين، الذين اتهموا الحكومة بالتضحية فعلياً بالرهائن في سبيل السعي إلى ضم غزة. أحد العوامل الأخرى المحركة للصراع بين المؤسسة الأمنية والحكومة، أو في الأقل عناصرها اليمينية المتطرفة، هو الوضع الراهن المتدهور في الحرم القدسي الشريف، المجمع المقدس في القدس الشرقية المحتلة الذي يضم المسجد الأقصى وجبل الهيكل. كان هذا الموقع نقطة توتر حساسة مهمة ومتكررة في الماضي. ففي مناسبات عدة قوض بن غفير، بصفته وزيراً للأمن القومي، الوضع الراهن الهش في الموقع من خلال تشجيع اليهود على الصلاة هناك، وهو ما يفعلونه الآن بأعداد متزايدة. دانت المؤسسة الأمنية تصرفاته باعتبارها استفزازات خطرة لا تثير الفلسطينيين فحسب، بل تستفز أيضاً الأردن والعالم الإسلامي بأسره. هذا ومن المقرر أن يتحول المجمع المقدس إلى نقطة توتر أكثر تفجراً مع صعود حركة مسيانية [متعلقة بمعتقدات قدوم المسيح المخلص] يمينية متطرفة متنامية، كانت على الهامش ذات يوم، تشق طريقها إلى التيار السائد بهدف فرض سيطرة يهودية على المجمع بأكمله، وإجراء طقوس التضحية بالحيوانات هناك، وإعادة بناء الهيكل. الصدام بين اليمين المتطرف والمؤسسة الأمنية مستمر من دون هوادة على رغم التدهور السريع للأوضاع في الضفة الغربية وخارجها. فمنذ السابع من أكتوبر، ثنت إسرائيل 150 ألف فلسطيني من الضفة الغربية عن العمل في إسرائيل. وكجزء من محاولة سموتريتش لإضعاف الحكومة الفلسطينية وتعزيز سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية، حجبت تل أبيب أموال الضرائب عن السلطة الفلسطينية (على رغم أنه بموجب شروط اتفاقات أوسلو، تجمع الحكومة الإسرائيلية الضرائب من الأراضي الفلسطينية وتحول العائدات للسلطة الفلسطينية). والواقع أن الضرر الشديد الذي لحق باقتصاد الضفة الغربية نتيجة لهذه السياسات يقوض بصورة مباشرة ما يراه المسؤولون الأمنيون أنه قدرتهم على الحفاظ على الحد الأدنى من النظام، لأن زيادة البطالة بين الفلسطينيين وإفقارهم لا يؤديان إلا إلى تصاعد احتمالات العنف. وعبثاً، ناشدت المؤسسة الأمنية حكومة نتنياهو الإفراج عن عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية واستئناف إصدار تصاريح العمل للفلسطينيين من الضفة الغربية العاملين داخل إسرائيل. وعندما يتعلق الأمر بالضفة الغربية، تظل الحكومة خاضعة بصورة خطرة لأولئك الوزراء اليمينيين المتطرفين الذين لا يريدون إلا ضم الأراضي ويعملون عمداً على تأجيج الصراع والفوضى”.
انتصارات باهظة الثمن
“إن الحكومة لا تستمع إلى المؤسسة الأمنية أو إلى المحتجين في الشوارع، بل تعتمد عوضاً عن ذلك على قاعدتها القوية التي تدعم نهجها في الضفة الغربية والحرب المتعددة الجبهات على نطاق أوسع. والسؤال هو ما إذا كانت الضغوط الخارجية قادرة على حمل نتنياهو على تغيير مساره. في الواقع، إن الدعم غير المشروط تقريباً الذي تقدمه واشنطن لإسرائيل، على رغم توسع المستوطنات في مختلف أنحاء الضفة الغربية، أسهم في الإفلات من العقاب مما منح المستوطنين المتشددين حرية العمل في الأراضي المحتلة وزاد نفوذهم داخل المؤسسات والسياسة الإسرائيلية. لقد بدأت الولايات المتحدة في فرض عقوبات على المستوطنين العنيفين وبعض الجماعات التي تمول المشروع الاستيطاني، على رغم أنها لم تستهدف بعد بن غفير وسموتريتش أو الكيانات التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من المشروع الاستيطاني، بما في ذلك الجماعات شبه الحكومية والمجالس الإقليمية للمستوطنين. علاوة على ذلك، لم تفرض واشنطن قيوداً جدية على تصدير الأسلحة التي قد ينتهي بها المطاف في أيدي المستوطنين الإسرائيليين، ولم تستخدم إمداداتها من الأسلحة في الحرب الإسرائيلية كوسيلة ضغط من أجل المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة. وبالتأكيد، ليس من الواضح ما إذا كانت التدابير الأميركية الأكثر قوة قادرة على إعادة تشكيل السياسة الإسرائيلية. من المرجح أن يستمر نتنياهو في الاعتماد على اليمين المتطرف للبقاء في السلطة، حتى لو تعرض لضغوط من واشنطن، والمجتمع الإسرائيلي يتماشى إلى حد كبير مع موقفه الرافض لأي تنازل للفلسطينيين. ولكن حتى الخلاف الجزئي مع الولايات المتحدة قد يؤثر في قدرة البلاد على شن الحرب. إضافة إلى ذلك، فإن اتخاذ الولايات المتحدة موقفاً أكثر صرامة من شأنه أن يظهر بصورة أكثر وضوحاً أي جانب سيختاره المسؤولون الأميركيون في الصراع بين رؤيتين لإسرائيل: سعي اليمين المتطرف الأيديولوجي إلى الاستيلاء على الضفة الغربية وإجهاض إمكان قيام دولة فلسطينية، مما يجعل إسرائيل أقل أماناً، أو النهج الأكثر براغماتية الذي تؤيده المؤسسة الأمنية. إن تصعيد الحرب في لبنان وإصرار إسرائيل على الرد على الضربات الإيرانية يعتمان في الوقت الحالي على الانقسامات المتعلقة بالضفة الغربية، لكن هذه الاختلافات تخلق انقساماً كبيراً [تشكل خط صدع كبير]. إذا انتصر اليمين المتطرف، وهو أمر يبدو مرجحاً حالياً، فستواصل إسرائيل تجريد الفلسطينيين من مساحات واسعة من الضفة الغربية وبناء مزيد من المستوطنات، مما يشجع على المضي قدماً في الضم التدريجي الذي يقوده سموتريتش. جنباً إلى جنب مع الاستفزازات في جبل الهيكل، يضمن هذا المسار تقريباً مستقبلاً من العنف المتزايد وعدم الاستقرار لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين. وقد يؤدي انتصار المتشددين إلى كارثة بالنسبة إلى إسرائيل، إذ إن ثقافة الفوضى والانفلات الأمني المتعمقة لن تؤدي إلا إلى إضعاف آليات الديمقراطية الإسرائيلية التي تواجه تحديات بالفعل”.