أصحاب الجلالة والفخامة والسعادة المؤتمرون في أرض النبوّة الخاتمة الكرام
من جرحنا النازف فوق ثرى أرض الإسراء والمحشر والمنشر، بوابة السماء حيث صعد الأنبياء للعلى نحو السّماء..جئناكم بهذه المناشدة والنشيد الذي يصدح من حناجر أجيال فلسطين والعرب والمسلمين ومعهم كلّ حرّ وشريف في شتى أنحاء المعمورة لنوصل رسالتنا لكم حيث يُعقد العزم وتُشحذ الهمم، ويظهر على حقيقتهم الرجال، وتتعلّق آمال الأجيال.
لقد أرادوا محونا، فأنبتت نكبتنا ثورة انطلقت من رحم مخيمات اللجوء، وشبّت هذه الثورة بعدما اعتقدوا واهمين أننا أمّة نائمة مهزومة لا حول لها ولا قوة.
حاولوا إخماد جذوتنا وإطفاء مشاعلنا، فحوّلنا حجارتنا ناراً فاضحة مزمجرة، وصنعنا من الحجارة انتفاضة.. شدّدوا الخناق علينا، فكسرنا قيودهم وصنعنا “انتفاضة الأقصى” الخالدة رصاصاً وباروداً. حاولوا.. وحاولوا فخرجنا من حصارهم وحاصرناهم وكشفنا حقيقتهم وعارهم، ومرّغنا أنوفهم وأنفتهم، وفضحنا للعالم كل العالم زيفهم وهشاشة جيشهم الذي صوّروه وأوهمونا أنه لا يُقهر، وصنعنا طوفان الأقصى إيذاناً بالفتح المبين والنصر الموعود الآتي.
نحن ملح الأمة، أيقن العالم بأسره أننا لا نقبل ضيماً، ولا تُكسر لنا شوكة، ولا تسقط لنا راية، بل تتناقلها أجيالنا جيلاً بعد جيل، قدوتنا في ذلك قادة معركة مؤتة الخالدة، فنحن منهم وهم منّا، ونحن وهم نخرج من مشكاة واحدة، ونولد من رحم واحد، رحم خير أمّة أُخرجت للناس، وخرّجت أجيال السؤدد والرفعة صانعة التاريخ بصفحاته الناصعة التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتسعى بلا كلل ولا ملل لنشر العدل في الأرض التي استخلفنا الله جلّ في علاه فيها، وحملنا بإرادتنا أمانتها الثقيلة، وسنبقى كذلك جيلاً بعد جيل.
فعلى بركة الله نناشدكم بافتتاح هذه القمة المصيرية بهذا النشيد: نشيد أجيال النصر الموعود الآتي، حيث تزول الغمة عن هذه الأمة، ويعود الحق المسلوب لأصحابه، وينتهي الظلم وينكفيء الظالمون إلى غير رجعة، فلا يعود عربي ومسلم يُهان ويُرتهن ويركع لغير الله، والله غالب على أمره ولو كره الكارهون والمعتدون والبرابرة الظلاميون مدّعي الحضارة والنور.
أصحاب الجلالة والفخامة والسعادة المؤتمرون في أرض النبوّة الخاتمة الكرام
إن أبناءكم في عموم الوطن العربي والعالم الإسلامي الذي تمثّلونه حقّ تمثيل كما يرتجى منكم، فأعداؤنا عقدوا العزم على محو العرب والمسلمين ويريدون أن يطفئوا نور الله بترسانات أسلحتهم الفتّاكة، ويقاتلوننا كافّة، ويمعنون في استباحة الأرض والعرض، غير آبهين بنصحنا وبياناتنا ومناشداتنا، ولا يكترثون للقانون الإنساني الدولي، ولا حتى لاتفاقياتهم والتزاماتهم معنا، ولا يراعوا فينا إلّاً ولا ذمّة. والله أمرنا بقتالهم كافة كالبنيان المرصوص كما يقاتلوننا كافة، وها هم يتطاولون على بلاد الحرمين ويعتبرون مدينة رسولنا الكريم مُلكاً خالصاً لهم، ومعها بلاد النيل خير أجناد الأرض وما يسمّونه “عزبة سيناء” والأردن وسوريا ولبنان والعراق، وهم جادّون في ذلك تجسيداً لشعارهم: “حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل”، وأكثر من ذلك صادقوا على خطط جاهزة “من الخليج إلى المحيط” و “من طنجة إلى جاكرتا”، ويتبجّحون بكل صلف وغطرسة بأن “يدهم الطولى” ستحقق لهم ذلك بالقوة، وقد شطبوا من قاموسهم منذ إقرارهم “قانون الدولة القومية اليهودية” عام 2018، كافة عبارات “السلام” و”الأرض مقابل السلام”.. نضع هذه الحقائق بين أيديكم، حيث قتل هذا “الكيان” المتغطرس على كلّ مسعى للسلام أو التعايش المشترك، وباتت شعاراته المرفوعة على مرآى ومسمع العالم أجمع: “الموت للعرب” و “محمد مات” و “نحن قتلنا المسيح” هذا ما يُربّون أطفالهم عليه، فيما يطابوننا بتغيير مناهج التعليم لدينا بما يتوافق مع أكاذيبهم وتزويرهم للتاريخ والجغرافيا، وبلغت بهم الوقاحة بالمطالبة بتحريف كتاب الله بشطب وتحريف آياته الكريمة كما فعل أحبارهم بتوراة موسى وإنجيل عيسى عليهما السلام.. ولم يعد يجدي معه سوى جمع الكلمة وعقد العزم وحفظ الأمة وصون الدين والعرض، وتحرير الأرض والمسرى السليب.. هذا ما تتطلع له الأجيال، وهذا ما يريدون منكم توريثه لهم، فلا تسقطوا لهم راية، ولا تخفضوا لهم هامة، وكونوا حيث يرتضي لكم الله والرسول أن تكونوا، وأنتم أهل لها وجديرون بها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.