كيف سيكون وضع اليهود وسمعهتم في عالم التعددية القطبية الحتمي بعد الجرائم التي ارتكبتها وترتكبها قيادتهم الحالية في تل أبيب؟
أشار المستشار السياسي الروسي رامي الشاعر في تصريحٍ له لوكالة الأنباء الروسية الرسمية، سبوتنيك، تعليقاً على إعلان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عن مقتل 332 من موظفي المنظمات الإنسانية في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى تاريخ التصريح قائلاً: أنه بغض النظر عن عجز الأمم المتحدة وحالة الشبه شلل التي تعاني منها، ولكن يجب أن تستمر مؤسساتها وخاصة الإنسانية بمحاولة إيصال المساعدات لقطاع غزة، نعم إسرائيل تعرقل عمليا وصول 85% من المساعدات حسب تقرير الأمم المتحدة ولكن النساء والأطفال في قطاع غزة بحاجة ماسة جدا إلى كمية الـ 15% التي تصل، فقد دفع ثمن حياتهم منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى اليوم 332 بطلا من الموظفين والعاملين في المنظمات الإنسانية، نعم هم شهداء وأبطال ولا يمكن وصفهم وتسميتهم بغير ذلك. لنتصور أنه اذا كان الضحايا الـ 332 موظفين من المؤسسات الدولية التي تحظى بحصانة هيئة الأمم المتحدة فما هو حجم الضحايا والمأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني؟ واليوم أيضا انضم إلى هذه المأساة جزء كبير من الشعب اللبناني، العالم بأجمعه يشاهد يوميا عمليات قتل وتهجير وتجويع وتدمير ممتلكات مئات الآلاف من المواطنين الأبرياء، وهذا العالم يتألم ويحاول أن يساعد ولكنه عاجز بسبب سياسة وموقف البعض الذين يعرقلون تنفيذ إصدار أي قرر لمجلس الأمن لوقف الجرائم والإرهاب الذي يرتكب يوميا ضد المدنيين من الشعب الفلسطيني واللبناني، لأن هؤلاء الذين يعرقلون وخاصة الغرب وكما كتب الأكاديمي برهان غليون في مقالة نشرت قبل عدة أيام، يعتبر هذا الغرب أن اسرائيل دولة استثنائية لا يخضع سلوكها إلا لإرادة حكومتها ورفض القرارات الدولية التي تعتبرها تدخل في شؤونها، بما في ذلك قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأيضاً حقها في عدم التردد في إلحاق أراضي الغير لها بالقوة، وطرد السكان وبناء المستعمرات وممارسة سياسة الانتقام والعقاب الجماعي وحتى الإبادة الجماعية كما يحصل في غزة وجنوب لبنان أيضا. وأضيف من طرفي أيضا والإبادة الجماعية حتى للعاملين في المؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة وهذا ما حصل للـ 332 موظف الذين قتلوا خلال سنة.
الغريب ألا يستوعب إلى الآن حكام اسرائيل ومن يدعمهم أنه يتشكل اليوم عالم جديد والذي سينهي حتما دور الغرب الحالي في الهيمنة وسيعيد دور الأمم المتحدة وهيبة واحترام ميثاقها قراراتها، وحينها كيف سيكون وضع اليهود وسمعتهم؟ وكيف سيعيشون عندما الغالبية الساحقة من البشرية أصبحت شاهد على الجرائم والاضطهاد الذي ترتكبها قيادتهم الحالية في تل أبيب، وأقولها بكل صراحة أن القيادة الحالية في تل أبيب ترتكب بالدرجة الأولى أيضا جريمة ضد الشعب اليهودي نفسه والذي سيحتاج إلى سنين طويلة لمعالجة السمعة السيئة واللاإنسانية عن الإسرائيليين، بتصور المليارات من البشر، وأكبر دليل على ذلك ما حدث مؤخرا في أمستردام والمظاهرات ضد الإسرائيليين في إسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية والكثير من بلدان العالم الأخرى.
لا يسعني اليوم وبعد أن أعلنت الأمم المتحدة اليوم رسميا مقتل 332 موظف من المنظمات الإنسانية في قطاع غزة، الذين اختاروا أنبل المهن الإنسانية، إنقاذ ومساعدة حوالي مليونين من الشعب الفلسطيني أغلبهم نساء وأطفال يعانون اليوم من الجوع والبرد وخطر الموت، وهذا الخطر يزداد اليوم كل ساعة مع قدوم فصل الشتاء. نأمل أن يكون لنتائج مؤتمر رؤساء العرب والدول الإسلامية الذي انعقد في الرياض قبل يومين، الأثر السريع لفك الحصار وفتح الممرات لإيصال المساعدات لقطاع غزة بشكل فوري ومساعدة الشعب اللبناني الذي اضطر اللجوء إلى مناطق أخرى من جنوب لبنان.