تقارير منوعة

تسوية عسكرية مع لبنان من دون تطبيع، أو تغيير عميق، ستقوّض إنجازات الجيش

حرية عمل الجيش الإسرائيلي في لبنان وسورية. جزء من تغيير الواقع الإقليمي.  هو أن تقول إسرائيل بقوة للولايات المتحدة ولأطراف في المنطقة إن إسرائيل غير مستعدة لتوقيع اتفاق أقلّ من اتفاق تطبيع. مَن يريد تقييد حرية العمل الإسرائيلية، يمكنه الحصول على ذلك من خلال (التطبيع) معها، وهذا هو التغيير الأساسي الذي أدت إليه هذه الحرب. لا يجب عليها، بأيّ شكل من الأشكال، توقيع وثيقة مكتوبة لا تتضمن تطبيعاً، وخصوصاً عندما يعتبرها الطرف الثاني (وقفاً لإطلاق النار)، وعسكرية فقط، ولا تتطرق قط إلى الواقع الإقليمي الجديد الذي فرضته الإنجازات المذهلة التي حققها الجيش الإسرائيلي“.

تحت هذا العنوان نشرت “معاريف” مقالاً تحليلياً مؤخراً بقلم خبير الشؤون الاستراتيجية والعسكرية “عميت يغور”، استهله بالقول: “يبدو أن كل الأطراف، بمن فيهم إسرائيل، يريدون إنهاء القتال والجهد العسكري في لبنان. وفي النهاية، هذه الرغبة مفهومة ومشروعة (على الرغم من أننا لم نستكمل زرع بذور واقع مختلف في لبنان في اليوم التالي، وهذا العنصر حاسم، في رأيي). والسؤال ليس (متى)، بل (كيف)، كيف سينتهي القتال في الشمال، بعد أن ثبت في الماضي البعيد وغير البعيد (وخصوصاً بعد الانسحاب من لبنان في سنة 2000) أن (كيف) لها أهمية كبيرة. السردية المركزية هي أن وقف إطلاق نار/تسوية هو الأداة الأساسية لإنهاء القتال. ماذا تعني التسوية؟ وثيقة مكتوبة موقّعة من الولايات المتحدة وإسرائيل ولبنان (وليس حزب الله)، تتضمن تفاصيل ما يجب فعله وعدم فعله في (اليوم التالي) في لبنان. ليس المقصود، لا سمح الله، اتفاقات تطبيع مع لبنان، أو وثيقة تتطرق إلى التغيير العميق المأمول الذي يجب أن نحدده، ولا إلى كيف يجب أن يبدو لبنان من الآن فصاعداً، بل هي وثيقة عسكرية فقط، أساسها عدم تواجد حزب الله في المنطقة الواقعة في جنوبي خط الليطاني، وإعطاء الجيش الإسرائيلي حرية العمل في التصدي لأيّ خرق للاتفاق”.

وتابع متسائلاً: “وأريد هنا أن أطرح بعض الأسئلة التي ترفض هذه السردية المركزي: السؤال المركزي، ألا تملك إسرائيل الآن الحرية الكاملة للعمل في لبنان، لماذا، والحال هذه، نحن بحاجة إلى وثيقة مكتوبة ترسّخ ذلك؟ هل تتناول الوثيقة الشق العسكري المتعلق بانسحاب حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني وحرية العمل الإسرائيلي العسكري في لبنان فقط؟ أليس هناك علاقة بين الجانب العسكري والجانب السياسي من أجل خلق واقع إقليمي جديد في لبنان؟ ألا يجب أن يكون هناك خطوات سياسية وبنيوية وتنظيمية واقتصادية يُطلب من لبنان تعهُّد القيام بها في إطار التسوية؟ هل إيران متضمنة ومذكورة علناً في الاتفاق الذي سيوقَّع؟ وهل توقّف أحد وسأل لماذا أعطت إيران التسوية مباركتها؟ هل هناك إمكان أن إيران (التي صرّحت مؤخراً فقط بأن طهران تدعو إلى الموافقة على وقف إطلاق النار على أساس القرار 1701 والانسحاب إلى ما وراء الليطاني، وأنها ستواصل تأييدها لحزب الله، وستساعده على التعافي من الضربات القاسية التي تكبّدها) تحاول حصر خسائرها، وتعتبر هذه التسوية، عملياً، تسوية من أجل ترميم حزب الله؟ وماذا سيحدث لعناصر الحرس الثوري الموجودين في لبنان، وفي سورية؟ (التي تُعتبر أشبه بممر فيلادلفيا الشمالي لترميم حزب الله)، هل هناك نصّ صريح في الوثيقة يتضمن كلاماً واضحاً يقضي بطرد الحرس الثوري من المنطقة خلال فترة زمنية قصيرة (نوع من إنذار)؟ كيف يحدد الاتفاق الخروقات؟ وهل يُسمَح بإعادة إعمار الجنوب اللبناني؟ أليس عناصر حزب الله مواطنين لبنانيين أيضاً (عناوين إقاماتهم المسجلة في هوياتهم في الجنوب اللبناني)؟ مثلاً، هل يمكن أن تتحول الأنابيب التي ستدخل إلى الجنوب اللبناني من أجل استخدامها في الصرف الصحي إلى صواريخ؟ (كذلك الأمر بالنسبة إلى جميع المواد المزدوجة الاستخدام التي تدخل من أجل إعادة البناء، مثلما جرى في قطاع غزة)؟ هل فهمنا بعمق لماذا قيّدت التسويات السابقة إسرائيل فقط؟ وهل وجدنا رداً على ذلك في الوثيقة التي سنوقّعها؟ هل ندرك أن الصيغة اللغوية مهمة لأن إيران ولبنان يسميّان الاتفاق الجارية بلورته (وقف إطلاق نار)، أي أنه لا يوجد تغيير بالنسبة إليهما، وما حدث هو جولة أُخرى من القتال، ولكلّ وقف إطلاق نار نهاية. أعتقد أن التركيز في التسوية الجارية على الجانب العسكري فقط من دون إلزام لبنان واقعاً لبنانياً مختلفاً، ومع السماح بالوجود الإيراني العسكري في لبنان وسورية، يمكن أن يؤدي إلى تآكل الإنجازات العسكرية في لبنان. وفي رأيي، عندما ننظر بدقة إلى المعركة كلها في لبنان، نجد أنها (حرب إيران الأولى)، لذلك، إن ما سيجري سيحسم الكفة فيما إذا كنا سننجح في خلق واقع إقليمي مختلف يتراجع فيه (محور المقاومة الشيعية) ويختفي، بينما يتقدم محور اتفاقات أبراهام، ويأخذ مكانه، على الأقل على طول حدود دولة إسرائيل”.

وخلص للقول: “في ضوء ما قيل سابقاً، أعتقد أن توقيع إسرائيل تسوية من هذا النوع لن يغيّر شيئاً في الوضع القائم، بل سيقيّد إسرائيل دولياً، بشكل أو بآخر، وبمرور الوقت، سيعزز (نظرية الهدوء) وسط الجمهور، ويقوض حرية عمل الجيش الإسرائيلي في لبنان وسورية. جزء من تغيير الواقع الإقليمي هو أن تقول إسرائيل بقوة للولايات المتحدة ولأطراف في المنطقة إن إسرائيل غير مستعدة لتوقيع اتفاق أقلّ من اتفاق تطبيع. مَن يريد تقييد حرية العمل الإسرائيلية، يمكنه الحصول على ذلك من خلال (التطبيع) معها، وهذا هو التغيير الأساسي الذي أدت إليه هذه الحرب. علاوةً على ذلك، إن توقيع تسوية الآن يمكن أن يضرّ، جوهرياً، بالواقع الجديد لـ(اليوم التالي). لذا، من الضروري، الآن، وقبل أن نرتكب أخطاء، أن نفكر من خارج الصندوق، وأن نُظهر جرأة، في إمكان إسرائيل تقديم تعهدات للولايات المتحدة، لكن لا يجب عليها، بأيّ شكل من الأشكال، توقيع وثيقة مكتوبة لا تتضمن تطبيعاً، وخصوصاً عندما يعتبرها الطرف الثاني (وقفاً لإطلاق النار)، وعسكرية فقط، ولا تتطرق قط إلى الواقع الإقليمي الجديد الذي فرضته الإنجازات المذهلة التي حققها الجيش الإسرائيلي”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى