عفو بايدن عن ابنه هانتر.. ضربة لسمعة الديمقراطية الأمريكية؟
“في مخالفة لكل وعوده السابقة عفى الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن عن ابنه هانتر المتهم في قضايا حيازة سلاح بشكل غير قانوني وتهرب ضريبي، تهم كان من شأنها أن تبقيه لسنوات عديدة في السجن لكن جو بايدن أصدر العفو على نجله قبل الحكم عليه في الشهر الحالي متذرعا من أن الدافع وراء تحريك هذه القضايا سياسي ويستهدفه شخصيا. سيؤثر ذلك على مصداقية ديمقراطية الولايات المتحدة الأمريكية التي أصبحت مؤخرا مثل جمهورية موز؟ تعمدوا أن يضعوا هذه الصلاحية ضمن ما يتمتع به الرئيس أيا كان من جورج واشنطن إلى ترامب الآن سلسلة“.
تناولت “دوتشيه فيليه” الألمانية هذا العنوان بمقال تحليلي يوم 2/12 الجاري، بدأته بالقول: “في خطوة مثيرة للجدل، الرئيس الأمريكي جو بايدن يصدر عفوا عن ابنه هانتر المتهم في قضايا تتعلق بحيازة سلاح بشكل غير قانوني والتهرب الضريبي. فما خلفيات وأبعاد هذا العفو؟ وكيف يتعامل معه الرأي العام الأمريكي؟ في مخالفة لكل وعوده السابقة عفى الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن عن ابنه هانتر المتهم في قضايا حيازة سلاح بشكل غير قانوني وتهرب ضريبي، تهم كان من شأنها أن تبقيه لسنوات عديدة في السجن لكن جو بايدن أصدر العفو على نجله قبل الحكم عليه في الشهر الحالي متذرعا من أن الدافع وراء تحريك هذه القضايا سياسي ويستهدفه شخصيا. فما أصداء هذه الخطوة في الولايات المتحدة وكيف سيتعامل معها الرئيس المنتخب ترامب الذي سبق له استغلال صلاحيته في ولايته الأولى للعفو عن مقربين منه وكيف سيؤثر ذلك على مصداقية ديمقراطية الولايات المتحدة الأمريكية التي أصبحت مؤخرا مثل جمهورية موز؟”.
ملخص لأهم تعليقات الصحف الأمريكية قبل مناقشة هذا الموضوع:
“(لم نرى شيئا مثل هذا منذ 50 عاما !) ردة فعل الصحافة العالمية تتوالى على قرار الرئيس بايدن بالعفو عن نجله الأصغر روبرت هانتر بايدن والذي أدين بالإدلاء بمعلومات كاذبة من أجل حيازة سلاح وبالتهرب الضريبي. سلطت الضوء على اللغة التي استخدمها بايدن في قرار العفو وهي ترى أن نص العفو غير مسبوق منذ العفو الذي أصدره الرئيس غيرالد فورد في حق ريتشارد نيكسون عام 1974. نص العفو الرئاسي جاء كالتالي (عن تلك الجرائم المرتكبة ضد الولايات المتحدة التي ارتكبها أو قد يكون قد ارتكبها أو شارك فيها خلال الفترة بين 1 يناير 2014 إلى 1 ديسمبر 2024، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، جميع الجرائم التي تم توجيه اتهام بها أو محاكمتها). تضيف المجلة بأن ترامب عندما أقدم على إصدار عفو عن بعض من الشخصيات المقربة منه كان أكثر تحديدا للجرائم التي سيتم إسقاطها قضائيا وأقل عمومية. هذا الأمر دفع صحيفة نيويورك تايمز إلى أن تشبه تصرف جو بايدن بالأفعال الترامبية مما وصفها بالملاحقات القضائية الإنتقائية والضغوط السياسية. اما صحيفة غارديان البريطانية فتقول أنه بإقدامه على العفو عن إبنه هانتر يقدم جو بايدن نفاقا عاطفيا عميقا، مشيرة إلى أن تصريحات سابقة متكررة من قبل بايدن بعدم التدخل بقضية نجله وعدم إصدار عفو له احتراما للمسار القضائي المتبع.
لمناقشة هذا الموضوع ينضم من واشنطن الدكتور محمد الشرقاوي أستاذ تسوية النزاعات الدولية والخبير في الشأن الأمريكي .دكتور محمد كيف تقرأ خطوة العفو هذه ؟
د. محمد: هي محط إنقسام الأمريكيين إلى فئتين، فئة الفضيلة السياسية التي تستجوب أن لا يصدر الرئيس بايدن أي عفو وأن يلتزم بوعوده، وقد كررها في هذا الصيف. والفئة الثانية هي فئة الواقعيين السياسيين بأن هناك دائما الفن الممكن وهناك بعض الإعتبارات الملتوية أحيانا، لكن على صعيد المقارنة نجد أن بايدن وهذا ليس دفاع عنه هو من أقل الرؤساء الذين يستخدمون حق العفوأو حق التخفيف من الأحكام القضائية، ابنه مدان في محكمة في ولاية ديلاوير وأخرى في ولاية كاليفورنيا. بموازاة الرؤساء السابقين أرى أن بايدن أقلهم تأثيرا في هذا المجال بل إن ترامب في نهاية ولايته يناير 2021 أصدر عفوا على من ارتكبوا جرائم أكثر خطورة وأكثر شناعة والأكثر من هذا إذا تحدثنا مثلا عن التهرب الضريبي الذي يتهم ويدان بها ابن بايدن، صهر ترامب كوشنر يقضي عقوبة في السجن والآن يرشحه لمنصب سفير الولايات المتحدة في فرنسا وهناك شخصيات أخرى.
المذيع: كِلا الرئيسين بهذا التصرف وبهذه المحسوبية أو الإنتهازية السياسية كما وصفها البعض بأنهم يحولون الولايات المتحدة الأمريكية إلى وضع ضائع، الى أي مدى يؤثر ذلك على صورة الولايات المتحدة الأمريكية في العالم؟
د. محمد: هي معضلة لكل قاعدة إستثناء وإذا عدنا إلى الآباء المؤسسين في القرن ال16 و17، هم تعمدوا أن يضعوا هذه الصلاحية ضمن ما يتمتع به الرئيس أيا كان من جورج واشنطن إلى ترامب الآن سلسلة. والأكثر من هذا إذا ركزنا على حقبة ترومان بعد الحرب العالمية الثانية بين الـ 45 و53 كانت ترومان رقما قياسيا في هذه قرارات العفو أيضا نجد أوباما الذي يتميز أيضا بالتخفيف مع الأحكام القضائية لـ 1945 شخصا فبالتالي من حيث العادة تتفاوت النسب لكن هذا لا يلغي أن هناك حقا دستوريا لدى كل رئيس وهذه مسألة لا مفر منها، وبمعنى آخر لا يمكن أن نكون ملكيين أكثر من الملك بمعنى أن نكون ديمقراطيين حسب الدستور الأمريكي ونلغي هذه الصلاحية ولكن أحيانا تنزلق الأمور ويصبح العفو عبارة عن إكراميات لبعض الشخصيات وأعتقد أن ترامب أكثر من بايدن سعى في هذا الإتجاه.
المذيع: ترامب أكثر من بايدن سعى في هذا الإتجاه، هل هذا العفو نهائي بحيث أن ترامب لا يستطيع أن يحيي هذه التهم وهذه القضايا الموجهة لهانتر نجل بايدن؟
د. محمد: صلاحية العفو الرئاسي صلاحيات دستورية ونهائية بمعنى آخر لا يكون هناك ملاحقات من قبل الديمقراطيين، فبالتالي المسألة المتبقية فقط أن هناك بعض الذين يقسون على بايدن بحكم أنه إبنه لكن يتناسون أيضا أن خلف هانتر وخلف بايدن أيضا قصة إنسانية تعود لأكثر من 50 عاما، هو الذي ربى إبنيه وأحدهما قد توفي قبل سنوات بسبب سرطان في المخ، بالتالي من تبقى سوى هذا الرجل بايدن المسن يفوق الـ 80 لم يبقى له لا زوجة ولا ابن سوى هذا الإبن، فأيضا أعتقد أنه لا يجب أن نقسو أكثر من اللازم بخصوص أنه هناك وازع إنساني يبقى أن نقارن عند الحلول اليوم النهائي لدى بايدن في البيت الأبيض، هل سيوسع القائمة أو سيبقى العدد قصير؟ وهنا تصح المقارنة بما فعل ترامب في آخر يوم في البيت الأبيض في يناير 21.
المذيع: صحيح عندما عفى عن زوج إبنته كوشنير وعينه مستشار في البيت الأبيض اعتبر ذلك أيضا محسوبية، هل سيرسخ ترامب منطق المحسوبية في السياسية الأمريكية وهل يحق له أن يصدر عفو على نفسه في القضايا المرفوعة ضده؟
د. محمد: أعتقد أن المسألة تحتاج مقارنة، لو فازت كامالا هاريس لم يكن بايدن ليحتاج لهذا العفو كان سيأتي من قبل كامالا هاريس في المرحلة القادمة فيبعد عنه هذا النقاش، أيضا كان هناك تفكيرأنه في نهاية فترة ترامب في ال21 كان من الممكن أن ينقل الصلاحية خلال اليومين الأخيرين من ولايته إلى مايك بانسو وقتها يصدر مايك بانسو كونه الرئيس الفعلي العفو على ترامب. لا أعلم بالتحديد ما هو السيناريو المحتمل في نهاية حقبة ترامب في يناير 2029 لكن لا شك أن القائمة ستزداد وأن هناك الكثير من الإنتهزايين الذين سيدانون قضائيا.