صحافة وآراء

ما تريده واشنطن والغرب و”الكيان” لسوريا الجديدة: عرقنة سوريا، طرد روسيا، واستنساخ السلطة الفلسطينية!

فضل المهلوس

في الوقت الذي يواصل فيه الشعب السوري التعبير عن فرحته بالخلاص من نظامه الاستبدادي الجاثم على أنفاسه منذ عقود طويلة.. يواصل “الكيان” المجرم قضم المزيد من الأراضي السورية وتدمير مقدّرات الدولة السورية وتخصيص الأموال لترجمة مخططاته الاستيطانية فوق التراب الوطني السوري، فيما يتقاطر تترا مبعوثو البيت الأبيض وعواصم الغرب الاستعماري والاتحاد الأوروبي وحتى الأمم المتحدة، كما “تتداعى الأكلة على قصعتها”.. لا لتشارك هذا الشعب المقهور فرحته بالانعتاق من نير الظلم والاستعباد، أو وقف العدوان والاحتلال والاستيطان التوسعي لكيانهم المتغطرس. وهم الذين طالما أقاموا الدنيا ولم يقعدوها حول “دكتورية” نظام الأسد، وقالوا فيه ما لم يقله مالك في الخمر. وأبدوا حرصهم وذرفوا دموع التماسيح على الشعب والوطن السوري، الذي ذاق الأمرين ليس من دكتاتوية نظامه فحسب، وإنما من حصارهم وعقوباتهم الجماعية ونهبهم لثرواته وخيراته، وقانون “قيصر” التجويعي المُذل.. وها هم يريدون أن ينغصوا على هذا الشعب فرحته، ويخطفوا نموذج انتصاره اللادموي، بل ويجهضوه أو على الاقل يحولوا دون تكراره وتفشّيه في دول المنطقة. ويصادروا حقّه الطبيعي بتحديد خياراته ومستقبله، بل ويرسمون له معالم الطريق الذي يُفترض أن يسير عليه، وكأنهم هم المنتصر، وكأن الشعب السوري عاجز وقاصر يحتاج لوصايتهم عليه، وما أدراك ما وصايتهم التي سطّرها تاريخهم الدموي اللاإنساني واللاأخلاقي الأسود في المنطقة والعالم؟!

ما أوضحته مجريات الأحداث في سوريا منذ فجر الثامن من الشهر الجاري، وما وشحت به ما بين سطور التصريحات الملغومة والمُبطنة والمغلفة بالشعارات الجوفاء المعهودة.. تؤكد بوضوح على إجماع “الكيان” ومن خلفه الغرب الاستعماري بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، مدّعو حمل مشاعل “الديمقراطية” و”حقوق الإنسان” و”تقرير المصير” للشعوب، على جملة من الأهداف، أهمها:

تكرار تجربة العراق، وفرض دستور بريمير التقسيمي الطائفي، وبما في هذه   التجربة من دموية وتدمير إن أمكن لهم ذلك، بذريعة حقوق المكوّن الكردي.

2 ـ تشريع وتسويغ توسّع واستيطان “الكيان” لما يريده من الوطن السوري تحت دواعي “الأمن” وحق “الدفاع عن النفس” و “المناطق العازلة” ومحدودية المساحة الجغرافية التي تعيق هيمنته على المنطقة وإداء دوره الوظيفي المناط به من الغرب الاستعماري.

3 ـ استنساخ تجربة السلطة الفلسطينية في سوريا، وتحويل الجيش السوري بعديده وعتادة إلى قوة شُرطية داخلية لا أكثر ولا أقل.

4 ـ ضمان عدم تهديد سوريا مستقبلاً لهذا “الكيان”، وترسيم ذلك بصيغ مختلفة.

5 ـ طمأنة الأنظمة العربية وتحديداً الدكتاتورية منها، جمهوريات وممالك وإمارات، بعدم تعميم النموذج السوري، وتحويل هذا النموذج لعصا إضافية لضمان ولاء هذه الأنظمة لإرادتهم، ودون تقديم أية تعهدات مستقبلية جادة قد تُمليها المصالح المتقلّبة بين عشية وضحاها لهذا الغرب الاستعماري وربيبته المدللة في تل أبيب.

6 ـ طرد روسيا من سوريا نهائياً، وإن أمكن من عموم الشرق الأوسط، وإعادة إحياء الدور الاستعماري البائد لكلّاً من بريطانيا وفرنسا، كلّ منهما بحسب انتدابه الآفل، كجوائز ترضية “مؤقتة” من واشنطن وتل أبيب على خدماتهما في سوريا والمنطقة.

هذا أهم ما يُراد لسوريا الجديدة، وبمنتهى الوقاحة والبجاحة، ولا يُضير مبعوثو واشنطن والغرب والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، أن تلتقي على رؤوس الاشهاد مع مَن صنّفتهم وفق معاييرها إرهابيين، بل وخصصت عشرات ملايين الدولارات مقابل رؤوسهم، وحتى قبل أن ترفعهم عن قوائم “الإرهاب” خاصّتهم، والتي يريدون المساومة عليها، وحصد أثمانها الباهظة مسبقاً.. وهذا هو حرصهم على مساعدة الشعب السوري، والذي يريدون أيضاً تدفيعه أثمان ما يُمكن أن يجودوا عليه من مساعدات، أو إلغاء “قانون قيصر” العقابي الجماعي له، ومسبقاً كذلك…

هذا ما تنضح به تصريحاتهم وأفعالهم على الأرض.. لكن الكلمة الفصل تبقى لإرادة الشعب السوري الأبي، صاحب التاريخ العريق في مقارعة كافة الغزاة الدخلاء على ترابه الوطني، وإن غداً لناظره قريب.

كاتب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى