تقارير منوعة

من الذي يشن الحرب النفسية؟

يعمل نتنياهو ورجاله يومياً أمام وسائل الإعلام الأجنبية ووسائل التواصل الاجتماعي في الداخل لإقناع الجمهور بأن حماس هي المسؤولة عن عدم التوصل إلى صفقة. كجزء من الحرب النفسية ضد مواطني إسرائيل، فإن نتنياهو يجد الكلمات بالفعل. نحن مواطنو الدولة نتحمل تبعات هذه القرارات معه، ونحن مذنبون معه. إن عملية غسيل الدماغ التي يقوم بها نتنياهو هي الحرب النفسية. يثبت حكم نتنياهو الطويل أنه بفضل الحرب النفسية وصل إلى السلطة والاستيلاء على وسائل إعلام ومناصب إعلامية. من الواضح الآن أكثر من أي وقت مضى من الذي يدير حربا نفسية في إسرائيل“.

بهذا السؤال عنون “إيتاي لاندسبيرغ نيفو” مقالاً تحليلياً نشرته “تايمز أوف إسرائيل” مؤخراً، وقد عرّف الكاتب نفسه قائلاً: “إيتاي لاندسبيرغ نيفو هو مواطن يغمره القلق جراء عمق الفساد الحكومي، ويخشى على مصير الديمقراطية، ويشعر بالفزع من العنصرية والعنف في المجتمع الإسرائيلي. محرر سابق لـنشرة الاخبار (مباط شيني) ـ أي النظرة الثانية ـ ومدير قسم الأفلام الوثائقية في القناة الأولى (2002-2017). ابن كيبوتس تل يوسف ومن مؤسسي منتدى حماية جنود الاحتياط المسرحين (1995-2017). حاليًا مخرج ومحرر محتوى ومنتج مستقل”. حيث باشر مقالته بالقول: “في نهاية الأسبوع، نشرت حماس صورة لجثة ملفوفة بالكفن، وادعت أنها لإحدى المختطفات، التي قالت الحركة إنها قُتلت بنيران الجيش الإسرائيلي. اختارت وسائل الإعلام عدم نشر الصورة، لأنها (حرب نفسية) – وهي عادة معروفة هنا وهناك. نشر مقطع فيديو يظهر فيه أحد مختطفي حماس هو حرب نفسية. نشر تصريحات رئيس وزراء إسرائيل هي حقيقة مطلقة، حتى يتم إثبات كذبه (عادة خلال دقائق). إذن من الذي يقوم بحرب نفسية؟ ألم نعلم أن مكتب نتنياهو (أي بنيامين نتنياهو) أجرى عملية تشكيل وعي لدى الجمهور الإسرائيلي، حيث سرق موظفوه وثائق سرية من الجيش الإسرائيلي، وقاموا بتسريبها إلى وسائل إعلام في الخارج مع التحايل على حظر الرقابة وهذا من أجل خدمة عملية تشكيل الوعي ذاتها التي تعزز موقف نتنياهو ضد صفقة إطلاق سراح المختطفين؟”.

ويتابع فيقول: “ألم نر ونسمع مرارا وتكرارا طوال العام ردود فعل نتنياهو على ما يقوله رؤساء فريق التفاوض الذين يسعون إلى توسيع التفويض الممنوح لهم، ورؤساء المؤسسة الأمنية ووزير الدفاع يوآف غالانت نفسه؟ لقد قالوا جميعا أنه بالإمكان توقيع صفقة، وأن أهداف الجيش الإسرائيلي في غزة استُنفدت. الجيش الإسرائيلي متعثر ويجتاح نفس الأحياء مرارا وتكرارا. من المستحيل إطلاق سراح المختطفين في عملية عسكرية لأن حماس ستقتلهم. وما الذي يفعله نتنياهو وحكومته في المقابل؟ حرب نفسية – حملات تشكيل وعي بلغة مغسولة – ضد مواطني إسرائيل. ضد رؤساء فريق التفاوض، وضد رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي ووزير الدفاع والآن ضد رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) أيضاً. يعمل نتنياهو ورجاله يوميا أمام وسائل الإعلام الأجنبية ووسائل التواصل الاجتماعي في الداخل لإقناع الجمهور بأن حماس هي المسؤولة عن عدم التوصل إلى صفقة. في البداية زعموا أن الضغط العسكري وحده هو الذي سيؤدي إلى إطلاق سراح المختطفين، وبعد أشهر قُتل فيها عشرات المختطفين بسبب الضغط العسكري، تغيرت الحرب النفسية إلى حملة تشكيل وعي مختلفة قليلا تزعم أن حماس تصر على عدم قبول شروط إسرائيل. من الواضح للجميع أن الخروج من غزة وإنهاء الحرب وحدهما سيقودان إلى صفقة، لكن نتنياهو يخرج بخطاب محور فيلادلفيا ويعلن أن ثلاثة أهداف للحرب تتركز هناك، لا أقل. 41 دقيقة من الحرب النفسية التي تم دحضها في يوم واحد – لا أنفاق تعبر إلى مصر، ولم ولن يتم تهريب مختطفين إلى سيناء، والمحور ليس مهما وما هو إلا ذريعة لاستمرار الحرب. مجرد حرب نفسية ضد عائلات المختطفين التعيسة. وها هي قضية فلدشتاين. أولاً، يعلن مكتب نتنياهو (أي نتنياهو) أنه لم يتم اعتقال أو التحقيق مع أي شخص في مكتبه. عندما تتضح الحقائق في غضون ساعات ويتم نشر صور فلدشتاين في محيط رئيس الوزراء في القواعد والمروحيات، تبدأ الكذبة في التغير، ويتم التخطيط بالفعل لحملات تشكيل وعي، وفي نهاية الأسبوع الماضي خرج نتنياهو بالفعل مع تسع دقائق تحدث فيها عن معرفته الجيدة بفلدشتاين، الذي وصفه رئيس الوزراء الذي أنكر قبل أسبوعين فقط معرفته به بأنه (وطني صهيوني). والآن تشن الحرب النفسية على الشاباك والشرطة والنيابة العامة والمستشارة القضائية للحكومة، وعلى التحقيقات في (سراديب الشاباك)، وعلى وضع (شبان رهن اعتقال مطول). قلب نتنياهو الرحيم لم يتمكن من التعبير بمثل هذه الكلمات من أجل المختطفين الـ101 الذين يقبعون في أنفاق حماس في غزة. ولكن كجزء من الحرب النفسية ضد مواطني إسرائيل، فإن نتنياهو يجد الكلمات بالفعل. وسرعان ما زاد من حدة خطابه وادعى وجود (حملة صيد ساحرات) ضده و(ضدكم جميعا). أي أن التحقيقات مع ثلاثة من أعضاء مكتبه الذين شاركوا في حرب نفسية ضد الجمهور الإسرائيلي، هي في الواقع تحقيقات ضد كل أنصار نتنياهو وربما ضد الجمهور بأكمله – لأنها تهدف إلى تقوية العدو ومنع نتنياهو من القيادة إلى انتصار”.

ويخلص للقول: “إن قرار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بإصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو للاشتباه في ارتكابه جرائم حرب هو خطأنا جميعا ومعاداة للسامية ضدنا جميعا. فهو ليس وحده الذي قرر عمليات القصف في غزة واستمرار الحرب بلا هدف رغم إصابة مئات الآلاف، إلا أننا نحن مواطنو الدولة نتحمل تبعات هذه القرارات معه، ونحن مذنبون معه. إن عملية غسيل الدماغ التي يقوم بها نتنياهو هي الحرب النفسية. لقد تبين أن مقاطع الفيديو التي تبثها حماس تبث ببساطة الحقيقة حول وضع المختطفين ورسالة مفادها أن حماس مستعدة للتوصل إلى اتفاق مقابل إنهاء الحرب. ما الذي لا يمكن فهمه هنا؟ ألا تفهم الاستديوهات التلفزيونية لدينا أن الحرب النفسية موجهة أيضا من الداخل ضد مواطني الدولة الديمقراطية؟ يثبت حكم نتنياهو الطويل أنه بفضل الحرب النفسية وصل إلى السلطة. الاستيلاء على وسائل إعلام ومناصب إعلامية (ها هي قضايا 1000 و 2000 و 4000 في المحاكم وتواجه بحرب نفسية ضد ممثلة النيابة العامة والمستشارة القضائية للحكومة)، التسريبات التي يتم تمريرها لمراسل القناة 12 عميت سيغال ، شعارات (العرب يتدفقون بأعداد كبيرة إلى صناديق الاقتراع) و(لقد نسي اليسار ما يعنيه أن تكون يهوديا)، والهجوم على أجهزة القضاء والشرطة والمحكمة العليا.. كل هذه الأمور هي حرب نفسية على جمهور ناخبيه، وترهيب أصحاب المناصب في الشاباك وفي النيابة العامة وفي الجيش، كي لا يتجرأوا على اتخاذ إجراءات ضده واستدعائه للتحقيق في قضية فدلشتاين، أو في كل قضية أخرى يتم الكشف عنها بشأنه. من الواضح الآن أكثر من أي وقت مضى من الذي يدير حربا نفسية في إسرائيل”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى