مخططات إسرائيلية: العمل في غزة كما في تشيرنوبل بعد تسرب الإشعاعات النووية
“كلما بدت الاحتمالات لصفقة ضئيلة أكثر، تتزايد الدعوات في المؤسسة السياسية لتوسيع العملية العسكرية في شمال القطاع إلى مدينة غزة، وبشكل يتلاءم كلياً مع خطة الجنرالات المتقاعدين لإفراغ شمال القطاع من سكانه بالكامل، التي ينفي رئيس هيئة الأركان العامة أي علاقة بها. يُرسخ الجيش الإسرائيلي صورته كمن ارتكب ولا يزال يرتكب المجازر وجرائم حرب في قطاع غزة، من خلال تعيين ضباط يمينيين متطرفين في مناصب رفيعة. في فرق الاحتياط العسكرية، يعملون من خلال أيديولوجية حريدية – قومية واضحة. أي فلسطيني يستشهد، حتى لو كان طفلا، يوصف بأنه (مخرب). يجب عدم إدخال شاحنة واحدة. وينبغي وضع صعوبات وعرقلة القوافل الداخلة، لا يوجد أبرياء في غزة، وأن هذا مفهوم عسكري، فجميعهم مخربون. على القوات أن تدمر مصادر الطاقة والغذاء والمياه في المنطقة، وقتل أي أحد يتنقل في هذه المنطقة”.
حول المستجدات في قطاع غزة المنكوب، نشر موقع “عرب 48” عدة موضوعات، الموضوع الأول المعنون أعلاه، جاء فيه: “يتوقع أن تستأنف الاتصالات حول اتفاق تبادل أسرى، حيث يلتقي وفد إسرائيلي مع مندوبي الوسطاء، في قطر، لكن هذه الاتصالات لن تفضي إلى أي اتفاق أو تفاهمات، لأن اتفاقا كهذا ليس هدفاً إسرائيلياً الآن. ولا يزال في قطاع غزة 100 أسير إسرائيلي، (ومعلوم جيدا أن أقل من نصفهم على قيد الحياة)، وفق ما أفاد المحلل العسكري في صحيفة (هآرتس)، عاموس هرئيل، وبحسبه، (لا توجد هنا أي مصادفات. وثمة إمكانية لعملية عسكرية جديدة بعد جباليا، في حال انهيار الاتصالات حول اتفاق مجددا. وفي القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي يدفعون لتنفيذ ذلك). وتابع أن (الكثيرين هناك، وكذلك في فرق الاحتياط العسكرية، يعملون من خلال أيديولوجية حريدية – قومية (الأكثر تطرفا) واضحة. وبالنسبة لهم نشأت نافذة فرص لا تدعو إلى هزم حماس وحسب، وإنما إلى إعادة إقامة مستوطنات في قطاع غزة ومنع أي إمكانية لانسحاب في المستقبل. وعندما ينتقد وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، رئيس هيئة الأركان العامة، هيرتسي هليفي، بأنه رفض المصادقة على عمليات عسكرية قُدمت له في الأسبوع نفسه، ولا يدفع أي شخص في الجيش ثمن العلاقة المحظورة مع المستوى السياسي (أي تسريب معلومات من الجيش بشكل غير رسمي)، فإن الاتجاه الذي تهب فيه الريح واضح للجميع). ويتباهى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، يسرائيل كاتس، وضباط كبار في الجيش بـ(إنجازات) تحققت في سورية ولبنان خصوصا. لكن هرئيل أشار إلى أن (هذه الإنجازات لا تحل المشكلة الأساسية التي بدأت الحرب الإقليمية بسببها، وهي قطاع غزة وبالمفهوم الواسع أكثر هي الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني). وأردف أنه (حتى بعد الدمار والقتل الذي أنزله الجيش الإسرائيلي على القطاع، فإنه لم يُمحَ رعب مجزرة 7 أكتوبر 2023. وثمة شك كبير إذا تم ترميم كامل لمكانة الردع الإسرائيلي في المنطقة). ولفت إلى أنه (كلما بدت الاحتمالات لصفقة ضئيلة أكثر، تتزايد الدعوات في المؤسسة السياسية لتوسيع العملية العسكرية (في شمال القطاع) إلى مدينة غزة، وبشكل يتلاءم كلياً مع خطة الجنرالات المتقاعدين (لإفراغ شمال القطاع من سكانه بالكامل)، التي ينفي رئيس هيئة الأركان العامة أي علاقة بها). وبحسبه، فإن عدد السكان الذين ما زالوا يتواجدون في مدينة غزة أكثر من توقعات الجيش الإسرائيلي في البداية، وأن عددهم أكثر من 100 ألف، (وينشط بينهم الآلاف من ناشطي حماس، بعضهم يعمل في الحفاظ على حكم مدني وآخرون يستعدون للمواجهة المقبلة مع الجيش الإسرائيلي). وشدد هرئيل على أنه (بعد ثلاثة أشهر من القتال في مخيم جباليا، وتدمير كامل لبيوت المخيم وقتل بالغ، يصعب الحديث عن هزيمة إستراتيجية لحماس. مقاومة الحركة العسكرية ضعفت، والجيش الإسرائيلي يتفوق في أي صدام، والإخلاء القسري والعنيف للسكان المدنيين من شمال القطاع كله مستمر. لكن هذا كله لا يحقق نصرا حاسما، ولا يدفع نحو صفقة) تبادل أسرى. وتسربت الأسبوع الحالي معلومات من لجنة الخارجية والأمن في الكنيست حول استطلاع استخباراتي قدمه الجيش إلى اللجنة، وتبين منه حسب هرئيل أن هناك حوالي 9 آلاف مقاتل في إطار منظم لحماس، وعدد مشابه من الناشطين بدون هرمية تنظيمية. (ووتيرة تجنيد الناشطين الشبان للذراع العسكري أعلى حاليا من الوتيرة التي يدمر فيها الجيش الإسرائيلي هذه الأطر. وأبواق نتنياهو باتت تُدخل إلى الخطاب العام فكرة أنه لن يكون هناك مفرا من إعادة احتلال مدينة غزة). وأشار إلى أنه تجري مداولات مكثفة حول (حلول لحكم مدني في القطاع برعاية إسرائيل. ويدور الحديث عن إقامة أربعة مراكز لوجستية في شاطئ القطاع، توزع منها مساعدات إنسانية بواسطة مقاولين مدنيين بإشراف الجيش الإسرائيلي. وفي جباليا وبلدات شمال القطاع، يجري التداول في إنشاء مجتمعات مغلقة، ومراقبة، سيسمح لمواطنين فلسطينيين بالعودة إليها في المستقبل، لكنهم سيضطرون إلى السكن في خيام، في ظل عدم وجود مبان صالحة للسكن. والجيش سيسيطر على مخارج ومداخل هذه المناطق). وأضاف أنه في جنوب القطاع (توجد خطة لإشراك سكان محليين في السيطرة ويعملون بالأساس في الشؤون الجنائية، ويبحثون في ما إذا سيتم إشراك في إدارة الأمور أولئك المرتبطين بالسلطة الفلسطينية وحركة فتح أيضا. لكن الأمر الواضح هو أن هذا كله سيحدث فقط بعد تدمير آخر للحيز الحضري (المدن)، وإبعاد السكان بالقوة وقتل المسلحين). وأفاد هرئيل بأنه (في الغرف المغلقة يهمسون بتعبير مقزز، تشرنبلة غزة (المصدر اسم مدينة تشيرنوبل). فبعد التسرب من المفاعل النووي في تشيرنوبل، في العام 1986، حفر السوفييت بسرعة نفقا بهدف منع تغلغل مادة إشعاعية إلى المياه الجوفية. والمقصود هنا هو ما هو المطلوب تنفيذه في المنطقة الواقعة شمال وادي غزة كلها، أي في ممر نيتساريم، وأن يتم تدمير شامل للبنى التحتية الموجودة فوق وتحت الأرض. وفقط بعد ذلك سيكون بالإمكان البحث في عودة السكان. ولا أحد يعلم متى سيحدث ذلك). وفيما يدعو الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، إلى التوصل لاتفاق تبادل أسرى ولإنهاء الحرب أحيانا، إلا أن نتنياهو يرفض ذلك كي لا ينهار حكمه ويفضل بقاء الوضع الراهن على حاله. ووفقا لهرئيل، فإن وزير الشؤون الإستراتيجية، رون ديرمر، المقرب من نتنياهو، يعتبر أنه (بالإمكان نسج حلولاً عدوانية كهذه، وأن حلولا كهذه لن تردع السعودية من تطبيع علاقات مع إسرائيل أيضا، وكذلك من الضلوع في تسويات في القطاع. لكن ثمة شكاً كبيراً إذا كانت الرياض ستوافق، طالما يستمر القتل في غزة. وعدا المشاكل الأخلاقية الهائلة التي تتعالى من الخطة، فإنه يتعين على الضباط الذين سيتطوعون للمشاركة فيها أن يأخذوا بالحسبان إمكانية أن يجدوا أنفسهم على أجندة المؤسسة القضائية الدولية)”.
جرائم إسرائيل بغزة تبدأ بتعيين ضباط متطرفين ترعرعوا بالمستوطنات
“أحد هؤلاء الضباط هو يهودا فاخ، الذين كان مسؤولا عن محور (نيتساريم)، ووُصفت ممارساته هناك بـ(التعسف والابتذال بقتل الفلسطينيين)، ثم عُين مسؤولا عن شمال القطاع ليعلن أنه (بواسطة فقدان الأرض فقط سيتعلم الفلسطينيون الدرس). يُرسخ الجيش الإسرائيلي صورته كمن ارتكب ولا يزال يرتكب المجازر وجرائم حرب في قطاع غزة، من خلال تعيين ضباط يمينيين متطرفين في مناصب رفيعة، مثل قائد الفرقة العسكرية 252، يهودا فاخ. وبتعيينات كهذه، يؤكد الجيش الإسرائيلي (الطمس الموجود اليوم للفروق بين أهداف الجيش المعلنة وبين الأفكار الشخصية لضباط كبار، الذين يملون أهدافا وثقافة قتالية بديلة بإطلاق نار عشوائي على المدنيين في قطاع غزة، وبضمنهم الأطفال)، حسبما ذكرت صحيفة (هآرتس). لقد ولد فاخ في مستوطنة (كريات أربع) في مدينة الخليل المحتلة ومعقل غلاة المستوطنين المتطرفين، من أمثال وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، وتخرج فاخ من الكلية العسكرية التحضيرية (بني دافيد) في مستوطنة (عيلي)، وهي أيضا معقل المتطرفين من التيار الديني – القومي. وفي آب/أغسطس الماضي، جرى تعيين فاخ قائدا للفرقة 252 التي عملت في محور (نيتساريم). وفي تقرير نشرته الصحيفة قبل يومين، وصف ضباط وجنود فاخ بأنه متسرع وتسبب بمقتل ثمانية جنود في قوات الاحتياط. وكشف تقرير آخر، قبل أسبوعين، ما وصفته الصحيفة بـ(التعسف والابتذال بقتل الفلسطينيين في محور نيتساريم) وأن أي فلسطيني يستشهد، حتى لو كان طفلا، يوصف بأنه (مخرب). وأفادت الصحيفة بأن جرائم كثيرة كهذه ارتكبت أثناء تولي فاخ المسؤولية عن محور (نيتساريم)، لكن ضباطا آخرين أيضا كانوا مسؤولين عن هذه الجرائم. وأشارت الصحيفة إلى أن فاخ وضع مجموعة قوانين بديلة خلال الحرب على غزة، بينها قراره المستوحى من الاستيطان في الضفة الغربية، وأبلغه لضباط وجنود تحت إمرته، بأنه (بواسطة فقدان الأرض فقط سيتعلم الفلسطينيون الدرس). وقال فاخ لضباطه وجنوده، بما يتعلق بالمساعدات الإنسانية لقطاع غزة، إنه (يجب عدم إدخال شاحنة واحدة. وينبغي وضع صعوبات وعرقلة القوافل الداخلة)، وأضاف أنه (بالنسبة لي، لا يوجد أبرياء في غزة)، وأن هذا (مفهوم عسكري، فجميعهم مخربون)، وفق ما نقلت الصحيفة عنه. وأحضر فاخ شقيقه، غولان فاخ، وهو ضابط في الاحتياط برتبة عقيد، إلى المنطقة التي تسيطر فرقته عليها، واستخدم شقيقه قوة من جنود الاحتياط والمدنيين، وصفهم ضابط إسرائيلي بأنهم (يبدون مثل شبيبة التلال ـ التنظيم الإرهابي الاستيطاني في الضفة الغربية ـ والهدف الوحيد لهذه القوة هو تدمير غزة وتسويتها بالأرض). وأشارت الصحيفة إلى أن سلوك يهودا فاخ (يدل على فقدان سيطرة مطلق على ضباط الجيش وموافقة، وإن كانت صامتة، على استخدام وحدات عسكرية كجيش داخل جيش). لكن يتبين أن الجيش وافق على هذه الممارسات وعقب على التقرير بأن (قوة العقيد بالاحتياط غولان فاخ هي قوة عسكرية مخوّلة ومكونة من عناصر احتياط خضعوا لتأهيل ملائم. وهذه قوة تنفيذ مهمات صودق عليها وتم تجنيدها بموجب القواعد وعملت في عدة مناطق في غزة بالتنسيق ومن خلال خضوعها للقوة في المنطقة ـ أي الفرقة التي يقودها شقيقه ـ والمهمة التي نفذها غولان فاخ كانت العثور على أنفاق وتدميرها). ولفت الباحث في العلاقات بين الجيش والمجتمع في إسرائيل والمحاضر في الجامعة المفتوحة، بروفيسور يَغيل ليفي، إلى أنه (بالرغم من أن أفكار يهودا فاخ المعروفة للجميع، تم تعيينه قائدا لفرقة مسؤولة عن منطقة حساسة في غزة. وفاخ في نهاية المطاف، مخلص للأفكار والرسالة التي ترعرع على تطبيقها). وأضاف ليفي أنه (لذلك لا ينبغي أن نندد به وإنما بمن عيّنه، الذي كان يعلم جيدا أنه لن يتصرف بشكل مختلف في نيتساريم. وكما قال ضابط كبير عنه إنه كان (من الواضح أن أفكار هذا الضابط ومواقفه السياسية هي خطة عملياتية)”.
أعضاء كنيست يطالبون بتدمير جميع مصادر الطاقة والغذاء والمياه بغزة
“طالب ثمانية أعضاء في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست من أحزاب الائتلاف وزير الأمن، يسرائيل كاتس، بأن يوعز للجيش الإسرائيلي (بتدمير كافة مصادر الماء والغذاء والطاقة) في قطاع غزة (من أجل القضاء على حماس). ووقع على الرسالة التي وُجهت لكاتس أعضاء الكنيست عَميت هليفي ونيسيم فاتوري وأريئيل كالنر وأوشير شكليم، من حزب الليكود، وتسفي سوكوت وأوهاد تال من حزب الصهيونية الدينية، وليمور سون هار ميلخ من حزب (عوتسما يهوديت)، وأبراهام بتسلئيل من حزب شاس، وفق ما ذكر موقع صحيفة (هآرتس) الإلكتروني. واعتبر أعضاء الكنيست هؤلاء أن عمليات الجيش الإسرائيلي (لا تسمح بتحقيق أهداف الحرب التي وضعها المستوى السياسي، بالقضاء على قدرات حماس السلطوية والعسكرية). ولفتت الصحيفة إلى أن أعضاء الكنيست لم يذكروا الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة، الذين قررت الحكومة الإسرائيلية أن تحريرهم هو أحد أهداف الحرب. واعتبر أعضاء الكنيست أن الخطة التي ينفذها الجيش الإسرائيلي لتهجير سكان شمال قطاع غزة إلى جنوبه (لا تنفذ بالشكل اللائق. أي أنه بعد الإغلاق والإخلاء الإنساني لا يتعامل الجيش الإسرائيلي، كما هو متعارف عليه في القانون الدولي وفي جميع الدول الغربية، مع من تبقى على أنه عدو، ويشكل بذلك مرة أخرى خطراً على حياة جنودنا لدى دخولهم إلى المنطقة المأهولة والشائكة). وطالب أعضاء الكنيست كاتس بإعادة النظر في خطط الحرب، وأنه بعد محاصرة شمال القطاع وتهجير سكانه جنوبا، (على القوات أن تدمر مصادر الطاقة والغذاء والمياه في المنطقة، وقتل أي أحد يتنقل في هذه المنطقة ولا يخرج رافعاً راية بيضاء، وبعد ذلك دخول القوات تدريجياً من أجل تطهير كامل لأعشاش العدو). وتابعوا أنه (يجب العمل بهذا الشكل ليس في شمال القطاع فقط، وإنما في أي منطقة أخرى)، وأشاروا إلى أن مندوبي الجيش لم يجيبوا خلال اجتماع اللجنة على طلبات مشابهة وما هي الخطط المقبلة”.