محاور إستراتيجية

متابعات قانونية: دولة جنوب أفريقيا تجرّ “إسرائيل” إلى محكمة العدل الدولية

أفريقيا التي جرت فيها أول إنتخابات ديمقراطية حرة كانت عام ١٩٩٤ بعد أن تحرروا من نظام الفصل العنصري، لذا وقبل كل شيئ فإنه من الناحية الرمزية أن تكون جنوب أفريقيا هي من تفعل ذلك، لأنها تعرف ما هو الفصل العنصري فقد عاشوه في بلادهم لمدة 350 عاماً والرئيس السابق لجنوب أفريقيا الراحل نيلسون مانديلا ومعه السياسي الشهير والمطران ديزموند توتو، كلاهما وصف “إسرائيل” بأنها دولة فصل عنصري وهما يعرفان أفضل من أي شخص آخر ما هي دولة الفصل العنصري، لقد كانا ناقدين جدا “لإسرائيل” الفصل العنصري فهي كانت حليفة وثيقة لجنوب أفريقيا الفصل العنصري،كما ساعدتا بعضهما البعض على أن تصبحا قوى نووية وطوّرتا أسلحة نووية، وعندما سُئل السيد توتو عند منحه جائزة نوبل للسلام عن السبب بكونه ناقداً جداً “لإسرائيل” قال: أنا ناقد لبلد كانت متواطئة مع من يظلمني وتساعد ظالمي على ظلمه لي لسنوات عديدة، لذا فإنه من المهم للغاية أن تكون جنوب أفريقيا قد رفعت هذه القضية إلى محكمة العدل الدولية واصفًا ما يحدث في غزة بأنه إبادة جماعية للشعب الفلسطيني ومن الواضح تماما من وثيقة جنوب أفريقيا والتي هي وثيقة قانونية غير عادية، أن هذه إبادة جماعية سواء من حيث سلوك العملية الإسرائيلية في غزة أو بسبب النيّة التي عبر عنها السياسيون الإسرائيليون بإخراج جميع الفلسطينيين من غزة وأن تتولى “إسرائيل” زمام الأمور فعلياً في غزة بشكل كامل.

السكان في جنوب أفريقيا كانوا السكان الأفارقة السود، في فلسطين السكان الفلسطينيون لا يعاملون على قدم المساواة بموجب القانون، حتى المواطنون الفلسطينيون في “إسرائيل” لديهم حقوق اقل من المواطنين اليهود في إسرائيل لذلك يتعرضون للتمييز ببساطة على أساس عرقهم أو اثنيتهم او دينهم.

الأمر الثاني..

إن ما فعلته دولة جنوب أفريقيا الفصل العنصري هو أنها حاولت تقسيم السكان الأفارقة السود إلى ما يسمى بالبانتوستانات أو الأراضي الصغيرة غير المتصلة ببعضها البعض بنفس الطريقة إلى حد كبير التي قامت بها “إسرائيل” في إحتلالها للأراضي الفلسطينية حيث أدخلت المستوطنات الإسرائيلية وفصلت أجزاء من غزة والضفة الغربية والخليل ورام الله عن بعضها البعض بحيث لا يمكن لحل الدولتين أن يكون موجودا، وهو مشابه للغاية لنظام البانتوستانات في الفصل العنصري، والأهم من ذلك، كلاهما “إسرائيل” وجنوب افريقيا الفصل العنصري إستخدمتا القوة العسكرية الوحشية لقمع تلك الشعوب وكلاهما يرى إليهم بطريقة بأنهم شعوب أدنى منهما وهذا نظام عنصري.

اذن وفقاً لكل تلك التشابهات، “إسرائيل” هي نظام فصل عنصري وفقاً للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

الفرق فقط على الرغم من ذلك وهو فرق مهم، هو أن جنوب أفريقيا الفصل العنصري كانت تعتمد بشكل كبير على المجتمع الأفريقي الأسود لاقتصادها كقوة عاملة، في حين “إسرائيل” لا تعتمد كثيراً على الفلسطينيين في اقتصادها وهذا أحد الأسباب التي جعلت “إسرائيل” تقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين المدنين الأبرياء بهذه الطريقة الإجرامية، فهي لا تريدهم ولا تحتاج إليهم وهذا جعل الفصل العنصري الإسرائيلي اكثر وحشية مما كان موجود في جنوب أفريقيا الفصل العنصري.

 

 

 

كاتب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى