مصر وتركيا جسر تواصل متين لم يهتز بزوابع السياسة.. وزيارة أردوغان الأولى منذ عقد أسست لحقبة جديدة من التوافق على حل أزمات الإقليم
مصر وتركيا، نموذج فريد لعلاقات سياسية تتأرجح، آخذة فى الصعود لأوقات وأوقات أخري فى الهبوط، لكن يظل الترابط القوى بينهما والتعاون الذى لا خلاف عليه فى شتى المجالات الاقتصادية والفن والثقافة، وتأتى زيارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان إلى مصر لتؤسس حقبة جديدة من الارتقاء بالعلاقات والتى ستؤثر بالتبعية على التوافق بين البلدين فى الأزمات الإقليمية.
وشهدت العلاقات المصرية التركية على مدار العقد الماضي حالة من الفتور والتوتر، استطاعت أن تستعيد قوتها على المستوى الرسمي منذ لقاء الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي، والتركي رجب طيب أردوغان على هامش بطولة كأس العالم بقطر في نوفمبر 2022 حتى استعادة التمثيل الدبلوماسي الرسمي بعد إعادة انتخاب الرئيس التركي مايو 2023 وإعادة تبادل السفراء بين البلدين يوليو من نفس العام.
تاريخ مشترك
وبالعودة للتاريخ نجد أن العلاقات الثنائية بين مصر وتركيا ظلت متأصلة الجذور بحكم التاريخ والجغرافيا، حيث تشترك البلدين فى التاريخ والجغرافيا، “شراكة الأورومتوسطية” كما تقترب الحدود التركية من دول ذات علاقة وثيقة بالدولة المصرية، مثل قبرص واليونان، وكذلك سوريا وهي حدود شكلت التاريخ بين البلدين في مواقف تاريخية عدة.
وشهدت العلاقات التاريخية والثقافية بين مصر وتركيا تطورات على مر القرون بين الشد والتعاون والتبادل الثقافي، هناك شراكة تاريخية خلال فترة الحكم العثماني في الفترة من (1517 – 1914) وشهدت مصر تولي الولاه حتى وصول محمد علي لحكم مصر عام 1805.
ومع الحرب العالمية الأولى وتحالف تركيا مع قوى المركز أو دول المحور ضد الحلفاء والتي تضم بريطانيا العظمي وكانت مصر تخضع للاحتلال البريطاني الذي سعى لإخراج مصر من ولاية الدولة العثمانية، فيما انفصلت تركيا عن الولاية العثمانية حتى أصبحت جمهورية عام 1923، واستمر التعاون المصري التركي على المستوى الثقافي والتاريخي والدبلوماسي حتى ثورة يوليو.
واستمرت العلاقات المصرية التركية طوال السبعينيات والثمانينيات تعتمد على التعاون الاقتصادي بشكل يفوق التعاون السياسي، حتى الدور المصري في التسعينيات في تهدئة النزاع التركي السوري حول الحدود والمياه، لتصل إلى ذروتها في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، وترفيع العلاقات ۲۰۱۲ مع نظام الإخوان، حتى جاءت ثورة ٣٠ يونيو 2013 لتتوتر العلاقات وتصل لمستوى القطيعة وطرد السفير التركي واستدعاء السفير المصري من تركيا.
بدأ أول سفير تركي عمله في مصر منذ عام 1925 على مستوى قائم بالأعمال حتى عام 1984، وبدأت مصر وتركيا في تبادل السفراء حتى نوفمبر عام 2013, بسحب السفراء نتيجة تصاعد التوتر بين البلدين، حتى بدأ الحديث عن عودة العلاقات في 2021 وصولاً إلى زيارة وزير الخارجية سامح شكري إلى تركيا لإعلان التضامن المصرى وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية لها إثر الزلازل المدمرة، والتي أودت بحياة عشرات الآلاف في فبراير 2023 وأعقبها في مارس زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى القاهرة للاتفاق حول سبل عودةالعلاقات وصولاً إلى ترفيع مستوى التمثيل الدبلوماسي وترسيم السفراء للبلدين في يوليو 2023.
التعاون الادبى والفنى
فعلى المستوى الأدبى والفنى تأثرت الثقافتان المصرية والتركية ببعضهما البعض ظهرت فى تبادل وترجمة الأدب المصرى والتركى ومن أشهر الأدباء العرب التى تم نقل أعمالهم باللغة التركية فى العصر الحديث وعلى رأسهم نجيب محفوظ خاصة عقب حصوله على جائزة نوبل، كذلك كانت هناك أعمال توفيق الحكيم، ومن أشهر الكتاب الأتراك الذى تم ترجمة أعمالهم ومنهم الأديب التركى ناظم حكمت، ولم تكن حركة الترجمة من التركية إلى العربية واسعة حتى حصول الأديب التركى الشهير أورهان باموك أورخان باموق على جائزة نوبل عام 2006، فانتشرت أعماله بجانب إليف شافاق والتى تتميز بالطابع الصوفى وصاحبة رواية قواعد العشق الأربعون“.
كما دفع التراث والإرث الثقافى المشترك بين مصر وتركيا لتبادل الموسيقى والفن الشعبى الحركى وخلقت شعبية للأعمال الفنية والدرامية التركية والمصرية، والتى تأثرت بشكل كبير خلال العقد الماضى حتى تمت إعادة فتح دور العرض للفن المصرى وأخرها عرض فيلم “بيت الروبي”.
ويمكننا القول أن للسينما المصرية الفضل فى تطوير الفن التركى حيث دخل الفيلم المصرى لـ السينما التركية منذ عام 1930 وجذب جمهورًا واسعًا من الجمهور التركى، وبدأت السينما التركية تنقل الأعمال المصرية عبر “تتريكها” أى إنتاج المحتوى المصرى بشكل محلى للسينما التركية منذ الأربعينيات حتى عام 1957، مما أدى لتطوير السينما التركية بحسب دراسات تركية.
المصدر: اليوم السابع