• اعتقال قرابة 900 طالب إبان المظاهرات المؤيدة لفلسطين في الجامعات الأمريكية ولم تهدأ الأمور حتى الآن ولا يستثنى تحولها إلى تمرد
لم تهدأ مظاهرات الطلاب في عدد من الجامعات الأمريكية على الرغم من القمع الوحشي الذي تعرضت له، مما قد ينذر باتساع الاحتجاج وتحوله إلى تمرد كبير، وقد يستدعي مطالب أخرى ذات طبيعة اجتماعية وسياسية واقتصادية.
انطلقت الاحتجاجات منذ عدة أسابيع دعما لفلسطين ورفضا للمجزرة التي تقوم بها “إسرائيل” ضد الشعب الفلسطيني في غزة، لكن موقف رجال الأمن ساعد في تطورها وانتقالها إلى عدة جامعات، الأمر الذي فتح باب التعاضد الطلابي، واحتمال تصاعد هذا الحراك.
وتفيد آخر المعطيات حتى ساعة إعداد هذا الخبر بأن الشرطة الأمريكية بدأت باعتقال المتظاهرين الذين تجمعوا دعما ونصرة للشعب الفلسطيني، حيث شارك عدد كبير من الطلاب في المظاهرات التي انتقلت إلى عدد من الجامعات الكبيرة وقد زاد عدد المعتقلين من الطلاب حسب بعض المصادر عن 900 معتقل، بدأت باعتقال أكثر من مئة طالب في جامعة كولومبيا الأسبوع المنصرم، وأزالت القوات الأمنية بالقوة المخيم الذي نصبه الطلاب هناك تمهيدا للاعتصام.
وقد طالب المتظاهرون بوقف عمليات الاستثمارات التي تقوم بها الجامعات في شركات مرتبطة بالجيش الإسرائيلي، وعلى الفور ندد الرئيس بايدن بهذا التحرك واعتبره معاديا للسامية، فالشائع أن أي انتقاد لإسرائيل هو بعرف الغرب وخاصة الولايات المتحدة عداء للسامية، حتى المطالبة بوقف ذبح الفلسطينيين يُقيَّم كعداء للسامية، واعتبر “نتن ياهو” ما يجري في الجامعات الأمريكية خطيرا وفظيعا، وأن تحرك الطلاب هو نشاط للعصابات المعادية للسامية التي استولت على الجامعات الرائدة، وأن المظاهرات حسب نتنياهو تطالب بإبادة إسرائيل وقتل اليهود، والمثير في الأمر أن عددا كبيرا من الطلاب اليهود يشاركون في هذه المظاهرات رفضا لسياسة “إسرائيل” الدموية، وأظهرت تسجيلات فيديو عن هذه النشاطات أن حركات طلابية يهودية تطالب بوقف الحرب على غزة فورا وأن الشعارات المرفوعة هناك خلافا لما يطرحه نتنياهو هي دعوا فلسطين تعيش، وفلسطين حرة.
وصل الأمر إلى تهديد الطلاب بالفصل من الجامعة، وذلك مع مهلة زمنية كما يتم منح مهلة لاستسلام جنود الخصم، حيث طلب منهم التوقيع على وثائق توحي بالرضوخ والاستسلام لما تريده إدارة الجامعات، وحسب شبكة “إن بي سي نيوز” فإن إدارة جامعة كولومبيا بدأت عمليا بفصل الطلاب المشاركين في المظاهرات المؤيدة لفلسطين، واعتبرت منظمة حقوق الإنسان الدولية “هيومن رايتس ووتش” أن ردة الفعل على المظاهرات الطلابية التي تناصر فلسطين كان قاسيا جدا من قبل إدارة الجامعة خاصة أن القانون يضمن الاحتجاج السلمي.
وأصدر حاكم ولاية تكساس تحذيرا هو في الواقع تهديدا بأنه سيقوم باعتقال المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في حال عادوا إلى نصب مخيمهم للاحتجاج في الجامعة “هذا في بلد يدعي الديمقراطية وحرية الرأي”.
الجدير بالذكر أن الطلاب في جامعتي كاليفورنيا إرفين وكاليفورنيا ريفرسايد بدأوا اعتصامات مفتوحة مناهضة للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وقد أثار هذا الحراك والصدام مع الشرطة استياء متزايدا في المجتمع الأمريكي، خاصة أن الاعتقالات في صفوف الطلبة بدأت عمليا منذ 18 من إبريل الحالي، عندما قامت رئيسة جامعة كولومبيا باستدعاء الشرطة إلى الحرم الجامعي لفض اعتصام الطلبة ما اعتبر خرقا فظا لحرمة الجامعة ولحرية الرأي، والمثير أن رئيسة الجامعة التي استدعت الشرطة لتفك الاعتصام الطلابي المناهض للحرب على غزة هي السيدة نعمت شفيق مصرية الأصل، وهناك اقتراحات بعزلها من رئاسة الجامعة!!! وقد نظم يهود أمريكيون مؤيدون لإسرائيل مظاهرة معاكسة اقتحمت الحاجز الأمني قرب الجامعة واشتبكت مع المتظاهرين المؤيدين لفلسطين، ويرجح أن يكون الحاجز الأمني قد سهل عبور هؤلاء المتظاهرين كونهم مؤيدين لإسرائيل. ويرجح المراقبون أن تؤثر هذه الحملة على الانتخابات الرئاسية القادمة، وأن بايدن سيخسر قسما كبيرا من أصوات الشباب حيث هناك أكثر من 50% من الناخبين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 30 عاما.
نشير أخيرا إلى أن بعض الآراء لا تستثني تحول الحراك الطلابي إلى ما يشبه الثورات الطلابية التي حدثت نهاية الستينات في أوروبا وخاصة في ألمانيا وفرنسا، وقد حملت مطالب سياسية واقتصادية، وبدأت بالاحتجاج على زيارة شاه إيران رضا بهلوي إلى ألمانيا، والاحتجاج في فرنسا على الحرب الأمريكية في فييتنام، وكادت أن تشعل حربا أهلية وتطيح بحكومة ديغول آنذاك الذي اضطر وقت الأحداث للسفر سرا إلى ألمانيا.