• الجمهوريون والديمقراطيون يدينون محاولة الاغتيال، لكن النار لا تزال تحت الرماد، وخاصة إن تبين أن القناص ينتمي للديمقراطيين.
إطلاق النار على الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بات على كل لسان بما في ذلك بعض التفاصيل التي ظهرت في الساعات الأولى، كمقتل القناص ونقل ترامب إلى المشفى، لكن الأمر خطير جدا ما يستدعي قراءة أولية تحمل طابعا استفساريا بالدرجة الرئيسية مع التنويه ببعض الاحتمالات التي لا تخلو من مخاطر حتى على صعيد الشارع الأمريكي.
معطيات هامة
1- وضحت حتى لقطات الفيديو أن الرئيس الأمريكي الأسبق أصيب في أذنه وهو يلقي كلمته، وسرعان ما انخفض ليختبئ تحت المنصة، ثم هرع رجال أمنه لإخراجه من المكان واصطحابه إلى المشفى والدماء على وجهه.
2- أول إعلان لترامب كان أنه أحس بأن الرصاصة اخترقت أذنه، وأنه بخير ويخضع للفحوصات الطبية، ثم أنه لا يصدق أن الأجهزة الأمنية ليس لديها معلومات حول من أطلق النار
3- حسب تصريحات ابنه جونيور ترامب، فإن والده بخير وقد تحدث معه هاتفيا وهو يتمتع بحالة معنوية عالية،
4- أكدت المصادر الأمنية أن القناص كان خارج التجمع الانتخابي في مكان مرتفع، وقد تمت عملية تحييده، كما أصيب اثنان هما على الأرجح من جمهور ترامب.
5- أخيرا أصدر الرئيس الأمريكي بايدن بيانا أدان فيه عملية إطلاق النار على ترامب وهو يلقي كلمة أمام تجمع انتخابي في بنسلفانيا، ونوه بأنه حاول الاتصال بترامب وطبيبه، وشدد على أن لا مكان للعنف السياسية في الولايات المتحدة وطالب الجميع بإدانة العنف السياسي.
ردود فعل سريعة
تتالت تعليقات الشخصيات الأمريكية الكبيرة، وحتى العديد من الشخصيات والزعماء في العالم حول الحادث، حيث سارع الرئيس الأسبق أوباما للتعليق على الحادث معلنا أن لا مكان للعنف السياسي في الديمقراطية الأمريكية، معبرا عن ارتياحه لأن ترامب بخير ولم يصب بأذى خطير، متمنيا هو وزوجته ميشيل له بالشفاء العاجل. وذكرت كامالا هاريس نائبة الرئيس بايدن في بيان أن علينا جميعا أن ندين هذا العمل البغيض، وندد زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر الحادث مؤكدا أن لا مكان للعنف السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية، وأدانت نانسي بيلوسي الحادث رغم أنها كانت خصما جديا للرئيس ترامب وأكدت: ” أن لا مكان نهائيا للعنف السياسي في مجتمعنا” وذكّرت بأن أسرتها تعرضت للعنف السياسي من خلال الهجوم على منزلها.
وأعرب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان عن تعاطفه مع الرئيس السابق ترامب وأنه يصلي لأجله. وأعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي “نتن ياهو” عن إدانته لمحاولة الاغتيال خاصة أن ترامب كان ويبقى نصيرا قويا لإسرائيل، وحتى رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك عبر عن تعاطفه مع ترامب متمنيا له الشفاء العاجل، وعلقت زاخاروفا الناطقة باسم الخارجية الروسية منوهة بأن ذلك نتيجة عمليات التحريض المستمرة على ترامب وذكّرت بما نشرته أواسط مايو الفائت من أن هذا التحريض لا يتم عبر وسائط التواصل الاجتماعي بل عبر وسائل الإعلام الرسمية!
إشارات استفهام قد تتصاعد
لفت النظر بشكل ساطع أن الرئيس بايدن حين سؤل: هل تعتقد أنها كانت محاولة لاغتيال ترامب قال: ” لا أدري فليست لدي معلومات كافية” وكيف يمكن أن تكون غير ذلك حيث كان ترامب يلقي في جمهور كبير ضمن حملته الانتخابية ولم يكن في الأمر خلاف شخصي في حانة أو في الشارع، ولم يسارع بايدن لإدانة الحادث مباشرة، وقد سبقه الكثيرون، وأصدر بيانه بشأن إدانة العنف السياسي في صباح اليوم التالي مما شكل حالة استنكار مبطنة الأرجح أن تتوسع، وخاصة إن ثبت أن الشخص الذي أطلق النار هو من الديمقراطيين وهذا مرجح بالطبع، والواضح أن هذه الحادثة ستزيد كثيرا من نقاط ترامب جماهيريا وتقلل من نقاط بايدن وخاصة لتباطئه في إصدار بيان إدانة للحادث.
ولم يكن صدفة أن يتوقع رئيس الوزراء الهنغاري قدوم أوقات عصيبة على الولايات المتحدة بعد محاولة اغتيال ترامب، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن التناحر بين الجمهوريين والديمقراطيين وصل إلى مداه الأقصى في الآونة الأخيرة مع اشتداد الحملة الانتخابية، ولا ننسى أن الجمهور المناصر لترامب لا يخلو من توقد وحماس ما دفعه حتى لاقتحام واحتلال مبنى الكابيتول للتعبير عن رفض نتائج الانتخابات السابقة، وهو المقر الرئيس للسلطة التشريعية، كما تشير بعض المعطيات إلى أن شجارات في الشارع بين الديمقراطيين والجمهوريين تحدث بين حين وآخر، ولا يستثنى أن تتحول إلى تبادل لإطلاق النار خاصة أن القانون يسمح باقتناء السلاح في الولايات المتحدة الأمريكية، لذا فإن الوضع فعلا يبدو كما لو أن المجتمع الأمريكي يقبع فوق برميل من البارود.
دروس تاريخية
لا بد من الإشارة سريعا في هذا المقام أن الولايات المتحدة تعيش حالة تناحرية دائما بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وأن أي رئيس أمريكي يمكن أن يكون عرضة للاعتداء، وحتى للاغتيال نتيجة عدم رضى هذا الجانب أو ذاك عن قراراته أو تصريحاته، ولو عدنا إلى التاريخ الأمريكي لهالنا عدد الاغتيالات ومحاولات الاغتيال فقد تعرض عشرة رؤساء لمحاولات اغتيال نجا ستة منهم وبقوا على قيد الحياة وهم:
– جيمي كارتر وجرت المحاولة عام 1979
– رونالد ريغان وجرت المحاولة عام 1981
– بيل كلينتون وقد عدة محاولات عام 1994
– جورج بوش الابن عامي 2001 و 2006
– باراك أوباما جرت عدة محاولات لاغتياله آخرها عام 2015
أما الذين تم اغتيالهم فهم:
– أبراهام لينكولن اغتيل عام 1865
– جيمس غارفيلد اغتيل عام 1881
– وليم ماكينلي اغتيل عام 1901
– جون كيندي اغتيل عام 1963