• ثلاث مرشحات محتملات لخوض المنافسة الانتخابية مع ترامب: ميشيل أوباما، هيلاري كلينتون، كامالا هاريس وهي الأوفر حظا.
كما كان متوقعا تماما في الأسابيع الأخيرة بعد المناظرة مع ترامب أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن انسحابه من معركة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ولكن ذلك جاء بعد تصريحات عديدة تؤكد تشبثه بمتابعة خوض الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فما هي الدوافع والآفاق؟
الإعلان الاضطراري
وانطلاقا من جميع تصريحات الرئيس بايدن المتشبثة بخوض الانتخابات وتبرير فشله في المناظرة مع بايدن بأنه كان لديه مهمات عديدة على مستوى الدولة بينما كان ترامب يلعب الغولف، وتأكيده على أنه قادر بشكل جدي على خوض التنافس الانتخابي، يبدو إعلان با يدن الانسحاب من سباق الرئاسة عملا اضطراريا، بل وفيه الكثير من الإذلال والإهانة لعدة عوامل سنتطرق إليها الآن، ولكن بعد أن نطرح الصيغة التي أعلنها بايدن لتبدو وكأنها عمل يحمل طابع التضحية والفداء، حيث برر انسحابه بأنه نتيجة اعتقاده بأن هذا الانسحاب هو لمصلحة حزبه ووطنه، مبرزا في غضون ذلك ما أحرزته الولايات المتحدة في السنوات الثلاث والنصف الماضية إبان فترة رئاسته من إنجازات عظيمة تاريخية، وخاصة في مجالات الرعاية الصحية والتغلب على جائحة كورونا، وتذليل أسوأ أزمة اقتصادية منذ مرحلة الكساد الكبير، وشكر الشعب الأمريكي كرسالة وداع وجدانية..
لكن هذه الإعلان جاء اضطرارا بعد حملة ضغوط هائلة استمرت لأسابيع من الجميع عمليا، بمن فيهم الديمقراطيون أنفسهم، ناهيك عن توقف المانحين عن تقديم المساعدات المالية لحملته الانتخابية، وخاصة بعد المناظرة العلنية التي أفقدته نقاطا كثيرة ومنحت خصمه ترامب تفوقا واضحا وجاءت محاولة اغتيال ترامب لتحسم الأمر بزيادة شعبيته إلى حد لا يستطيع تعديله، وقد أرسل أكثر من خمسين مسؤولا ودبلوماسيا وسياسيا أمريكيا سابقا رسالة إلى بايدن يطالبونه فيها بالتخلي عن فكرة إعادة انتخابه.
المرشح البديل
تفاوتت التقديرات والتكهنات بشأن من سيرشح الحزب الديمقراطي خلفا لبايدن، وقد طرحت عمليا ثلاثة وجوه نسائية: ميشيل أوباما كونها كانت محبوبة وودية حين كانت السيدة الأولى في إطار علاقاتها الاجتماعية الناجحة، وهيلاري كلينتون التي أثبتت جدارة نسبية في دورها السابق كوزيرة للخارجية، رغم أنها خسرت المعركة الانتخابية التي خاضتها منافسة لترامب نفسه، وينطلق المتحمسون لهيلاري كلينتون من أنها أصغر سنا من بايدن وترامب، وذات خبرة سياسية ودوبلوماسية، أما المرشحة الأقوى فهي نائبة الرئيس كامالا هاريس التي رشحها بايدن نفسه معلنا أنه يقدِّم كامل دعمه وتأييده لهاريس كمرشحة عن الحزب الديمقراطي ، وأثنى على قدراتها خاصة أن تأييد ترشيحها يتزايد داخل الحزب الديمقراطي الأمريكي، وحين سؤل ترامب عن استعداده لخوض مناظرة مع كامالا هاريس أجاب بأنه مستعد للمناظرة مع أي كان بمن فيهم هاريس معتبرا أن هزيمتها ستكون أسهل من هزيمة بايدن الذي وصفه بأنه أسوأ رئيس للولايات المتحدة.
كما طرحت مسألة العمر التي باتت جوهرية نتيجة الأخطاء شبه اليومية التي كان يقع بها بايدن، حتى أن إيلون ماسك صاحب منصة “إكس” للتواصل الاجتماعي شدد على ضرورة وضع حد أقصى لعمر رئيس الولايات المتحدة
ردود الفعل
انتشرت في الأوساط الشعبية مواقف متناقضة، بعضها يعبر عن تعاطف مع بايدن وتقدير لمشاعره بهذا الخروج المذل من سباق الانتخابات، وتخلي الجميع عنه، ولكن غالبية ردود الفعل تؤيد بقوة هذه الخطوة باعتبارها إنقاذا لأمريكا من سواد الوجه والتندر على رئيسها بشكل شبه يومي، ووصل الأمر برئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون أن طالب بايدن بعدم الاكتفاء بالانسحاب من السباق الانتخابي، بل ودعاه لتقديم استقالته على الفور، منوها بأن الولايات المتحدة تمر بمرحلة غير مسبوقة من التاريخ الأمريكي، وكان بايدن في إعلانه عن الانسحاب من الانتخابات قد أكد أنه سيتابع دوره كرئيس للولايات المتحدة في الأشهر المتبقية من فترته الرئاسية.
وقد علقت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية على انسحاب بايدن من السباق الانتخابي بنوع من السخرية مشيرة إلى أن بايدن قال أنه سيغادر السباق الرئاسي، لكنه لم يوضح إلى أين بالتحديد، منوهة بأن الخطوة التالية يجب أن تكون إلى التحقيق في مؤامرة وسائل الإعلام الأمريكية والدوائر السياسية التي أخفت حقيقة وضعه الصحي والعقلي، فيما أعلن البيت الأبيض أن انسحاب بايدن من سباق الانتخابات لم يكن له علاقة بأي مشكلات طبية خاصة، بغض النظر عن خضوعه لفحوصات يومية من قبل طبيبه الخاص والتي كان لها علاقة في لأيام الأخيرة بمراقبة إصابته بفيروس كورونا، وأعلنت مرشحة الحزب الجمهوري للكونغرس الأمريكي كاثلين وين أن بايدن لم ينسحب بل أطاح به حزبه لشعوره بأنه لم يعد مفيدا.
احتمالات تغير السياسة الخارجية
يشير المراقبون إلى وجود بعض الانشقاقات داخل الحزب الديمقراطي التي لم تظهر على السطح بقوة بعد، وأن بايدن لم ينسحب بل دفعه حزبه إلى الانسحاب، وأن هناك من بات يناصبه العداء من داخل حزبه مثل تشاك شومر وآدم شيف وجورج كلوني، بل إن بعضهم يشك في أن بايدن قادر على متابعة العمل كرئيس للولايات المتحدة في الأشهر المتبقية من فترته الرئاسية، ما يوحي باحتمال تعمق هذا الشرخ وتأثيره لاحقا على السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وقد بدأت بالظهور بوادر قوية توحي بالاستعداد لتغير في السياسة الخارجية حتى تجاه أوكرانيا قريبا، ما دفع بالرئيس زيلينسكي لتغيير موقفه من المفاوضات مع موسكو، حيث أشارت شبكة “سي إن إن” إلى ظهور انعطاف لدى الرئيس الأوكراني باتجاه المفاوضات مع روسيا انطلاقا من ترجيح فوز ترامب في نوفمبر القادم، وفي الوقت نفسه عدم تحقيق أية نجاحات تذكر على جبهات القتال، والخسائر البشرية الهائلة بشكل يومي، كما لا يستثنى استفحال التنافر في المجال الاقتصادي بين أوروبا والولايات المتحدة ناهيك عن بعض التطورات في سياسة واشنطن تجاه الشرق الأوسط لصالح إسرائيل التي يؤيدها ترامب بلا حدود، وقد تشتعل المواجهات الدبلوماسية والتنافس الاقتصادي مع الصين بشكل غير مسبوق بما في ذلك عبر العقوبات المتبادلة.