يبدو أن “الكيان الإسرائيلي” حكومة ومعارضة، ومن خلفهم الغرب الاستعماري ومَن يُواليهم من عرب و”عجم”، قد استيقظت إنسانيّتهم المفقودة منذ ما يقارب العشرة شهور بل وأكثر من قرن من السنين الفلسطينية العِجاف، فاستحضروا أخيراً ضمائرهم المعدومة، وحَمِيّة جاهليَّتهم التاريخية الموصوفة، لا لشيء سوى “ثأراً” لضحايا الصاروخ الإسرائيلي الدامغ ثبوته في “مجدل شمس” السورية المحتلة، مُترجمين حرفيّاً القول “الدرزي” المأثور: “عنزة ولو طارت”..؟!
فها هو “نتنياهو” قائد “أوركسترا الكذب والنفاق” العالمي، الذي بدأ استثمار جريمة عصاباته التي تُسمّى “جيشاً” قبل عودته إلى كيانه، مدّعياً قطع زيارته بسبب ما جرى، رغم تأكيدات إسرائيلية بانتهاء برنامج زيارته للولايات المتحدة وعودته في ذات الوقت المحدد سلفاً، ولا يضيره وقَبْله وزراء عصابته رفض استقبالهم في “مجدل شمس” ذاتها وسط هتافات “قاتل” و “مجرم حرب”، فالمهم لديه “أخذ اللقطة” ذارفاً دموع التماسيح على الضحايا من “مواطنيه” الذي لم يُعترَف يوماً بمواطنتهم باستثناء مَن يُستغَلّوا وقوداً في عصابات “جيش” الكيان الإجرامي.. وها هم كبار قادة “أحبار” الغرب ومَن لفّ لفّهم، يتبنّون الرواية الإسرائيلية الملفّقة، ويمنحون “حق الرد” الإسرائيلي على الصاروخ الإسرائيلي، ويعلنون قرع طبول الحرب على لبنان المُبيّتة والمُعَدّة سلفاً، وحشودهم البحرية والجوية قبالة السواحل اللبنانية وغيرها تشهد بذلك. بل ويُكثِّفون ضغوطهم، حضوراً واتصالاً، لحثّ الحكومة اللبنانية على الضغط على المقاومة لابتلاع الرد الإسرائيلي “المشروع”، وضبط النفس وتوّخّي الحذر في التعامل ما هذا الردّ “العدوان” خشية الانزلاق نحو حرب إقليمية شاملة. مع وعد بمحاولتهم، مجرّد المحاولة، لكبح جماح الردّ الإسرائيلي الآتي حتماً، ليس حباً لضحايا صاروخهم المقصود، ولا حرصاً على ما سيصيب لبنان أرضاً وشعباً وممتلكات خاصّة وعامّة، ولكن خوفاً على ما قد يلحق بالكيان من أذى بفعل ردّ المقاومة اللبنانية وحلفائها، خصوصاً بعد تشديدها على اعتبار هذا الردّ بمثابة “عدوان” على لبنان؟!
وكي يكون قرع طبول الحرب مَسبوكاً ومَحبوكاً بعناية، بحيث يُستثمر مجرّد قرع الطبول، وبغض النظر حصلت الحرب أم لم تحصل، اشترك الغرب الاستعماري مع كيانه في عملية تهويل كبرى قلّ نظيرها، بقيادة كبيرهم الأمريكي الذي أصدرت خارجيته في واشنطن وسفارته في بيروت تعليمات مشدّدة تحت عنوان “استعدوا للأزمة”، نصحت رعاياها بمغادرة لبنان فوراً، ومَن لا يغادر فليستعد لأزمة طويلة، ودخل حتى الضابط اليهودي الصهيوني في سلاح دبابات الكيان سابقاً، الإسرائيلي المولد والانتماء، والمعروف باسم “أموس هوكشتاين” على هذا الخط أيضاً. وكرّت “السبحة” الفرنسية والبريطانية والألمانية والإيطالية وحتى السويسرية وغيرها في دعوة رعاياها وإلغاء رحلاتها الجوية..؟!
ويبدو أن الغرب الاستعماري الأصيل قد تيّقن أخيراً من دخول كيانه، “الوكيل” الحصريّ له في المنطقة، في أزمة وجودية مستعصية، وأن خروجه منها يحتاج إلى عملية جراحية دقيقة، تُخرجه بمظهر المُنتصِر، وتُعيد ترميم عموده الفقري مُمثّلاً بعصابات جيشه “المقدّس”، المقهور والفاقد لقوة “الردع” مبرر وجود الكيان ذاته، وبقيادة ومشاركة وإنتاج وإخراج “الأصيل” وبيادقه المِطواعة. متجاهلاَ بغطرسته المعهودة، أن نسبة نجاح مسعاه شبه معدومة، وأن أزمة وكيله الوجودية المستعصية حالياً، ستؤول حتماً إلى إنهاء وجوده من الأساس. فهل يفعلها، أم أن هذا الجبل سيتمخّض فأراً كالمعتاد؟!