صحافة وآراء

إنّهم يَستنسخون “هولوكست أوشفيتس” في فلسطين؟!

بقلم فضل المهلوس

هناك قول إنجليزي قديم يَختصِر تعريف الوقاحة بأن “يمارس المظلوم الظُّلْم على الآخرين”، لكن يبدو أن القائمين على رعاية تأسيس الكيان الإسرائيلي في فلسطين، من ضباط وجنود الانتداب البريطاني لا يعرفون الأقوال الإنجليزية الموروثة، أو لا يَجدون المفردات المناسبة لترجمتها إلى العبرية الحديثة، والتي بدأ للتَّوّ تَعلُّمَها، أولئك المُتحدِّثون باللغة “اليديشية”، النّاجون من “الهولوكست” النازي ومَحارق معسكرات “أوشفيتس” الثلاثة المشهورة في بولندا، والذين أشفق عليهم الفلسطينيون، وتعاطفوا معهم، وفتحوا لهم القلوب قبل المنازل.. ولمّا اشتد ساعِدُهم، طعنوا قلوبَهم، وبَقَروا بطون نسائهم وخاصة الحوامل منهم، واستولوا على منازلهم ومزارعهم، ولاذ مَن نجى منهم خارج قراهم وأحياء مدنهم، وحتى خارج وطنهم التاريخي فلسطين..؟!

وها هم أولادهم وأحفادهم يُحوِّلون فلسطين إلى ما هو أفظع من “هولوكست أوشفيتس”، بل يَتمتّعون بتصوير وعرض مقاطع مُقزِّزة، وهم يَتَلذّذون بنشوة وتفاخر  لا نظير لهما في التاريخ الإنساني، أثناء ارتكابهم قنص وقتل النساء والأطفال والمُسنيين، وخطف جثثهم والتنكيل بها، وتفجير المنازل والمستشفيات والجامعات والمدارس ورياض الأطفال ودور العبادة ومصادر الماء والغذاء والدواء.. واعتقال ما أمكنهم اعتقاله وسَوْقهم حفاة عراة إلى مسالخ الاعتقال، حيث يمارسون بحقّهم أبشع ما عرفته البشرية من قتل بطيء وبتر للأطراف واغتصاب الرجال قبل النساء والأطفال وسرقة الجلود والأعضاء.. ولا يزالون حتى بعد أن تسربّت بعض المعلومات إلى بعض الجهات القانونية ومنظمات حقوق الإنسان والطفولة والمرأة العالمية.. وقد أدّى النذر اليسير لما تَسرَّب فقط إلى حالة من الذهول والصدمة بل والصّعقة لكلّ ما لديه بقيّة من ضمير وإحساس إنساني ما زال ينبض بالحياة، حيث تَفَنْجَرت العيون وتَزَكّمت الأنوف وتَشَنّفَت الآذان من هول ما رأوا وسمعوا وشمّوا من روائح الموت والدم النازف، مُحاولين تكذيب حواسّهم بلا طائل..؟!

ولأنّ الشمس لا يحجبها “غربال”، وما تسرّب يكفي لكشف حقيقة هذا الكيان المجرم الذي تَفَوَّق على أساتذته من النازيين والفاشيين وغيرهم من روّاد “التحضّر” الاستعماري الغربي، سارع قادته إلى إبتكار حملة علاقات عامّة ممجوجة ومكررة بل ومفضوحة، موعزين بتحويل بضعة جنود للتحقيق، وتشكيل لجان للوقوق على حقيقة تفجير خزانات المياه الوحيدة في رفح، وبعض ما أسموه “تصرفات فردية شاذة” لا تليق بسمعة “الجيش المقدّس الأكثر أخلاقية في العالم”، والذي يباركه ويصفّق له وقوفاً وتُرفع له قبّعات “اليانكي” في الكونغرس الأمريكي. ورغم ذلك يَهُبّ وزراء ونواب في الكيان لمهاجمة أحد معسكرات “أوشفيتس” في فلسطين، رافضين حتى الاعتقال والتحقيق المسرحيّ، لأولئك الجنود الذين مُناط بهم تمثيل دور “أكباش فداء” مؤقّتاً لتبرئة القيادات السياسية والعسكرية الآمرة من المسؤولية، كون ذلك قد يحدّ من قُدرات الجنود على فعل ما يريدون ويرغبون بفعله في مواجهة “الإرهاب”؟!

ويبدو أنهم يعتمدون في هذه المسرحية على ذاكرة العالم التي يعتقدون أنها قصيرة، وربّما تَزمْهَرت، فنسي العالم أجمع تعليمات النازي البولندي اللاسامي “بنيامين ميليكوفسكي” الذي شبّه الشعب الفلسطيني بـِ “العماليق” الذين يجب محوَهم من الوجود، وكذلك تصريحات وزير حربه الذي وصف هذا الشعب “حيوانات بشرية” سيُبيدهم بقطع الماء والغذاء والكهرباء وكافة مقوِّمات الحياة، ناهيك عن الاستباحة العسكرية جواً وبرّاً وبحراً .. وتصريحات كثيرة مشابهة لا حصر لها. فإلى متى تستمرّ عربدة الكيان المجرم، ورُكونه إلى الإفلات التاريخي من العقاب، وماذا تنتظر الأمم المتحدة بشتى هيئاتها ومنظماتها القانونية والحقوقية والإنسانية، وماذا ينتظر العالم أجمع أكثر من ذلك، كي يتحرّك لوقف هذه المهزلة التي لا سابق لها في التاريخ الإنساني، وهل من مجيب قبل فوات الأوان..؟!

كاتب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى