فاجأ ترامب الكثيرين بلطمية “أنيميا” الكيان الصهيوني، وكأنه ينظر لأول مرة إلى خارطة الشرق الأوسط، بحيث بدا في بكائيّته كتمساح يذرف دموعه الخدّاعة، وأنه ما زال يحتفظ ببعض المشاعر الإنسانية وقليل من الأخلاق وأدب الحديث، رغم أن صناعة القادة في الغرب الاستعماري الذي تقوده دولته المتغطرسة، يتطلب أول ما يتطلبه نزع القلب والمشاعر ونبذ القيم والأخلاق والنظر بمنطق “الربح والخسارة”، وتشييء كل شيء، أليس الأجدى لصاحب “صفعة القرن” الذي أهدى “الكيان” الذي يتباكى عليه ما لايملكه لمَن لا يستحقّه، مدينة القدس العاصمة الفلسطينية الأبدية ومعها الجولان السوري المحتل وأجزاء واسعة من الضفة الغربية، وها هو بعد أن فاجأته جغرافيا “الكيان” يعد مجدداً بإهداء قطاع غزة وما تبقى من الضفة الغربية المحتلة وحتى الضفة الشرقية ممثلة بالمملكة الأردنية الهاشمية وربما صحراء سيناء التي ينظر لها كيانة باعتبارها “عزبة” إسرائيلية خالصة، وربما يطمح إلى تجسيد خرافة “من الفرات إلى النيل”. أليس الأجدى أن يعيد النظر إلى خارطة العالم إن أراد أن يتعافى كيانه من مرض”الأنيميا” الجغرافية العضال، بحيث يهبه على سبيل المثال مقاطعة “ألاسكا” الشاسعة، أو قارة “أنتر كاتيكا” القطب المتجمد الجنوبي الواسع بلاحدود، أو يقرّب الحبيب من حبيبه فيتقاسم معه نصف الولايات المتحدة الأمريكية المترامية الأطراف، فيكون في حضنه الرؤوم وحمايته وتحت نظره باستمرار..؟!
يقولون أن “مَن أمن العقاب أساء الأدب”، وأن إساءة الأدب تُولّد بالضرورة الوقاحة، أليس حريّا أن ينظرترامب إلى جانب النظر إلى الجغرافيا إلى نظرة ولو عابرة إلى التاريخ القريب، وكيف حصل كيانكم البغيض على هذا العمق الجغرافي الذي تتباكى عليه وأمثالك، حيث دمّر وهجّر مئات الآلاف من الفلسطينيين من أكثر من 550 قرية ومدينة كانت تعيش وادعة، واغتصب مدنهم وقراهم ومنازلهم بدون وجه حق، وارتكب مئات المجازر التي تغص بها صفحات التاريخ وكتبت بدماء الفلسطينيين الأبرياء الذي لم يجفّ بعد، وما زال يرتكب حرب إبادة وجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي التي يندى لها جبين الإنسانية التي لا تعرفونها ويبدو أنكم لن تعرفونها، بفضل أسلحتكم الفتّاكة ودعمكم اللامتناهي واللامحدود لأفعاله التي يدينها العالم أجمع، إلّا أنتم الذين تجدون في هذا “الكيان” النازي الأبن الشرعي لتاريخكم الدموي الإجرامي الذي لا يخفى على أحد، فهو أسوأ خلف لأسوأ سلف؟!
لا يتوقّع منكم الشعب الفلسطيني ولا غيره غير ذلك، وأنتم المسكونون بعنجهية الغطرسة والتفوّق، ولا تعرفون معاني الإنسانية وحقوق الإنسان التي تتشدّقون بها ليل نهار، وليس للآخرين في قاموسكم أية حقوق أو مستحقات، حيث تطغى على أفعالكم قبل أقوالكم عقلية “الأنا” بأبشع صورها، لكن إلا تقرؤون كتب مفكّريكم عن “موت الحضارات”وانكسار المتغطرسين الحتمي، أم أن الجهل الموصوفين به قد أعمى بصيرتكم قبل بصركم، وأن لكل “ظالم “يوماً لا بدّ آتٍ لامحالة، وأن لكل ليل مهما طال فجر مشرق رغم أنوف عشّاق الظلام والعتمة البغيضة أمثالكم، ويبدو أن نهايتكم المحتومة قد اقتربت، وفجر الخلاص من هيمنتكم وغطرستكم قد اقترب، فهل تتّعظون ممن سبقكم من الطّغاة الآفلين ودروس وعِبَر التاريخ قبل فوات الأوان حيث لن تجدوا بواكي لكم ولكيانكم النازي؟!