“حتى لو لم يكن نتنياهو يتخذ لوحده قرارات بشن الحرب، آن الأوان لتقييم موقع دولة إسرائيل على مسطرة قياس الاستبداد”
تحت هذا العنوان كتب ” عيدو باوم” مقالاً نشرته “هآرتس” يوم 1/9 الجاري جاء فيه: ” رفض سكرتير الحكومة، بصورة قاطعة، الادعاءات بأنّ رئيس الحكومة يتخذ، لوحده وبدون صلاحية، قرارات في قضايا تتعلق بأمن الدولة. لكن هذا لا يضمن تخلي الحكومة عن مساعيها لتحويل إسرائيل إلى دولة أوتوقراطيّة (حُكم الشخص الواحد). فيما يلي 10 معايير يجدر اتّباعها لفهم ماهية نظام الحكم الذي نعيش في ظله
درجت العادة في إسرائيل، منذ سنوات عديدة، على نشر مؤشرات تهدف إلى تقييم مستوى الديمقراطية. لكنّ هذا تقليدًا قديمًا. فقد حان الآن الوقت لفحص مستوى الاستبداد الذي وصلنا إليه. هل أصبح بإمكاننا الإعلان نهائيًا أننا أصبحنا نظامًا استبداديًا (أوتوقراطيًّا). يصبح هذا السؤال أكثر حدة حيال الادعاءات بأنّ رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يتخذ لوحده قرارات تتعلق بأمن الدولة، رغم أنها من المفترض أن تُتّخَذ في الهيئة الموسعة للحكومة أو في المجلس الوزاري المصغَّر (الكابنيت) للشؤون الأمنية والسياسية. الجواب القاطع الذي قدمه سكرتير الحكومة على هذا السؤال لم يكن النفي المطلق. في الرسالة التي وُجِّهَت قبل عشرة أيام تقريبًا إلى كلٍّ من رئيس الحكومة والمستشارة القضائية للحكومة، باسم حركة “طريقنا ـ ننطلق للعمل”، وردَ أنه خلافًا لأحكام قانون أساس: الحكومة، يتخذ نتنياهو لوحده قرارات حاسمة كان يُفترَض أن تُتخَذ في الحكومة أو في الكابنيت. وقال وكيل الحركة، المحامي غلعاد برنيع، في رسالته، إن “رئيس الحكومة والحكومة يعملان بصورة منهجية، مقصودة، بل ومُتحدِّيَة، خلافًا للأوامر الدستورية التي نص عليها قانون الأساس وبدون صلاحية واضحة… وسط خلق أوضاع يتشكل فيها خطر واضح وفوري لدفع الدولة نحو حالة حرب”؟!
وتابع: “استندت هذه الرسالة، بشكل أساسي، إلى رسالة المستشارة القضائية للحكومة، جالي بهراف ـ مياره، من بداية الشهر الحالي، والتي حذرت فيها رئيس الحكومة من أنه (منذ وقت طويل، يتم اتخاذ قرارات حكومية هامة من خلال إجراءات مُشوَّشة). وكانت المستشارة القضائية قد حذرت من ذلك في السابق أيضًا، لكن الوضع وصل الآن إلى (نقطة متطرفة)، كما تقول. وذكّرت، في هذا السياق، بجملة من الأحداث ـ بضمنها رسالة سكرتير الحكومة أيضًا ـ التي كان بشأنها رأي استشاري قضائي أعدّته المستشارة (وكانت لها إسقاطات شديدة الأهمية والثِقَل في المجال الأمني)، وتم إرسالها ـ برأي المستشارة ـ وسط خرق سكرتير الحكومة نطاق صلاحياته، إذ ليس من المفترَض به تقديم آراء استشارية قضائية إلى الحكومة. ينص قانون أساس: الحكومة على أن رئيس الحكومة لوحده غير مخوَّل صلاحية شنّ حرب ولا صلاحية تنفيذ عملية عسكرية من شأنها إن تؤدي إلى اندلاع حرب. مثل هذه القرارات يجب أن تُتّخَذ في الحكومة أو في اللجنة الوزارية التي خوّلتها الحكومة هذه الصلاحية (المجلس الوزاري المُصغّرـ الكابنيت). على سبيل المثال، إذا كانت إسرائيل هي التي اغتالت في العاصمة الإيرانية، طهران، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية (نؤكد: إسرائيل لم تقرّ بذلك، إطلاقًا)، فإن قرارًا كهذا كان ينبغي أن يُتخَذ في (الكابنيت)، وليس من قِبَل رئيس الحكومة بشكل فرديّ. والصفقة لتحرير المخطوفين ليست (عملية عسكرية) بالضبط. لكن، إذا كان القرار بعدم قبول مثل هذه الصفقة من شأنه أن يؤدي إلى حرب ـ فهذا، أيضًا، قرار لا يُعقَل أن يتخذه نتنياهو وحده”؟!
: وأشار إلى أن: “قانون أساس: الحكومة ينص على أن رئيس الحكومة لوحده غير مخوَّل صلاحية تنفيذ عملية عسكرية من شأنها إن تؤدي إلى اندلاع حرب. مثل هذه القرارات يجب أن تُتّخَذ في الحكومة أو في المجلس الوزاري المُصغّر (الكابنيت). إذا كان القرار بعدم القبول بصفقة لتحرير المخطوفين، على سبيل المثال، من الممكن أن يؤدي إلى حرب ـ فليس من المعقول أن يكون نتنياهو وحده هو من يتخذ هذا القرار في نهاية الأسبوع الأخير، ردّ سكرتير الحكومة، المحامي يوسي فوكس، على ادعاءات حركة (طريقنا) برسالة تفصيلية قال فيها إن تلك الادعاءات هي (اتهامات خطيرة ولا أساس لها بحق رئيس الحكومة، الحكومة وسكرتير الحكومة). ورفض فوكس تلك الادعاءات، رفضًا قاطعًا: (فيما يتعلق بادعاءاتكم الخطيرة والتي لا أساس لها تجاه رئيس الحكومة بشأن القرارات المتعلقة بأمن الدولة، وبضمنها الادعاء بأنه (أخذ لنفسه صلاحيات الحكومة)، يمكن الردّ بطريقة واحدة فقط: لم يحصل هذا، البتّة. ويُسهب فوكس، في ردّه، في تبيان أنه لم يُتخَذ في المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية أي قرار مخالف للرأي الاستشاري القضائي الذي قدمته المستشارة القضائية للحكومة و(لم يحدث، ولو حتى مرة واحدة، أن المستشارة القضائية قالت في رأي استشاري لها إنه يجب عقد المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية وتقرر عدم عقده”؟!
واضاف معقّباً: “ربما كان هنالك فجوة ما بين الواقع الذي يصفه سكرتير الحكومة وبين ذاك الذي وصفته المستشارة القضائية للحكومة في رسالتها بشأن الخلل في عمل الحكومة. هكذا، على سبيل المثال، قد تكون ثمة أحداث لم تعلم بها المستشارة القضائية إلا قبل وقت قصير جدًا من حدوثها، أو ربما بعد حصولها حتى، وربما كان من الواجب عقد المجلس الوزاري المصغر، برأيها، لكن لم يكن ثمة معنى لقول ذلك، أو ربما لم تتلق صورة واقعية كاملة ولم يُتَح المجال لإعداد رأي استشاري قضائي معقول. لا يمكن معرفة ذلك. لم تتطرق رسالة المستشارة القضائية إلى الجانب القانوني فقط في عمل الحكومة، بل إلى المستويات المهنية بشكل عام، بما في ذلك الأجهزة الأمنية ووزارة المالية. وقد كشفت القناة 12 خلال الأيام الأخيرة النقاب عن رسالة وجهها رئيس (جهاز الأمن العام شاباك) ، رونين بار، إلى أعضاء الحكومة حول خطر إشعال الشرق الأوسط نتيجة دعم أوساط سلطوية ـ حكومية للعنف الذي يمارسه اليمين المتطرف في المناطق. ويكتسب هذا التحذير أهمية أكبر بكثير عند قراءته سوية مع رسالة المستشارة القضائية للحكومة بشأن أنظمة عمل الحكومة”؟!