صحافة وآراء

هل فشلت حرب الغرب بالوكالة على روسيا؟!

بقلم فضل المهلوس    

يبدو أن الحرب بالوكالة ضد روسيا التي يشنها الغرب الاستعماري مستغلاً الأرض والشعب الأوكراني لم تحقق مبتغاها وانسدّت كافة الآمال بإحداث أي اختراق مستقبلي لتحقيق ولو الحد الأدنى المطلوب لتفاوض مقبول يفرض من خلاله هذا الغرب المتوحّش بعضاً من شروطه، وخصوصاً بعد فشل الطلقة الأخيرة التي أطلقها باتجاه كورسك الروسية، أو يساوم على تنازلات روسية في ملفات أخرى لعل أهمها ملف الشرق الأوسط حيث يحتدم الصراع على أشدّه منذ ما يقارب عام أعقب السابع من أكتوبر/ تشرين أول من العام الماضي؟!

بعيداً عن الغرق في التصريحات الأمريكية والغربية المكرّرة والممجوجة، حول التزام الغرب بقيادة المايسترو الأمريكي تجاه دعم نظامها النازي في كييف اللامحدود حتى آخر جندي أوكراني، والإمداد التسليحي النوعي بأحدث الأسلحة والمعدات العسكرية الهجومية منها والدفاعية، وقيادة العمليات الحربية بصورة شبه مباشرة مستخدمة أحدث وسائل تكنولوجيا المعلومات، والتي حالت دون حسم سريع في الميدان الأوكراني، بل وأغلقت كافة الأبواب المحتملة لتسوية سلمية معقولة لهذه الحرب المكلفة والمدمّرة حتى اللحظة، هذه الحرب التي أعد واستعدّ لها الغرب المتوحّش طيلة سنوات طويلة، وأمل منها استنزاف روسيا وتفتيتها ونهب خيراتها الوفيرة وإضعافها لدرجة لا تقوم لها قائمة توطئة لشطبها من أية معادلات دولية مستقبلية قد يضطّر لها مستقبلاً.. فإن قيام وزير الخارجية الأمريكي “اليهودي الصهيوني” وللمرّة الخامسة إلى كييف مسطحباً وزير الخارجية البريطاني الجديد ديفيد لامي، بدعوى كاذبة فحواها مناقشة تخفيف القيود المفروضة على استخدام بعض أنواع الأسلحة الغربية طويلة المدى في استهداف العمق الروسي، وكأنهم لم يستهدفوه بعد، أو لم يتخذوا قراراً باستهدافه، كما أوحى الخرف بايدن عندما سُئِل عن ذلك بقوله: “نحن ندرس الأمر حاليّاً” وتكرار أكذوبة حرصه الزائف على “تجنّب صراع مباشر” بين الولايات المتحدة وروسيا القوّتين النوويتين الرئيسيتين في العالم. وأمّا التبرير المباشر لهذه الزيارة الثنائية، فكان كالمعتاد وبالاستناد إلى فبركات إسرائيلية عن تزويد إيران لروسيا بصواريخ نوعية قد تؤثّر على مجريات الميدان الأوكراني، وقد سبق زيارتهما تبني الغرب لهذه الفبركات كعادته وإعلان دوله وفي مقدمتهم بريطانيا وألمانيا وفرنسا عن فرض حزمة جديدة من العقوبات الغربية على طهران، وإعلان صندوق النقد الدولي عن إطلاقه حزمة مساعدات جديدة لنظام كييف الفاسد وفق تقارير الغرب ذاته مقدارها 1.1 مليار دولار، فضلاً عن إعلان لامي عن مساعدات بريطانية بأكثر من 600 مليون جنيه استرليني تعاد 783 مليون دولار، وتعهد الوزيران دعم أوكرانيا حتى انتصارها الموهوم؟!

اللافت أن هذه الزيارة الثنائية النادرة تأتي عشية زيارة رئيس وزراء بريطانيا المستجد كير ستارمر إلى واشنطن، حيث سيلتقي الرئيس المنسحب بايدن في البيت الأبيض يوم غد الجمعة، وهو ما يعكس إصرار واشنطن على اصطحاب وتوريط بريطانيا العجوز في كافة معاركها الصبيانية، بدءاً بحرب الإبادة والتصفية تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، مروراً بالاعتداءات على اليمن الصابر، وليس انتهاءً باستهداف سوريا والعراق وحتى لبنان؟!

ولعل الاستخلاص الأهم من هذه الزيارة المشتركة وتلك الوعود الوردية، يكمن بأن حرب الغرب ضد روسيا ستستمر وتتصاعد في المدى المنظور، ولا أمل في تراجع الغرب المتوحّش عن أهدافه الواضحة في أوكرانيا. مثلما تشير بما لا يدع مجالاً للشك أن ساحة الصراع مع روسيا آخذة في التوسّع لتشمل منطقة الشرق الأوسط المرّشحة كالمعتاد أن تكون ساحة الحسم الرئيسة بلا منازع، وعلى روسيا أن تعيد حساباتها سريعاً وفق ذلك، وتسارع إلى جانب الحليف الصيني وبقية الحلفاء المعادين لهيمنة وظلم الغرب الاستعماري الذي طال أمده إلى اتخاذ خطوات فعلية ومؤثّرة لمواجهة ذلك بالأفعال قبل الأقوال؟!

كاتب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى