يُمكن أن نصف الذخائر على أنها تكوينات وإبداعات ثقافية تتولد في سياق النضال من رحم الحدث، أي أنها تتشكل في تدفق الحوادث، وبناءاً على ذلك فإنها أشكالاً للفعل بقدر ما هي أشكال للتفاعل، فهي تربط مجموعات من الفاعلين التي تنتمي إليهم؛ لأن الفعل يكتسب معناهُ وفعاليته من التصورات والذكريات والاتفاقات المشتركة، فرغم أن الأفراد والجماعات يعرفون الأفعال في ذخيرة مُعينة وينشرونها، إلا أن الأفعال هي التي تربط المجموعات ببعضها. يُستعمل مُصطلح “ذخائر النضال” (Repertoires of contention) لوصف مجموعة مُتميزة من التكتيكات والاستراتيجيات التي تشكلت عبر الزمن، وتستعملها جماعات الاحتجاج لتسلك بصورة جمعية، بقصد المعارضة لجماعات أخرى ومُقاومتهم، ويُصور دارسوا الحركات الاجتماعية ذخائر النضال على أنها صندوق عُدة متوتر وقابل للتنبؤ يتضمن تكتيكات الاحتجاج التي يستعملها الفاعلون داخل الحركة الاجتماعية. أن التكتيك يتعلق بوضع تصور لكل عمل من الأعمال على حدة، إذ تُتيح المهارات التكتيكية أفضل استفادة من عمل بعينه عبر التطوير الأمثل للوسائل التي تساهم في تنفيذهُ، ويُطبق التكتيك في مجال مُعين محدود ومعروف ومُستقرنسبياً، بينما تُطبق الاستراتيجية في مجال أوسع وأعقد بكثير، و تصعب الإحاطة بها لأنها في تطور مُستمر، وبتعبير أوضح تشمل الاستراتيجية الكفاح اللاعنفي على عمليات إقرار وتخطيط وتنسيق لمُختلف التظاهرات العامة القادرة على إعلام الرأي العام واستنهاضهُ وتعبئتهُ، والأحجام على التعاون الذي يُضعف الخصم، وتشتمل الإستراتيجية كذلك على الإنجازات التي تُتيح تنفيذ برنامج البناء المقابل لبرنامج اللاتعاون، وجميع المُبادرات التي من شأنها تُغير توازن القوى و ضعضعة الخصم، في حين أن التكتيك هو من ينظم كل تظاهرة من التظاهرات العامة، وكُل عمل من أعمال اللاتعاون والعصيان المدني، ولكن كما أشرنا إليه كل على حدة، وإذا ما جمعناهم سوية الإستراتيجية والتكتيك فإنهما سيتضافران للمساهمة معاً في نجاح النضال اللاعنفي.
أن من المعاني الثقافية للذخيرة والتي تتخلل الحركات الاجتماعية هي الشعائر والتي هي مجموعة من الأفعال والاداءات المنظمة باعتبارها مُختلفة عن الحوادث اليومية، فهي أشكال للتعبير الرمزي التي بواسطتها تتم بعض الاتصالات التي تتعلق بالعلاقات الاجتماعية المُرتبطة بحادثة مُعينة، نموذجنا هنا هي الحركات الاجتماعية، حيث هنا وبهذا الموضع تحديداً لها أسلوب مُعين تتخللها (الموسيقى، والتحركات، والمسرح، والتصريحات،…) وهي تُركز على جذب انتباه الجماعة في زمان ومكان مُعينين، مع إمكانية إثارة الانفعالات التي تدعم التضامنات والمُعتقدات للحركة، وتعزز الشعائر بهذا الموضع طاقة عاطفية للجماعة المنتمية للحركة واهتمام مُتبادل يتوق إليه أعضاء الجماعة، وتُنقل عبرها الكثير من المعاني الثقافية، فإن العنصر الشعائري يؤدي دوراً مؤثراً في ممارسة الحركة وإنتاج الهويات، فهي تدعم الهوية وتعكسها، وهناك صيغ ثقافية كثيرة أخرى للذخائر تتداخل في الحراك ويتعامل معها الفاعلون الاجتماعيون بطرق مُختلفة من خلال أتباع الشفرات الثقافية التي يعرفونها ويألفونها، والمتفق عليها سلفاً من قبل أعضاء الجماعة التي تُشكل الحركة الاجتماعية بالأساس، أو من خلال استعمال صيغة ثقافية موجودة وتعديلها بين الحين والآخر بصورة ابتكارية تجديدية. إذا ما توسعنا أكثر بمصطلح “الذخيرة” لوجدناه مُصطلح سياسي- ثقافي على نحو بارز، فهو سياسي من ناحية انه حزمة من الروتينات التنازعية التي تنشأ من النضالات المُتواصلة والمُستمرة المضادة للدولة، ولها علاقة وثيقة في الحياة اليومية والسياسية الروتينية، وأن ما يُقيدها هو أنماط القمع الذي تمارسهُ الدولة، أما من الجانب الثقافي فنزيد على ما ذكرناه أعلاه أن للذخيرة معنى يتركز في عادات النضال (contention) الخاصة بالأفراد على الشكل الذي يتخذهُ الفعل الجمعي نتيجة للتوقعات المُشتركة و الارتجالات المُكتسبة، من هذا المُنطلق لا تُعد الذخيرة حزمة من الوسائل لرفع دعاوى ومطالبات وتقديمها فحسب، بل هي ايضاً ترتيب أو نسق للمعاني التي تنشأ علائقياً في أثناء النضال .